الوضع التركي يُشكل له تحدياً إضافياً

المالكي يخشى سقوط النظام السوري وصعود السنّة

لا يتوقع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي سقوط الرئيس بشار الأسد، ومنذ بداية الثورة السورية حتى تحولها إلى شبه حرب أهلية واصل المالكي نشاطه من أجل منع تسليح الطرفين. وكان المالكي يهدف من خلال الحفاظ على الأمر الواقع، إلى ضمان سيطرة قوات الحكومة المدججة بالأسلحة الثقيلة التي تسيطر عليها الطائفة العلوية، على الثوار السنة. وبناء عليه انحازت سياسات المالكي الى جانب الأسد والإيرانيين، إذ بذل كل جهد لمنع قيام حكومة سنية في دمشق.

وأصبح نظام المالكي أكثر قمعاً خلال الربيع العربي، الذي لم يؤد حتى الآن إلى قلب التوازن بين الشيعة والسنة والأكراد، الذين يشكلون مراكز القوى في العراق. لكن تحول سورية إلى نظام إسلامي او حتى وجود حكومة سنية معتدلة في دمشق من شأنه أن يشعل عنفوان السنة والأكراد. وكلا الجماعتين يكن السخط للمالكي الذي يتحول إلى شخص مستبد.

ومنذ مغادرة الجيش الأميركي العراق في نهاية عام 2011 تمكن المالكي من تقوية سلطاته، والقضاء على منافسيه من السنة، وشدد سيطرته على أجهزة الأمن العراقية، خصوصاً من خلال ابنه احمد الذي عينه نائباً لرئيس الأركان. وإضافة الى ذلك، حسب ما يقوله السنة والأكراد، فإن المالكي انتهك بنود ما يعرف باتفاق اربيل الذي أكد الحفاظ على امتيازات كل جماعة عرقية أو دينية في العراق، لكن كل ذلك لن يكون كافياً لحمايته إذا سقط الأسد.

ويُشكل الأكراد مشكلة عويصة بالنسبة للمالكي. وبالنظر الى أنهم يشعرون بالقلق على وضع الحكم الذاتي الذي يتمتعون به، فإنهم يقاومون جهود إعادة المركزية الى العراق، كما يحاول أن يفعل المالكي، تماماً كما قاوموا الرئيس الراحل صدام حسين من قبله. وأصبحت علاقة الأكراد مع بغداد متوترة جداً خلال الأسابيع القليلة الماضية، في الوقت الذي يتهم فيه المالكي الأكراد بتصدير النفط بصورة منفردة.

وفي الوقت ذاته، فإن الأكراد السوريين الذين كانوا مكبوتين سابقاً، والذين يربوا عددهم على مليوني شخصن بدأوا يعبرون الحدود بصورة متزايدة الى حكومة الأكراد المحلية في العراق التي رحبت بهم بشدة، وحتى الآن تمكن نحو 7000 كردي سوري من الوصول إلى كردستان العراق.

وبالنظر الى أن قادتهم فشلوا في الحصول على اعتراف رسمي بوضعهم كأقلية من المعارضة السورية، تزايد التوتر لدى العديد من اكراد سورية، وحفزوا على الهرب نحو كردستان العراقية، وليس الى تركيا، إذ لايزال ابناء عمومتهم لا يحظون بحقوقهم كأقلية. وتعزز هذا الاضطراب بسبب أنصار الأسد من الأكراد، مثل حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يعمل على ترهيب الأكراد السوريين عن طريق عمليات الخطف، والضرب والاعتداء على المدنيين عند نقاط التفتيش.

وفي الـ19 من يوليو الجاري، أغلق العراق معبره الحدودي الرئيس في القيم، وأرسل عدداً من الجنود الى الحدود السورية. وفعل ذلك بصورة شكلية رداً على إغلاق الجيش السوري الحر لمنفذ البوكمال الحدودي، لكن من المنطقي الافتراض ان تدفق اللاجئين الأكراد الى العراق أثار بعض القلق لدى المالكي، لأن آخر ما يتمناه المالكي تدفق اعداد كبيرة من الأكراد السوريين، الذين يمكن أن يهاجروا الى كركوك والموصل ويعززوا مطالب الأكراد بأنهما مدينتان كرديتان، إذ تعتبر المدينتين من اهم مدن شمال العراق انتاجاً للنفط.

ويبدو أن العراق يعيش على شفا حافة انفجار آخر، إذ إنه من الواضح أن المالكي يريد المضي قدماً في تنفيذ أجندته الشخصية، التي تحظى بدعم ايران ورضا الإدارة الأميركية. ولكن الأحداث في سورية لا تسير في الاتجاه الصحيح من وجهة نظر المالكي. وإذا سقط الأسد فعلاً، فإن المالكي يمكن أن يجد موقفه اقل استقراراً من الفترة التي كان يختبئ فيها خلف آلاف الجنود الأميركيين الذين كان يطالب بقوة بانسحابهم من العراق.

دوف زاكيم نائب وزير الدفاع الأميركي السابق

تويتر