اشتداد شوكة «داعش» يجبر واشنطن على التدخل

أميركا تعاود التورّط في مستنقع الشرق الأوسط

صورة

من أجل الحفاظ على هيبة القوة العظمى، تعتزم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، شن حرب جوية على نطاق واسع ضد تنظيم «داعش»، الذي يتمتع بتنظيم وتزويد وتسليح جيدة، والذي حقق حتى الآن العديد من الانتصارات في العراق وسورية. فبعد 13 عاماً من المواجهات بينها وبين تنظيم «القاعدة»، وحركة «طالبان»، لم تجد واشنطن مناصاً من أن تتجاهل «داعش»، الذي يسيطر الآن على ثلث الأراضي في بلدين، وهي مساحة تفوق مساحة بريطانيا العظمى، وتقطنها ستة ملايين نسمة. هذه المنظمة المسلحة جاءت نتيجة مباشرة لسوء السلوك الذي انتهجته أميركا في العالم الإسلامي.

ومنذ استيلاء «داعش» على الموصل أوائل يونيو الماضي، وهي ثانية أكبر المدن العراقية، اضطر الرئيس الأميركي، باراك أوباما للعودة تدريجياً إلى مستنقعات الشرق الأوسط، بينما ينتظر في الوقت ذاته دعماً سياسياً كافياً من الداخل، ودعماً دولياً واسعاً، لشن حرب. وأمر في 27 أغسطس الماضي، بطلعات مراقبة جوية فوق سورية، ويسعى جاهداً لحشد تأييد من شعبه للاستعداد لصراع آخر في الشرق الأوسط، وتركز الدعاية في البيت الأبيض في المقام الأول على إنقاذ الأرواح الأميركية، ثم مساعدة الأكراد، وإنقاذ اللاجئين على قمة الجبل، واعداً بعدم إرسال قوات برية، على الرغم من أن إحدى القوات الخاصة دخلت القتال، وأكد تلفزيون «ترث آوت» في 29 أغسطس أنه «منذ الأسبوع الثاني في شهر أغسطس، شنت الولايات المتحدة نحو 100 غارة جوية في العراق ونشرت مرة أخرى نحو 1000 جندي في هذا البلد».

وستستخدم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) المقاتلات وقاذفات القنابل، والطائرات من دون طيار، والمراقبة والاتصالات والاستخبارات والقيادة المخفية في الحرب البرية. وتحاول واشنطن الآن تشكيل «تحالف الراغبين» للمساعدة في الدخول في حرب أخرى. ومن ضمن هذا التحالف إيران وتركيا وأستراليا والمملكة العربية السعودية وغيرها.

ويبدو أنه كلما زاد نطاق الأراضي التي يسيطر عليها «داعش»، كلما توحد الشرق الأوسط، المنقسم الآن في ثلاث كتل رئيسة، لمواجهة تهديد «داعش». وستتجه الولايات المتحدة قريبا لقصف مساحات كبيرة من الأراضي يسيطر عليها «داعش» في شمال سورية، لكن القانون الدولي يلزم الولايات المتحدة استصدار إذن من الحكومة السورية. ويقول الرئيس السوري، بشار الأسد، إنه مستعد لمنح الإذن إذا طلبت الولايات المتحدة ذلك واحترمت سيادة سورية. ويرى أوباما، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» أنه «غير مستعد أن ينظر إليه العالم على أنه يساند الحكومة السورية، حتى عن غير قصد».

وأعلن البيت الأبيض في وقت لاحق أنه لم يخطط لتنسيق الضربات، أو يتعاون بأي شكل من الأشكال مع سورية، وترد دمشق بأنه «أي ضربة لم يتم التنسيق بشأنها مع الحكومة السورية سيتم اعتبارها عدواناً»، وهناك شك في أن الحكومة السورية يمكنها أن تفعل أي شيء حيال ذلك، بطبيعة الحال.

في الوقت نفسه، لايزال هناك احتمال أن الهجمات الجوية الأميركية على المناطق التي يسيطر عليها «داعش» في سورية، سوف تتوسع في الوقت المناسب، لتشمل أراضي أخرى يسيطر عليها نظام الأسد، لاسيما إذا تراجعت القوى الجهادية وتعززت قوات الجيش السوري الحر.

ومع مطالبة الكونغرس باتخاذ مزيد من الإجراءات ضد النظام السوري – بدءاً من صقور الحرب المؤثرين مثل المرشحة الرئاسية المحتملة في الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري السابق، جون ماكين - فلن يتبقى لأوباما أي خيار آخر سوى الحرب، لاسيما بعد أن ادعت كلينتون أخيرا أن التقدم الذي احرزه «داعش» تسبب فيه أوباما لأنه لم يقاتل بقوة كافية ضد الأسد.

تويتر