الاحتلال يوهم السياح بأنها مدينة إسرائيلية بإظهارها جزءاً من الإرث العبري

مهرجان «الأنوار».. تهويد سياحي للقدس

المهرجان يثبت استفراد إسرائيل بالقدس في ظل صمت العالم العربي والإسلامي. الإمارات اليوم

لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بمخططاته التهويدية والتغييرات السياسية والسكانية والاقتصادية التي ألحقها بحق مدينة القدس المحتلة وسكانها، ليطلق مهرجان «الأنوار» التهويدي لتغيير طابع القدس سياحياً، إذ حول الاحتلال من خلال المهرجان أسوار وأسواق المدينة المقدسة إلى معارض للفنانين اليهود والأجانب، بينما أطفأت أنوار المهرجان التي أشعلوها أنوار المدينة المقدسة.

ويقام المهرجان الذي يستمر أسبوعاً كاملاً هذا العام للمرة الثالثة على التوالي بالتنسيق بين رئاسة الوزراء الإسرائيلية وبلدية القدس وسلطة تطوير القدس، وشركة بلدية «أرئيل» ووزارة السياحة، إضافة إلى رعايته من قبل جهات إسرائيلية (شركات خاصة ووسائل إعلام)، وهو ما يؤكد استمرار السياسة القديمة لفرض السيطرة على المدينة بالتنسيق بين مختلف الدوائر الرسمية الإسرائيلية.

أما المواقع التي تقام فيها العروض المضيئة والراقصة على أنغام الألحان بمكبرات الصوت فهي 28 موقعاً في القدس القديمة ومحيطها، فقد تنوعت بين الألوان والرسومات المتحركة وبين المشاهد الثابتة.

وتوزعت الأماكن التي تقام فيها العروض حول البلدة القديمة وداخلها، كما بينت نشرة تم توزيعها على «الجمهور» باللغتين العبرية والانجليزية، مغارة سليمان، إذ كانت هناك وجوه مستوحاة من الفن الإفريقي مثبتة على أرض مفتوحة داخل المغارة ترافقها الألوان والموسيقى الكلاسيكية.

وفي باب العمود كانت العروض متحركة على كامل الواجهة الرئيسة للباب مع أصوات الموسيقى، وفي الطريق إلى باب الجديد المسمى إسرائيلياً «تسنحنيم» كانت فرقة «ملائكة السلام» تؤدي عرضا يجمع بين التاريخ والفلسفة بإضاءة خافتة وموسيقى هادئة.

تغيير أسماء الأماكن

وجاء في النشرة الموزعة خلال المهرجان وعليها خريطة الأماكن في القدس، «هذه السنة وضعنا التواصل في المهرجان بين الضوء والأنغام، بين حاستي السمع والبصر، عروض قديمة وأثرية وأخرى جديدة لفنانين من الخارج والداخل، لأن القدس أصبحت من بين المدن الأكثر تطوراً في العالم والأكثر طلباً للموسيقى والفنون».

وتظهر في النشرة أسماء بعض الأماكن في القدس وقد استبدلت بأسماء عبرية مثل شارع «هاجاي» واسمه العربي «شارع الواد»، وشارع مدينة داود وهو الشارع الرئيس في سلوان، وجبل الهيكل وهو المسجد الأقصى، إضافة إلى الحي اليهودي واسمه الأصلي «حارة الشرف»، ومغارة صدقيا واسمها العربي «مغارة سليمان»، فيما حمل الاسم الإسرائيلي لباب الخليل «شارع دافيد».

خطورة

يقول مسؤول ملف القدس في حركة «فتح» حاتم عبدالقادر، «كان مهرجان الأنوار الأول قد نظم عام 2009 حين كانت القدس عاصمة الثقافة العربية، وفشل بسبب المُضايقات الإسرائيلية، وبسبب القصور الذاتي الفلسطيني أيضاً، فلم يتم تكريس عام 2009 عاماً للقدس سواء على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولم تُسوق المدينة عربيا وإسلاميا ودوليا».

ويؤكد أن الفشل يعود إلى عدم وجود خطط وبرامج ورؤية واضحة لدى القائمين على هذه المناسبة، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بينما نجحت إسرائيل خلال السنوات الثلاث في ما فشل الفلسطينيون فيه، واليوم تنظم مهرجان الأنوار سنوياً.

ويحذر عبدلقادر من خطورة المهرجان على الصعيد السياحي للقدس، حيث تظهر المدينة خلال المهرجان وبالتزامن مع التوافد السياحي بأنها مدينة إسرائيلية، إضافة إلى توزيع النشرات المزيفة التي تحاول من خلالها تزييف القدس وقلب الحقائق التاريخية عبر إطلاق أسماء عبرية عليها.

ويشير إلى أن هذه الإجراءات هي جزء من السياسة الإسرائيلية التي طالما حاولت تكريس البعدين السياسي والديني للمدينة من خلال السياحة.

ويوضح الناشط المقدسي جواد صيام أن هذا المهرجان يثبت استفراد إسرائيل بمدينة القدس، ويقول «يجب أن نلقي باللوم على العالم العربي والإسلامي الذي ترك فراغا في مدينة القدس لتقوم الجمعيات الاستيطانية باستغلاله وتزييف التاريخ من خلال محاولتها إظهار أن أسوار مدينة القدس وقصورها كأنها جزء من الإرث اليهودي».

أما المشاهدون فهم يهود وأجانب وبعض العرب من القدس، إذ كانت آراء المواطنين المقدسيين لا تختلف عن بعضها كثيراً، وأجمعت على أن المهرجان تهويدي.

ويقول المواطن المقدسي سيد أبوتالين الذي جلس على درجات باب العمود برفقة زوجته وطفلته «إن إسرائيل من خلال هذا المهرجان الذي تنظمه للسنة الثالثة تريد أن تثبت حقها في القدس لكنها لن تفعل ذلك، فحجارة المدينة وملامحها تؤكد عروبتها وإسلاميتها، ولن نستطيع إثبات الحق فيها لقوة محتلة».

ويعرب المقدسي كامل مدقة عن استيائه من مشاهد التهويد الواضحة، ويقول «الجميع يعلم أن إسرائيل ستستمر في سياسة التهويد طالما لم يكن هناك موقف عربي وإسلامي جاد من ذلك، لكن التصدي لها داخلياً يجب أن يكون من خلال برامج التوعية في المدارس والنوادي والمساجد، ولوسائل الإعلام دورها أيضاً في فضح ما تقوم به إسرائيل».

ويضيف «للأسف المشكلة يجب أن تحل من جذورها بالعودة إلى الوحدة، وقيام الجيوش العربية والإسلامية بتحرير القدس وفلسطين».

تويتر