بعد فشلها في حمل إسرائيل على تجميد الاستيطان وسط استياء عربي ودولي

أميركـا مضطـرة لإعـادة النظـر في محـادثـات السلام

إسرائيل رفضت الحوافز الأميركية واستمرت في توسيع المستوطنات. إي.بي.إيه

لجأت الولايات المتحدة إلى «فكرة» المحادثات من جانب واحد بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد أربعة أشهر فقط من تنظيم الرئيس الأميركي باراك أوباما احتفالاً في البيت الأبيض ببدء المحادثات المباشرة.

ويأتي هذا القرار بعد أن رفضت إسرائيل تمديد المهلة الخاصة بتجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي تسبب في ارباك شديد لسياسة الشرق الاوسط وجعل البيت الابيض يتوقف عن إصراره على تجميد بناء المستوطنات قبل بدء أي مفاوضات سلام.

ويقول الدبلوماسي الاميركي السابق والعضو الحالي في مركز «ودرو ويلسون» في واشنطن، أرون ديفيد ميلر «إن صدقيتنا لدى شعوب العالم قد تقلصت كثيراً باعتبارنا قوة عظمى، وأصبح من العادي ان تقول لنا القوى الصغيرة لا، من دون أن تخشى أي تكلفة او عواقب». ويضيف «لقد أصبحنا من دون مفاوضات، من دون تجميد، ومن دون أي عملية يمكننا من خلالها إطلاق مفاوضاتنا المباشرة».

ومنذ أن انتهت مهلة التجميد في سبتمبر «توسلت» واشنطن إلى إسرائيل لتمديد هذه المهلة 90 يوماً أخرى مقدمة لها حوافز مثل منحها مقاتلات «اف 35» متقدمة.

ويقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، فيليب كراولي، «توصلنا الى نتيجة مؤداها أن هذه ليست الطريقة المثلى للتقدم للامام»، ويضيف «سنتحدث في هذا الشأن مع الأطراف المعنية وسنحاول ايجاد سبل لبناء الثقة الكفيلة بأن تجعل الطرفين يدخلان في مفاوضات مباشرة».

وتعكس تعليقاته هذه، التطلعات إلى أن تكون المحادثات المباشرة خارج جدول الاعمال في المستقبل القريب، ذلك لأن الفلسطينيين يصرون على ان يكون تجميد المستوطنات شرطاً للمفاوضات، وهو الموقف الذي تدعمه إدارة اوباما لـ20 شهراً.

ويقول إليوت ابراهامز، أحد كبار المسؤولين عن ملف الشرق الاوسط تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج دبيلو بوش، «من السهل على الادارة الاميركية ان تقول إنها ستتخلى عن التجميد بدرجة أكبر من الفلسطينيين».

ويضيف «لأنها أصبحت من دون أي خيار». وقد أهدرت الادارة عامين من الانتظار، وإعلان هذا الأسبوع (رفض اسرائيل الحوافز) أصبح يمثل «لائحة الاتهام» أو بالأحرى «حكماً على سياستها».

ويقول كراولي إنه في اجتماع يعقد بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الأيام القليلة المقبلة ستسعى الولايات المتحدة إلى التركيز على «لب الموضوع اكثر من العملية نفسها». ويقول ميلر إن هناك آمالاً بأن تركز المحادثات غير المباشرة على ما وصفه بـ«أكثر القضايا الميؤوس منها» بين (الأمن والحدود)، مع اتفاقيات جانبية تعمل حجر أساس لمعالجة القضايا مثل القدس واللاجئين.

ويقول محمد اشتيه كبير المستشارين للرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن «الإطار» التقليدي لمحادثات السلام الثنائية لم يعد «صالحاً» بعد الآن. ويضيف «من المستحيل أن تنهي اسرائيل هذا الاحتلال في الوقت الذي لا تتكبد فيه كلفة هذا الاحتلال». ويعتقد اشتيه أن «العصا» وليست «الجزرة»، هي التي ينبغي أن يتم استعمالها في التعامل مع اسرائيل. ويقول المحلل السياسي الاسرائيلي، يوسي الفير «ينبغي أن يكون واضحاً لهذه الادارة من البداية أن كلاً من حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية مؤهل لخوض محادثات سلام جادة».

حوافز وآمال

 

منحت الولايات المتحدة، الشهر الماضي، رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عرضاً كانت تأمل ألا يرفضه، فقد وعدت أن تقدم له مجموعة من الحوافز نظير تجميد الاستيطان في الضفة الغربية الى 90 يوماً، وراوحت هذه الهبات بين طائرات «اف 35» وتغطية دبلوماسية في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة، الا أن اسرائيل رفضت هذا العرض وفكرة إدارة اوباما في التخلي عن الموضوع برمته. ويعتبر استئناف بناء المستوطنات خطوة مدمرة، إذ ان الصراع العربي - الاسرائيلي لا يمكن حله طالما ظلت إسرائيل تحتل قطعة كبيرة من الأرض التي يتم التفاوض بشأنها. ومنذ 1967 ابتلعت إسرائيل 42٪ من الضفة الغربية، وأي زحف إضافي سيجعل من المستحيل على القادة الفلسطينيين تسويق فكرة المفاوضات لدى شعبهم، ولهذا ينبغي ان يستجيب نتنياهو للتجميد لأنه يصب في مصلحة إسرائيل. ربما تتسبب مثل هذه الاستجابة في إحداث شرخ في ائتلافه الحاكم لاسيما «حزب شاس» المتعنت الذي يدعو الى اسرائيل العظمى، والذي يعارض وضع حد للمستوطنات، الا ان انشقاق الحكومة يعتبر ثمناً جيداً ينبغي دفعه لدعم محادثات السلام، وبعد كل هذا فإن حزب «إسرائيل بيتنا» ليس الشريك الائتلافي الوحيد لدى نتنياهو، فلديه الكثير من البدائل مثل الائتلاف مع حزب الوسط كاديما، وفي المقابل فإن نظراءه الفلسطينيين لا يتوافر لديهم مثل هذا المجال من المناورات.

ويبدو ان إسرائيل ليست في مزاج جيد للتنازلات، ففي 22 نوفمبر أجاز «الكنيست» مشروع قانون يقضي بأن يتم الاستفتاء على أي قرار بالانسحاب من القدس الشرقية او من هضبة الجولان، ولهذا فإن هذا المشروع من شأنه أن يقتل أي جهود لإحراز تسوية حتى لو خضعت مثل تلك التسوية لمفاوضات.

 

تويتر