مصير حلب معلّق بمن سينتصر في القتال

السوريون بين وحشية «داعش» وحصار النظام

ميليشيات «داعش» تحتفل بالسيطرة الكاملة على محافظة الرقة. رويترز

يجد السوريون الهاربون من بلادهم عبر الحدود مع تركيا أمام أمرين مرين لا ثالث لهما، فإما أن تكتسح ديارهم ميليشيات الدولة الإسلامية «داعش»، أو أن يحاصرها الجيش النظامي، والسؤال ليس هو من الأسوأ، لكن من سيأتي أولاً. ففي مدينة حلب استطاع الجيش الحكومي بعد تسعة أشهر من حرب البراميل المتفجرة أن يستعيد المنطقة شارعاً شارعاً، ما جعل المواقع التي يسيطر عليها الثوار أثراً بعد عين. وفي المنطقة المحيطة بالمدينة تتربص قوات «داعش» للانقضاض على المدينة انطلاقاً من مدينة عزاز الحدودية، وهي البوابة المؤدية إلى طريق الإمداد الرئيس الذي تستخدمه بقايا الجيش الحر والطريق الذي يسلكه المدنيون الراغبون في مغادرة البلاد. وبالنسبة للعديد من الأشخاص العالقين داخل هذه الخطوط الأمامية فإن احتلال ثاني أكبر المدن السورية يعد الحلقة الأخطر حتى بالنسبة للذين ذاقوا بطش النظام أو الأفعال المشينة للثوار أو القبضة الحديدية لميليشيات «داعش»، فجميعهم يهربون الآن عبر الحدود للنجاة بأنفسهم.

ويقول الإسكافي وليد باج، الذي عبر الحدود إلى سورية «ظللت مقيماً في حلب خلال القتال الذي دار بين القوات النظامية والجيش الحر، وخلال القتال بين الجيش الحر وميليشيات الدولة الإسلامية أيضاً». ويواصل قائلاً «أجبرتني البراميل المتفجرة على نقل عائلتي إلى مدينة عزاز قبل ثلاثة أشهر، والآن نخشى أن تصل قوات الدولة الإسلامية إلى هناك أيضاً. وتضاعفت حصيلة القتلى في سورية خلال العام الماضي، إذ قضى أكثر من 191 ألف شخص في هذا الصراع منذ عام 2011، ومع دخول القتال المتقطع بين الجيش النظامي والثوار و«داعش» مرحلة جديدة، يبدو أنه ليس هناك حتى فرصة ضئيلة للمدنيين المتعبين لالتقاط أنفاسهم.

وبدأت قوات الدولة الإسلامية عدوانها من جديد قبل أسبوعين لتستولي على مدن أخترين وتركمان وبارح والفوز، مستخدمة في ذلك ــ حسب اعتقاد قادة الجيش الحر ــ أسلحة أميركية غنموها من قواعد الجيش العراقي. وتلتحم ميليشيات الدولة الإسلامية في قتال شرس مع الثوار، الأمر الذي أشاع الذعر حتى داخل المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية. ويقول أحد قادة الجبهة الإسلامية، إن «أكثر من 500 مقاتل تدفقوا من الرقة نحو مدينة الباب وبدأوا في مهاجمتنا بالدبابات»، ويضيف «نعاني نقصاً خطيراً في الأسلحة والذخائر مقارنة بالعتاد الذي تتسلح به ميليشيات الدولة الإسلامية، الذي غنمته في العراق».

وأصبحت إعزاز والريف المحيط بها والمؤدي إلى حلب أرض معركة أساسية منذ الصيف الماضي عندما استولت عليها قوات الدولة الإسلامية من قوات الجيش الحر، وفي يناير من هذا العام شن الجيش الحر هجوماً مضاداً واستولى على المنطقة، وإذا فقدوها للمرة الثانية فإن العواقب ستكون وخيمة، فقد يؤدي ذلك إلى محاصرة هذه القوات التي تحارب ضد خصمين قويين، وسيواجه المدنيون المتبقون الجوع مثلما حدث في حمص، وعمليات انتقام فظيعة على يد مقاتلي الدولة الإسلامية.

وهب لواء الثوار في مدينة حلب لمساعدة عناصر الثوار المحليين في مدينة مارع، إلا أن ذلك أضعف وضع قوات الثوار في المدينة وجعلها عرضة للهجوم البري من قبل الجيش النظامي. واستطاعت القوات الحكومية استعادة منطقة الشيخ نجار الشهر الماضي، ويخشى قادة الثوار أن تشن قوات الحكومة من هناك هجومها الأخير على قوات المعارضة في حلب.

وإذا سقطت حلب فإن الجسم الرئيس للثوار السوريين يكون قد فقد جميع مناطقه التي غنمها من الحكومة في الشمال باستثناء مناطق من ريف إدلب. وسقطت مدينة حمص، التي تعد مهد الثورة المسلحة، في يد القوات الحكومية في مايو، واستولت «داعش» على مدينة دير الزور مباشرة بعد استيلاء تلك القوات على الموصل في العراق.

تويتر