تشترط عليهم تقديم كشف بمكالماتهم الهاتفية ومراسلاتهم البريدية

إسرائيل تستنزف العائلات المقدسية بإجراءات «لمّ الشمل»

سلطات الاحتلال تستهدف تفريغ القدس من الفلسطينيين من خلال التشدد في إجراءات «لمّ الشمل». الإمارات اليوم

المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون، خصوصا سكان مدينة القدس المحتلة، لا تتوقف عند ممارسات إسرائيلية معينة، كالسيطرة على الأراضي وهدم المنازل وعمليات التهجير والتهويد، بل تتعدى ذلك لتصل إلى انتهاك خصوصيتهم، والتدخل في حياتهم الشخصية بشكل يصل إلى حد الابتزاز.

فقد أضافت وزارة الداخلية الإسرائيلية، مطلع العام الجاري، شرطاً جديداً إلى العائلات المقدسية، عند التقدم بطلب لم الشمل أو الحصول على تصاريح إقامة في القدس، ينتهك خصوصياتهم، إذ تشترط الداخلية على العائلات تقديم كشف بالمكالمات الهاتفية بين الزوجين مقدمي طلب لم الشمل، إضافة إلى سجل بالمراسلات عبر البريد الالكتروني، بل يصل بهم الأمر ـ في بعض الحالات ـ لطلب ألبوم صور الفرح للتأكد من إثبات الزواج.

هذا الشرط الذي يواجهه أي مقدسي متزوج من أي فلسطينية من خارج القدس أو العكس، يضاف إلى ‬24 وثيقة ومستنداً، تشترط وزارة الداخلية على العائلات المقدسية تقديمها، مقابل الحصول على لم الشمل.

وحول هذه الشروط المجحفة، يقول مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان في القدس المحتلة رامي صالح لـ«الإمارات اليوم»، إن طلب لم الشمل للعائلات المقدسية، التي تقيم خارج القدس أمر محظور عليهم، «فأي مقدسي يحمل الهوية المقدسية (الزرقاء)، ومتزوج من أي فلسطينية خارج القدس يواجه معاناة كبيرة في الحصول على لم الشمل وتصريح لإقامتها داخل المدينة المقدسة».

ويضيف، أن طلب الحصول على لم الشمل أو الإقامة داخل القدس، غالبا ما يتم رفضه من قبل الاحتلال، إذ إن أي مقدسي تحمل زوجته هوية الضفة الغربية ويقل عمرها عن ‬25 سنة، لا يمكن لها التقدم بطلب الحصول إقامة كي تسكن مع زوجها في القدس، وفي المقابل فإن الزوج حامل الهوية الفلسطينية من خارج المدينة المقدسة والذي يقل عمره عن ‬35 سنة، لا يمكنه التقدم بطلب لم الشمل مع زوجته المقدسية أو الحصول على تصريح مؤقت.

وبحسب صالح، تفرض وزارة الداخلية الإسرائيلية على أي مواطن مقدسي، يريد الحصول على لم الشمل، تقديم وثائق وأوراق ثبوتية كثيرة تصل إلى ‬24 وثيقة ومستندا، منها، عقد الزواج، وشهادة حسن سير وسلوك من الجهات الأمنية الفلسطينية، وشهادة تثبت عدم وجود أي نشاط أمني له في مقاومة الاحتلال، إضافة إلى فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات، وفواتير الهاتف التابع للشركة الإسرائيلية، إلى جانب إثبات التزامه بدفع ضريبة الأرنونا (المصروفات)، التي تفرضها بلدية الاحتلال في القدس.

ويوضح صالح، أن من بين الشروط والمستندات التي تفرضها وزارة الداخلية، تعبئة نموذج خاص تحت عنوان السيرة الذاتية، «وهذا النموذج يندرج ضمن بند المعلومات الاستخباراتية، إذ يشترط على مقدم طلب لم الشمل أن يذكر جميع المعلومات الخاصة به هو وجميع أفراد عائلته وأقاربه، وأن يذكر أرقام هواتفهم وطبيعة ومكان عملهم، والأنشطة التي يمارسونها»، حتى يتسنى للجهات الأمنية الإسرائيـلية إجراء فـحص أمني دقيق لجميع من يتم ذكر اسمهم في النموذج، وإذا ثبت أن أحد أقاربه «ممنوع أمنياً» يرفض الطلب بشكل نهائي.

ويضيف، أن أخطر الشروط التي تفرضها الداخلية الإسرائيلية، «هو الاشتراط على صاحب طلب لم الشمل أن يقدم كشفاً بالمكالمات بينه وبين زوجته وجميع البيانات الخاصة فيها، إلى جانب كشف مراسلات البريد الإلكتروني، كما تشترط في بعض الحالات تقديم الألبوم الخاص بالفرح لإثبات الزواج».

ويصف الناشط الحقوقي هذا الشرط بأنه مجحف وأحد أنواع الابتزاز، التي يمارسها الاحتلال بحق المقدسيين، كما يعد انتهاكاً صارخاً لخصوصية وحقوق العائلات الفلسطينية.

ويوضح أن السياق الرئيس لهذه الشروط هو سياق استخباراتي، من أجل تتبع تحركات الفلسطينيين، وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عنهم، ومعرفة من يوجد له نشاط أمني ضد الاحتلال.

ويقول إن «هذه الشروط لها بُعد خطير، وهو تفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين، حيث إن الاحتلال فرض واقعاً مأساوياً على القدس، وحرم أي فلسطيني دخولها، إلا بعد الحصول على إذن خاص من وزارة الداخلية الإسرائيلية، فعدم حصول العائلة على لم الشمل يدفعها إلى السكن خارج القدس، حتى تتمكن من الإقامة في مكان واحد بدلا من التشتت».

ويضيف، أنه «إذا لجأت المواطنة المقدسية للعيش مع زوجها خارج القدس بعد أن يمنع من الحصول على لم الشمل، تفقد هويتها وتحرم إقامتها في القدس بعد سبع سنوات، وهذا الأمر ينطبق على الأبناء أيضا».

ويشير صالح إلى أن أكثر من ‬100 مقدسي فقدوا حق الإقامة في القدس، خلال عام ‬2012 الماضي، وسحبت هوياتهم المقدسية.

وكان مركز القدس تقدم بطلب التماس للدائرة القانونية في وزارة الداخلية الإسرائيلية، للاعتراض على هذه الشروط، والعمل على إيقافها كونها تنتهك خصوصية العائلات الفلسطينية.

ويقول الناشط الحقوقي «حال تم رفض الالتماس من قبل وزارة الداخلية، سنتوجه إلى المحكمة الإدارية، ومن ثم المحكمة العليا الإسرائيلية، من أجل الاعتراض على هذه القرار الذي أثار غضب كل فلسطيني، وليس فقط العائلات المقدسية التي تحتاج إلى قرار لم الشمل».

تويتر