اعتبر امتلاك طهران أكثر من 19 ألف جهاز طرد مركزي دليلاً على نيتها الحصول على سلاح نووي

أغناتيوس: أنصح دول الخلــيــــج بعدم التسرع في التقارب مع إيـــران

صورة

أكد الكاتب والمحلل السياسي والاستراتيجي في صحيفة «واشنطن بوست» ديفيد أغناتيوس، أن على الولايات المتحدة ودولة الإمارات التعلم من بعضهما بعضاً لأن في ذلك منفعة لكلا البلدين، وبالذات في ما يتعلق بتغيير سلوك إيران في المنطقة. ونصح دول الخليج بألا تتسرع في التقارب مع طهران، وألا تعقد محادثات معها بشكل متسرع فالملف النووي الإيراني لايزال في يد أميركا، على حد قوله.

تفصيلاً، قال أغناتيوس إن الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين اميركا وإيران كان مفاجأة للجميع، حتى إن المفاوضات في عُمان كانت كذلك، وكان ينبغي لأميركا أن تشرك حلفاءها وأصدقاءها بالمشورة، لأن هذا الأمر يمس الولايات المتحدة وغيرها من الدول.

واعتبر ما قامت به دولة الإمارات من ترحيب كأول دولة عربية بهذا الاتفاق، يدل على رؤية استراتيجية تتمتع بها الدولة، من حيث تقييمها للموقفين السياسي والدبلوماسي في المنطقة، والتغيرات التي تحدث تبعاً لذلك. معرباً عن اعتقاده بأن الاتفاق الذي ابرم ليس نهاية المطاف، حيث يبدو الاتفاق إيجابياً بصفة عامة، لأنه يجمد برنامج إيران النووي ويسمح بتفتيش يومي لمنع أي مخادعة.

وأضاف في هذا الصدد: « نحن نريد أن نخفف من خطر إيران النووي على المنطقة والعالم. فهذا الاتفاق صفقة جيدة للجميع، لأنه يسعى إلى بلورة حل شامل يعطي إيران فرصة توليد الطاقة النووية السلمية لأغراض مدنية، مثل توليد الكهرباء، ويمنع التخصيب الذي قد يفضي إلى صنع سلاح نووي».

وأكد اغناتيوس أن على اميركا والإمارات التعلم من بعضهما بعضاً، لأن في ذلك منفعة لكلا البلدين.

100 مليار دولار

قال كيسنجر عام 2006 عبارة شهيرة مفادها «إن على إيران أن تقرر إذا ما كانت تريد أن تكون أمة أم قضية»

«أمة أم قضية»

خسائر إيران المتوقعة في حال استمرار العقوبات عليها في عام 2014 ستصل إلى أكثر من 100 مليار دولار، وهذا أمر سيدمّر الاقتصاد الإيراني لعقود مقبلة، ما يعني أن إيران لابد لها من أن تلتزم بالاتفاق النووي المبرم لتتجنب أي ردود غير مناسبة من قبل الدول الكبرى.

فعلاقات الصداقة القديمة بين الدولتين ستسهم في تطوير التعاون بين واشنطن وأبوظبي في المجالات كلها، وليس في المجالين العسكري والأمني فقط. ويجب على الإمارات خصوصاً، التعاون مع الإدارة الأميركية في ما يتعلق بتغيير سلوك إيران في المنطقة.

 

نصيحة

ونصح اغناتيوس دول الخليج، ودولة الإمارات خصوصاً، بعدم التسرع في التقارب مع طهران وألا تعقد محادثات معها بشكل متسرع، فالملف النووي الإيراني لايزال في يد الادارة الأميركية. مشيراً إلى ان رد فعل دول الخليج يجب ان يكون بحسب تصرفات إيران.

ويجب أن تضمن هذه الدول أنها لن تتعرض للخطر جراء تهديدات إيران المتواصلة لها، وأن يكون لدى إيران حس بقلق جيرانها من برنامجها النووي، وتدخلاتها في شؤونهم الداخلية.

وأضاف: «نعلم أن دول الخليج قد انتابتها حالة من الامتعاض الشديد والصدمة، التي جعلت بعض الدول تسعى إلى تحالفات مع غيرها من الدول، ولكن أقول لدول الخليج إن الولايات المتحدة لن تتخلى عن تحالفاتها وأصدقائها في المنطقة، إذ ترتبط معهم بعلاقات قديمة ومتينة».

 

قدرات إيران

وأشار اغناتيوس إلى ان لدى إيران قدرات كبيرة عسكرياً، وأن الغرب يعلم أن مَنْ يريد توليد الطاقة الكهربائية من مصادر نووية لا يحتاج إلى مفاعلات نووية مخفية في أماكن جبلية، أو تحت الأرض أو في تحصينات لا يمكن الوصول إليها مثل مفاعلات «أراك» و«قم» و«فوردو»، كما لا تحتاج تلك المفاعلات إلى الماء الثقيل الذي لا يستخدم إلا لصنع القنبلة النووية.

