فوز أزولاي مرشحة فرنسا على مرشح الدوحة رغم الرشاوى

«دبلوماسية الشيكات» القطـرية تفشل في الاستيلاء على «اليونسكــو»

صورة

فشل المال القطري، أمس، في الاستيلاء على منصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، حيث أعلن المجلس التنفيذي للمنظمة، أمس، فوز المرشحة الفرنسية، أودريه أزولاي، بمنصب المديرة العامة، خلفاً للبلغارية إيرينا بوكوفا، وذلك رغم «دبلوماسية الشيكات» ودفع الرشاوى التي انتهجتها قطر للحصول على الأصوات.

المدير العام الجديد لـ «يونسكو»

ولدت أودريه أزولاي في 4 أغسطس 1972، في العاصمة الفرنسية باريس، لعائلة يهودية مغربية هاجرت من منطقة الصويرة.

وهي ابنة الصحافي والمصرفي والسياسي أندريه أزولاي، مستشار ملك المغرب الحسن الثاني عام 1991، وأيضاً مستشار الملك محمد السادس.

ولدى أزولاي ابن وابنة من زوجها فرانسوا كزافييه لاباراك، وهو موظف حكومي كبير، ويعمل كمستشار بالحكومة، ومدرس سابق. وعملت أزولاي كمستشار للرئيس السابق فرانسوا هولاند، وكانت المسؤول عن الثقافة والاتصالات من 2014 إلى 2016، ثم وزيرة للثقافة في حكومة مانويل فالس.

وأزولاي حاصلة على درجة الماجستير في علوم الإدارة من جامعة باريس دوفين (1994)، ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة لانكستر (المملكة المتحدة).

وفي عام 2000، تم تعيين أودريه أزولاي حاكماً مدنياً، وتم تعيينها في أمانة الحكومة الفرنسية من أبريل 2000 إلى يوليو 2003، كما شغلت منصب رئيس مكتب القطاع السمعي والبصري العام في فرنسا، والمسؤول عن استراتيجية وتمويل المنظمات في قطاع الإعلام.

وفي التفاصيل، حصدت أزولاي 30 صوتاً، في حين حصل منافسها المهزوم المرشح القطري، حمد الكواري، على 28 صوتاً في الجولة الخامسة والأخيرة الحاسمة للانتخابات، وذلك بين الأعضاء الـ58 للمجلس التنفيذي.

وتصبح أزولاي مديراً عاماً للمنظمة الدولية بصورة رسمية، بعد موافقة أعضاء الجمعية العامة 195 دولة، خلال جلسة علنية في باريس، تعقد يومي 14 و15 نوفمبر المقبل.

وكانت أزولاى قد حصدت 31 صوتاً، بينما حصلت المرشحة المصرية مشيرة خطاب على 25 صوتاً في انتخابات الإعادة، في الجولة قبل النهائية لمنافسة المرشح القطري.

وحظيت أزولاي، منذ البداية، بدعم من سلطات بلادها السياسية، في مقدمتهم الرئيس إيمانويل ماكرون.

وفي وقت سابق، ذكرت إذاعة «فرانس. إنتر» الفرنسية، أمس، أن «صيد الأصوات» أصبح وسيلة للحصول على رئاسة اليونسكو، موجهة انتقادات عدة للمرشح القطري، الذي وصفته بأنه «لم يتوانَ في دفع الرشاوى قبل التصويت الأخير الذي جرى أمس.

وشددت المحطة الإذاعية على أن الوصول إلى رئاسة المنظمة الأممية، يجب أن يكون بنضال حقيقي، وليس بمعركة نفوذ أو بأموال تدفع ورشاوى تصرف.

وأشارت الإذاعة إلى أنه، خلال الشهر الماضي، اعتمدت حملة المرشح القطري حمد الكواري على استراتيجية «صيد الأصوات»، مستخدماً نفوذه لجمع الأصوات بوضع يديه في جيبه.

وأوضحت الإذاعة أن الجولة الخامسة ستكون بين «حملة مكافحة النفوذ (الفرنسية)، مقابل حملة تقديم الأموال (القطرية)»، موضحة أن «المرشح القطري لم يتردد في دعوة أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو، في الدوحة».

