رقم 54 في القارة الإفريقية.. والـ 192 على مستوى العالم

السودان الجنوبي.. ولادة دولة من رحم «الوحدة»

مشاعر السودانيين تختلط بين الحزن والفرح. أ.ف.ب

أيام قليلة تفصلنا عن إعلان قيام جمهورية السودان الجنوبي، والذي يصادف يوم التاسع من يوليو الجاري، وهو يوم تختلط فيه مشاعر السودانيين بالحزن والفرح شمالا وجنوبا، بعد ان قالت السياسة كلمتها الفصل بعد ستة أعوام من اتفاقية نيفاشا للسلام، والاستفتاء المفصلي الذي أجري في التاسع من يناير الماضي، وانتهى بتأييد الأغلبية الساحقة من الجنوبيين الانفصال عن الشمال.

حكومة الخرطوم الشريك السابق ستكون اول من يعترف بالدولة الوليدة التي خرجت من رحم «الوحدة» التي طالما تمسك بها السودان، منذ الاستقلال عام ،1956 وطيلة فترة الحكومات التي تعاقبت على الحكم عسكرية كانت أم ديمقراطية، وحتى الحكومة الحالية برئاسة عمر البشير كانت تصر على الوحدة الجاذبة ولم تضع في الحسبان وجود «لغم» في الاتفاقية وقت لانفجاره بعناية ودقة متناهيتين، حتى ان شريكها في الاتفاقية زعيم الحركة الشعبية جون قرنق «الوحدوي» رحل بعد شهر واحد من التوقيع في حاث تحطم طائرته، ودفن معه حلم الوحدة ليطل شبح الانفصال الذي اصبح واقعا لا مناص منه.

لا غرو أن نشاهد تسارع الاعترافات من دول العالم خصوصا الغرب بدولة الجنوب السوداني ورئيسها سيلفا كير ميارديت، وعاصمتها جوبا.

جنوب السودان كان مهيئا للانفصال منذ الاستعمار الذي عمل على تقسيم السودان معنويًا قبل أن يصبح حدوديًا، وأجج لكثير من الصراعات الإثنية واللغوية والعرقية والدينية، وارتفعت اصوات تطالب باستقلال الجنوب، وبعدها ظهرت حركات التمرد والعمليات العسكرية الى ان تم فيعام 1972 توقيع اتفاقية أديس أبابا التي أعطت للإقليم الجنوبي الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد، إلا أنه في يوليو وسبتمبر من عام ،1983 أصدر الرئيس وقتها جعفر نميري قرارات عدة، أطاحت الاتفاق، منها تقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم، ونقل الكتيبة (105) وبعض الجنود إلى الشمال، وكلفت الحكومة العقيد جون قرنق بتأديب الكتيبة، إلا أنه أعلن انضمامه إلى المتمردين مؤسسًا الحركة الشعبية لتحرير السودان، وأعلن أن هدف الحركة هو «تأسيس سودان علماني جديد» قائم على المساواة والعدل داخل سودان موحد. وتوالت العمليات العسكرية وجولات المفاوضات حتى توقيع «بروتوكول ماشاكوس» الكينية وأخيرا في نيفاشا، حيث وقعت الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقية السلام الشامل في 9 يناير ،2005 التي نصت في آخر بنودها على حق تقرير المصير للجنوب عام ،2011 وهو ما تحقق بالانفصال، الذي قسم أكبر دول إفريقيا، وأعاد رسم خارطة القارة السمراء بقيام الدولة الـ54 فيها، والـ192 على مستوى العالم.

تبلغ مساحة جنوب السودان أكثر من 600 ألف كم مربع تقريبًا، وحدوده من الجنوب الشرقي إثيوبيا وكينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن الغرب جمهورية إفريقيا الوسطى، ومن الشمال بقية ولايات السودان.

ويقدر سكان جنوب السودان بأكثر من سبعة ملايين نسمة، ويشكل المسيحيون نحو 70 إلى 85٪ من السكان، معظمهم كاثوليك وأنجليكانيون، وتقدر نسبة المسلمين بنحو 12٪ من السكان، وتوجد في الجنوب السوداني مجموعات قبلية ولغات أكثر من الشمال، ولغة التعليم والحكومة والأعمال هي الإنجليزية، وهي اللغة الرسمية منذ عام ،1928 واعترف بها لغة أساسية للجنوب أواخر الثمانينات، واللغة العربية المتميزة في الجنوب تعرف باسم «عربي جوبا».

ويمتاز الجنوب السوداني بأنه منطقة غنية بالموارد الطبيعية، ويعتبر البترول من أهم الصادرات، إذ تتركز فيه ما نسبته 85٪ من احتياطي السودان.

سيدة الجنوب الأولى

أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن، لمعرفة بعض الحقائق عن السيدة الأولى للدولة الوليدة، بعد ان اختار الجنوبيون الانفصال عن السودان، فكل المعلومات عن السيدة الأولى للجنوب السوداني يلفها الغموض.

ورغم آلاف الصور التي التقطت على مراحل لنائب الرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت في جميع المناسبات، خصوصا تلك التي تجمعه مع نساء أخريات في الداخل والخارج، فإن لزوجة «سلفا» كما يسميه شعب الجنوب صورة واحدة فقط على الإنترنت، وعثرت عليها «العربية.نت» وفيها تبدو ماري آن ميارديت كما يقولون عنها تماما: فلاحة ابنة فلاح، وشبه أمية، إن لم تكن أمية تماما، فهي لا تعرف العربية ولا الإنجليزية، ولسانها لا ينطق سوى كلمات لغة الدينكا، كبرى قبائل الجنوب السوداني، ولم ير أحد إلى الآن أي نص مكتوب باسمها.

والصورة الوحيدة لها حسب مقال في صحيفة «الانباء» الكويتية تعود إلى زيارة سلفا كير لبيته الريفي في قرية أكوا مسقط رأسه، والتي اضطر فيها أن يطلب من زوجته مرافقته، وخلال تلك الزيارة التقطت صور عدة لسلفا، وفي بعضها ظهرت زوجته آن ميارديت.

كل المعلومات عن آن ميارديت أن عمرها بين 50 و53 سنة وأنها ربة منزل تقيم مع زوجها وبعض أولادها الثمانية في القصر الرئاسي الجديد بمدينة جوبا، وهو قصر متواضع كان موجوداً أصلاً وأجريت عليه اصلاحات خفيفة.

ونقلت صحيفة «الوطن» السودانية في مقابلة مع من وصفته بأنه صديق ورفيق لسالفا كير، وهو اللواء عرديب، قوله ان زوجة الفريق سلفا كير إغريقية الوالد وجنوبية الأم من دينكا بحر الغزال، وهي أم لستة أبناء بينهم توأم من ابنتان وجميعهم يدرسون في كينيا.

وفي موقع للتواصل الاجتماعي بالإنجليزية بين السودانيين الجنوبيين خصوصا، أثار عضو في الموقع اسمه غرانغ دهيو الجدل بقوله: «السيدة ميارديت أمية وفلاحة ولا تعرف العربية ولا الإنجليزية، فهل يمكن أن تكون هي السيدة الأولى، أم يختار الرئيس إحدى بناته لتقوم بهذا الدور»؟ ثم يبدأ الأعضاء بالتحاور، ومنهم من أيد فكرة الابنة ومنهم من دافع عن تولي الزوجة نفسها منصب السيدة الأولى.

 

تويتر