إجبار مقدسيين على هدم منازلهم بأيديهم

أسرة عرامين طلبت تهديم منزلها أمام أعينها. الإمارات اليوم

لم يكن أمام المواطن المقدسي محمود عرامين، خيار أسهل من هدم منزله بيديه، فربما هذا الخيار كان الأحلى بالنسبة له بين خيارات مريرة عدة أرغمه الاحتلال عليها، إذ اضطر لذلك بعد أن تم تهديده بالسجن لستة أشهر، وبغرامة كبيرة، وتحمل تكاليف الهدم إن قامت بها بلدية الاحتلال في القدس وفق قرارها. فعلى بعد أمتار عدة من أسوار البلدة القديمة وبينما كان صوت أذان الظهر يرتفع من مآذن المسجد الأقصى، وفي الجهة المقابلة كانت كنيسة الجثمانية تقرع أجراسها، كان المواطن عرامين يشير إلى سائق الجرافة التي استأجرها بأن يبدأ هدم منزله أمام عينيه، ليتم تشريد عائلته المكونة من خمسة أفراد بالإضافة إلى والدته. ويدعي الاحتلال أن هذا البيت، الذي تبلغ مساحته 80 متراً، مخالفاً للقانون الإسرائيلي، بدعوى أنه أقيم على أرض «خضراء» يحظر فيها البناء، وهو واحد من بين 40 منزلاً في المنطقة، يتهددها خطر الهدم في منطقة بئر الرصاصي بين جبل الزيتون وحي الصوانة بالقدس.

والدة محمود عرامين، التي ظهرت عليها علامات الحسرة والألم، تبكي حال ابنها وتقول «أين سنعيش وأين سنذهب؟ فالسلطات الإسرائيلية تقول اننا لسنا أصحاب الأرض وترفض منحنا التراخيص وتلاحقنا في منازلنا.. إذا أين سنعيش؟»، وتضيف «شاهدنا على هذه الأرض نكبة عام ،48 ونكسة 67 والانتداب البريطاني، والعهد الأردني، كنا نعيش في منازل خشبية هدمها الاحتلال في النكسة، واستشهد شقيق زوجي ودفن بالمنطقة، ولكن قمنا ببناء المنزل مرة ثانية واليوم يهدم». ويقول محمود عرامين بينما كانت الجرافة تهدم غرف المنزل الواحدة تلو الأخرى «بلدية الاحتلال أمهلتني فترة قصيرة جداً لهدم منزل، وأنا قمت بهدم المنزل قبل يوم من انتهاء المهلة، حيث عقدت جلسة بخصوص ذلك. وكان يجب علي إبراز الصور التي تثبت أنني قمت بهدم المنزل». ويضيف «صدرت أوامر هدم عدة، وعملت على تأجيلها مرات عدة، لكن البلدية كانت مصرة على أن الأرض خضراء ويمنع عليها البناء».

وكان عرامين قد قام ببناء منزله عام ،1999 ومنذ ذلك الوقت يحاول استصدار رخصة، متحملاً أتعاب وأجور المهندسين والمحامين، وغرامة بقيمة 50 ألف شيكل إسرائيلي (نحو 50 ألف درهم إماراتي)، إضافة إلى قرار «خدمة الجمهور» بشكل مجاني لمدة ستة أشهر. اضطر المواطن عرامين إلى الموافقة على قرار بلدية القدس وهدم منزله بيده فاستأجر صباح اليوم جرافة لتنفيذ القرار، بعد تهديده بالحبس الفعلي لمدة ستة أشهر وفرض غرامة مالية عالية، إضافة إلى دفع تكاليف الهدم لعمال البلدية.

من جهته، يقول وزير القدس السابق ومسؤول ملف القدس في حركة فتح، حاتم عبدالقادر، لـ«الإمارات اليوم» «إن سياسة هدم المنازل بالجهد الذاتي متصاعد في مدينة القدس بشكل ملحوظ، حيث تقرر بلدية الاحتلال الجريمة ولا ترتكبها، ولعل ذلك بسبب شعورها بالإحراج من سياسة هدم المنازل وتشريد السكان، من ضغوط المجتمع الدولي». ويضيف «أدينت إسرائيل من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة لاتباعها سياسة هدم المنازل بحجة البناء من دون ترخيص، وطالبوها بوقف هذا الإجراء، وبالتالي لجأت إلى طريقة أخرى وهي إرغام المواطن المقدسي على هدم منزله تحت طائلة المسؤولية القانونية والمحاكمة والغرامة، والاحتلال يحقق أهدافه في الهدم والتطهير العرقي من دون أي تبعات قانونية مباشرة عليها». ويتابع عبدالقادر قوله «بعد تحرير المخالفات المالية وقرارات الهدم من قبل البلدية يتوجه المواطن إلى المحاكم الإسرائيلية التي تأخذ بتوصية الأولى وتُلزم المواطن بهدم منزله بنفسه».

تويتر