ووصفت الإذاعة الفرنسية الاستراتيجية القطرية في جمع الأصوات بـ«دبلوماسية الشيكات»، في مقابل استراتيجية النفوذ الفرنسية، موضحة أن فرنسا تحشد كل إمكانياتها، لدعم المرشحة الفرنسية في مواجهة المرشح القطري.

وتابعت الإذاعة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون أشاد في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي بالمرشحة الفرنسية. وقالت إن كل ما فعله ماكرون هو شن حملة بين نظرائه المرافقين له في نيويورك، لدعم المرشحة أودريه أزوﻻي، إلا أن هذه المحاولات تعد أكثر نزاهة من الأسلوب القطري في جمع الأصوات.

وكان مستشار أمراء الدوحة، القطري حمد الكواري، قد خاض معركة الحسم في انتخابات رئاسة المنظمة، بعد أن مهد طريقه عبر «دبلوماسية الشيكات»، ليصبح صديق هادمي الآثار قاب قوسين أو أدنى، من ترؤس منظمة من بين أولوياتها حماية التراث الإنساني.

وجاءت نتيجة التصويت بينما تحوم ذكرى ما جرى في مارس عام 2001، حيث حطم أصدقاء أمراء قطر في حركة طالبان تمثالين أثريين ضخمين منحوتين على منحدرات وادي باميان في منطقة هزارستان بوسط أفغانستان، شمال غرب كابول، يعود تاريخ بنائهما إلى القرن السادس الميلادي.

وتتولى المنظمة الدولية المتخصصة برامج أساسية، هي: التربية والتعليم، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والثقافة، والاتصالات والإعلام، كما تدعم «يونسكو» العديد من المشروعات كمحو الأمية والتدريب التقني وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين، وبرامج العلوم العالمية، والمشروعات الثقافية والتاريخية، واتفاقيات التعاون العالمي، للحفاظ على الحضارة العالمية والتراث الطبيعي وحماية حقوق الإنسان.

وتعود علاقة أمراء الدوحة بطالبان أفغانستان إلى سنوات مضت، حيث تدفق ممثلو الحركة سراً إلى قطر، لكن عدد ممثلي طالبان وأنشطتهم في الدوحة راحت تتزايد بصورة تدريجية. ويوجد في قطر أكثر من 20 من عناصر طالبان، رفيعي المستوى نسبياً، يعيشون رفقة عائلاتهم منذ أربع سنوات.

لكن ذكرى تدمير تماثيل بوذا، وغيرها في أفغانستان، لن تكون الوحيدة التي تطوف اليوم في باريس، إذ ستخيم أيضاً ذكرى أقرب لتدمير آثار العراق وسورية على أيدي حلفاء قطر من إرهابيي القاعدة والدواعش.

ووفرت الدوحة المال للميليشيات المتحاربة على الأرض السورية والعراقية؛ الأمر الذي أدى إلى خروج تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي كان معولاً لتدمير التراث العالمي في تدمر السورية.

ودمّر «داعش» آثاراً في تدمر بشرق سورية، مدرجة على قائمة «يونسكو» للتراث العالمي للبشرية، والأمر نفسه جرى في العراق.

ودفعت صدمة اقتراب الكواري من رئاسة المنظمة الدولية صحف فرنسا للقول إن «نتائج تصويت انتخاب مدير جديد للمنظمة، التي يجب أن ترعى التراث العالمي للإنسانية، مؤسفة».

وكادت باريس أن تدفع، على ما يبدو، ثمن التهاون في التعامل مع قطر، التي حلّ أميرها قبل أسابيع ضيفاً على الإليزيه.

بيد أن اليقظة المتأخرة للوسط الثقافي والإعلامي في فرنسا، الذي ندد بمواصلة قطر تقديم الرشاوى لبعض دول المجلس التنفيذي بمنظمة «يونسكو»، قدمت الدليل على صدق نبوءته التي أكد خلالها أن «(يونسكو) ليست (فيفا)»، في إشارة لاقتناص قطر إقامة كأس العالم على أراضيها في 2022، عبر تقديم رشاوى مالية في قضية فساد دولية، لاتزال التحقيقات فيها جارية.

تويتر