أزمة المحافظين في إيران تشجّع على عودة الإصلاحيين

مهدي كروبي. أ.ف.ب

يسعى الإصلاحيون الإيرانيون المهمشون منذ الانتخابات الرئاسية في ،2009 للاستفادة من الصراع الدائر بين الرئيس محمود احمدي نجاد وخصومه، داخل الفريق المحافظ في الحكم، لعودة خجولة الى المسرح السياسي والاعلامي. فبعد اعادة انتخاب احمدي نجاد المثيرة للجدل في يونيو ،2009 والاضطرابات التي اعقبت ذلك، تم توقيف العديد من المسؤولين الإصلاحيين، وصدرت بحق بعضهم احكام شديدة.

فقد وضعت السلطة قيد الإقامة الجبرية شخصيتين بارزتين من الفريق الإصلاحي، هما رئيس مجلس الشورى السابق مهدي كروبي، ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، اللذين نددا بعمليات تزوير كثيفة في الانتخابات، وتزعما حركة احتجاج خلفت عشرات القتلى. لكن التيار الاصلاحي بدأ يستعيد انفاسه خلال الأسابيع الأخيرة في ظل خلاف حاد بين احمدي نجاد وقسم من المحافظين القلقين من «تيار انحرافي»، يحرك برأيهم من داخل السلطة التنفيذية من قبل المدير النافذ لمكتب الرئيس، رحيم مشائي. ولم تتردد شخصيات عدة من المحافظين المتشددين في القول ان هذا «التيار الانحرافي»، الذي يهدف في نظرهم الى نسف اسس الجمهورية الاسلامية، «اخطر من التمرد»، وهو التعبير الرسمي الذي يقصد فيه منذ سنتين المعارضة الإصلاحية.

مير حسين موسوي.   أ.ف.ب

وفي هذا السياق، جاءت صحيفتان إصلاحيتان، «اعتماد» ـ منع القضاء صدورها لبعض الوقت ـ و«روزغار» (الزمن) لتعزز وضع ست صحف صمدت امام القمع، خصوصاً «شرق» و«ارمن»، فهذه الصحف اسهمت في فتح جدل حول فرصة مشاركة الاصلاحيين في الانتخابات التشريعية المقبلة التي ينقسم بشأنها المحافظون. واذا رفض الإصلاحيون الأكثر تشدداً مثل هذه المشاركة، فإن آخرين ينظرون اليها بجدية، خصوصا بين الـ50 نائباً إصلاحياً (من اصل 290) الذين بدأوا يسمعون صوتهم مجدداً. وقال احدهم مصطفى كوكبيان، قبل وقت قصير «نحن من انصار الاصلاحات داخل النظام ونرفض التحركات بغية الإطاحة به».

ويسعى الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، من جهته الى ايجاد طريق وسطي يسمح للإصلاحيين بالعودة الى الساحة السياسية، وقد اخذ يبتعد منذ سنة بمواقفه عن موسوي وكروبي، خصوصاً من خلال رفضه الدعوة الى تظاهرات في الشارع، لكن مع مواصلة المطالبة بالإفراج عنهما وعن جميع السجناء السياسيين. ودعا في الآونة الأخيرة الى مصالحة وطنية، مؤكداً من جديد ولاء الإصلاحيين للنظام الإسلامي، ما اثار الانتقادات لدى المتشددين من المحافظين والإصلاحيين على حد سواء. وقال «يتوجب على الجميع الصفح والتطلع الى المستقبل»، مؤكدا ان «الحركة الإصلاحية ناضلت دوماً من اجل تعزيز النظام»، وتبقى متمسكة «بالجمهورية الاسلامية ومثلها العليا». واستعاد الرئيس السابق تصريحات اخيرة للمرشد الأعلى للجمهورية اية الله علي خامنئي، للمطالبة بـ«ارساء مناخ سياسي منفتح سليم وآمن وفقاً للدستور»، ما يسمح لجميع التيارات بالمشاركة في الانتخابات. وقد شدد اية الله خامنئي، في الرابع من يونيو الماضي، على القول «في البلاد هناك مواقف سياسية مختلفة.. اذا لم يحاول احد قلب النظام ولا خيانته ولا تنفيذ مخططات الاعتداء، لكنه لا يشاطركم الرأي (الأغلبية المحافظة الحاكمة) فلا يجب ان تحرموه»، من حقه في التعبير. وبدأت شخصيات محافظة معتدلة عدة بالدعوة الى عودة قسم من الإصلاحيين الى المسرح السياسي، آملة بشكل خاص تفادي اي تغيب كبير عن صناديق الاقتراع في مارس المقبل.

وقال المحلل امير محبيان، وهو محافظ معتدل «ان احد السيناريوهات ان يتمكن الاصلاحيون الشرعيون، الذين لم يشاركوا في الاضطرابات (بعد انتخابات يونيو 2009)، من المشاركة في الانتخابات التشريعية» المقبلة.

تويتر