لذلك كان الاتفاق من أجل احتواء القدرات النووية الإيرانية والتعامل معها لحماية المنطقة والعالم من ويلات هذا السلاح. فلدى إيران أكثر من 19 ألف جهاز طرد مركزي وهذا دليل على نياتها الحصول على سلاح نووي.

وأكد اغناتيوس في المقابلة، ان العقوبات لعبت دوراً في تغير السلوك الإيراني، اذ أثرت بشكل كبير في طريقة تفكير القيادة والشعب الإيرانيين.

فعلى الرغم من أن تلك العقوبات لم ترغم الإيرانيين مباشرة على الجلوس إلى طاولة الحوار، خوفاً من الانهيار الاقتصادي للدولة، الا أنها أسهمت بشكل كبير في تغيير موازين القوى السياسية في الداخل الإيراني منذ عام 2009، حيث مهدت العقوبات الطريق لانتخاب حسن روحاني عام 2013. ونظراً إلى أن روحاني يختلف عن الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، الذي كان يجاهر ليلاً ونهاراً ببرنامج إيران النووي، وحق إيران في امتلاك سلاح نووي للردع، كان رد الإدارة الأميركية واضحاً بأن تقديم أي شكل من أشكال الدعم لحكومة روحاني سيؤدي حتماً إلى إقناع الشعب الإيراني بأنه حان الوقت للتغيير. فاستمرار العقوبات من دون تخفيفها أو تقديم أي حافز لطهران، سيؤدي إلى تقويض أداء حكومة روحاني الحالية، وضعف ثقة الشعب به، لذلك كان رفع الحظرعن سبعة مليارات دولار بمنزلة مساعدة لروحاني.

 

أفضل المتاح

وأستشهد بما تحدث به الرئيس أوباما أمام المنتدى السنوي لـ «مركز سابان للسياسة في الشرق الأوسط» في «معهد بروكينجز» في واشنطن، بحضور جمهور كبير من السياسيين والأكاديميين والدبلوماسيين والصحافيين، إذ قال إن أفضل حل لقضية النووي الإيراني هو ما تم التوصل إليه، حيث إن اتفاق جنيف بين إيران ومجموعة (5+1) كان «أفضل المتاح». ففرص نجاح المفاوضات مع إيران تشكل 50% وفي حال عدم التزام إيران بالاتفاق المرحلي فإنه سيتم تمديد الاتفاق لستة أشهر أخرى، شرط أن يكون قد تمّ التوصل إلى تقدم، ولو كان بسيطاً في تنفيذ الاتفاق خلال الأشهر الستة الأولى. وفي حال التمديد ستة أشهر من حدوث تقدم والتزام من الجانب الإيراني، سيتم تشديد العقوبات الاقتصادية، حيث إن خسائر إيران المتوقعة في حال استمرار العقوبات عليها في عام 2014 ستصل إلى أكثر من 100 مليار دولار، وهذا أمر سيدمّر الاقتصاد الإيراني لعقود مقبلة، ما يعني أن إيران لابد لها من أن تلتزم بالاتفاق النووي لتتجنب أي ردود غير مناسبة من قبل الدول الكبرى. وأشار اغناتيوس، إلى أن لكل دولة الحق في امتلاك برنامج نووي سلمي لغايات توليد الطاقة، وهذا الأمر ينطبق على إيران. والرئيس أوباما يعتبر صفقة إيران النووية مكسباً توج سنوات من المحاولات الجادة لحلحلة هذه المعضلة مع إيران. فهو أحد أنواع الدبلوماسية السرية التي كان يؤيدها هنري كيسنجر، وزير الخارجية السابق، حيث عقدت اجتماعات سرية في مارس الماضي في عمان، وأوفد حينها الرئيس أوباما مبعوثين هما: نائب وزير الخارجية ويليام بيرنز، ومستشار نائب الرئيس جو بايدن للأمن القومي جيك سوليفان، لقد كانت تلك العملية بمنزلة خدعة للأنظار أو خداع بصري، فبينما كانت الأنظار متجهة نحو جنيف حيث مفاوضات إيران مع مجموعة (5 + 1)، فإن المفاوضات الأهم كانت في مكان بعيد عن الأنظار بعمان. وبعدما تم الاتفاق قُدم جاهزاً لوزراء خارجية روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في جنيف قبل أسبوعين كأمر واقع تقريباً.

وأكد اغناتيوس ان احتمالات فشل الاتفاق واردة، وأستذكر عبارة قالها كيسنجر عام 2006، حيث قال يومها «إن على إيران أن تقرر إذا ما كانت تريد أن تكون أمة أم قضية»، وهذا معناه واضح أن الطريق للخروج من أزمة إيران، والورطة التي أوقعها فيها مسؤولوها السابقون هي في الهروب إلى الإمام، نحو مفاوضات لنزع سلاحهم النووي، مع عدم السماح لإيران بإمساك العصا من المنتصف لأن ذلك سيسبب زعزعة المنطقة.

تويتر