صعَّدت نشاطها بهدف التمدد داخل الصومال

حركة «الشباب» الإرهابية تـــــــوسع قائمة أهدافها للتخلص من الضـــــــــغوط

صورة

تسعى حركة «الشباب المجاهدين»، على ما يبدو، إلى توسيع نطاق نفوذها داخل الصومال، من خلال تصعيد نشاطها ضد أهداف عدة، حيث لم تكتف بشن هجمات إرهابية استهدفت عبرها كلاً من القوات الحكومية من أجل فرض ضغوط عليها للانسحاب من بعض المناطق التي تحاول السيطرة عليها، بل بدأت في تنفيذ عمليات إرهابية جديدة خارج حدود الصومال، على غرار العملية التي شنتها على قريتى جيما وبانداجو في كينيا في الثامن من يوليو 2017، والتي أدت إلى مقتل 9 كينيين.

كما أصبحت الحركة تقوم بتنفيذ هجمات انتقامية ضد بعض المجموعات المنشقة عنها، والتي كان آخرها الهجوم على مجموعة مختار روبو المعروف بـ«أبو منصور»، القيادي السابق في الحركة، وذلك في 9 أغسطس الجاري، حيث وُصف الهجوم بأنه بمثابة «إرهاب لأعضاء الحركة» بهدف إثنائهم عن التفكير في الانشقاق عنها، لكن ذلك لا يبدو أنه ساعد على تحقيق هدف الحركة، خصوصاً بعد أن قام روبو بتسليم نفسه للسلطات بعد ذلك بأربعة أيام، بشكل يؤشر إلى أن الحركة ربما تكون مقبلة على أزمة داخلية ستؤثر في تماسكها خلال المرحلة المقبلة، لدرجة دفعتها إلى توسيع قائمة أهدافها.

مؤشرات عدة

تصاعد نشاط حركة «الشباب المجاهدين» بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة في اتجاهات متوازية، بدرجة لم تعهدها الحركة من قبل، وهو ما تكشف عنه مؤشرات عدة يتمثل أبرزها في:

قطر تسهم في تمويل حركة «الشباب»

أكدت تقارير أمنية أميركية ضلوع قطر في تمويل حركة الشباب المجاهدين الإرهابية في الصومال. ولعب ممولون للإرهاب يعيشون في قطر بحرية دوراً محورياً في تمويل الحركة، المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بشكل مباشر وغير مباشر، يأتي على رأسهم القطري عبدالرحمن بن عمير النعيمي، الذي تربطه - حسب تقرير لوزارة الخزانة الأميركية - علاقة وثيقة بزعيم حركة الشباب حسن عويس. وحوّل النعيمي نحو 250 ألف دولار في عام 2012 إلى قياديين في الحركة، مصنفين على قوائم الإرهاب الدولية، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

من جهة أخرى، أشارت وثائق مسربة نشرت على موقع «ويكيليكس» إلى أن السفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة سوزان رايس كانت قد طلبت في 2009 من تركيا الضغط على قطر لوقف تمويل حركة الشباب.

وقالت رايس حسب الوثيقة، إن التمويل كان يتم عبر تحويل الأموال إلى الصومال عن طريق إريتريا.

وكرر الاتهام نفسه رئيس الحكومة الانتقالية - آنذاك - شريف شيخ أحمد، الذي قال خلال اجتماع مع دبلوماسيين أميركيين في ليبيا، إن حكومة قطر تقدم الدعم المالي إلى حركة الشباب.

ويعد تمويل حركة الشباب، التي شنت هجمات عدة خارج حدود الصومال، مثالاً واحداً على التحديات التي يمثلها تمويل قطر للإرهاب، وتحوله إلى أزمة دولية ملحة. وأفادت تقارير أميركية بوجود أدلة بشأن دعم قطر لجماعات إرهابية عدة في بلاد مختلفة من بينها الصومال، والمتمثلة في حركة الشباب المجاهدين الصومالية.


• سعت «الشباب المجاهدين» إلى الترويج لعملياتها وأفكارها ورموزها عبر الإصدار المرئي الذي قامت ببثه تحت عنوان «مسيرة الصمود»، في يونيو 2017، الذي عرضت فيه لنشاط أحمد عبدي اومحمود غودني الذي يعرف بـ«مختار عبدالرحمن أبي الزبير»، مؤسسها وزعيمها السابق الذي قتل في غارة أميركية، في بداية سبتمبر 2014، حيث كشفت عن صورته الحقيقية لأول مرة.

1- السيطرة على مناطق جديدة

تمكن مقاتلو الحركة، في 4 أغسطس 2017، من السيطرة بشكل كامل على مدينة ليجو الاستراتيجية، الواقعة على الطريق الواصل بين العاصمة مقديشيو ومدينة بيدوا، وذلك عقب انسحاب القوات الحكومية، وقوات حفظ السلام منها بعد الهجمات التي نفذتها الحركة، وأسفرت عن مقتل 12 من جنود القوات المدعومة من الاتحاد الإفريقي، بشكل يشير إلى أنها صارت تستغل انسحاب القوات الإفريقية من بعض المدن والمناطق، لتعيد فرض سيطرتها عليها، حيث سبق أن اجتاحت مدينة هالغان فى أكتوبر 2016، عقب انسحاب القوات الإثيوبية منها، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من انسحابها من مدينة موقوكوري، التي اقتحمتها الحركة أيضاً.

2- تصاعد استهداف القوات الحكومية

شهدت الأشهر الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في العمليات التي نفذتها الحركة، واستهدفت من خلالها عناصر الجيش الصومالي، حيث شنت هجوماً انتحارياً ضد أحد مديري مصلحة السجون، خلال تأديته الصلاة في أحد مساجد العاصمة في 12 أغسطس الجاري، وهو ما أسفر عن مصرع جندي. كما بدأت الحركة في شن عمليات ضد العناصر المتعاونة مع القوات الحكومية خلال مواجهاتها المسلحة مع الحركة، بدعوى أن تلك العناصر تساعد السلطات في الحصول على معلومات عن مواقعها وقياداتها والخطط التي تعمل على تنفيذها.

3- شن هجمات ضد القوات الإفريقية

حرصت الحركة على رفع كلفة بقاء قوات حفظ السلام التي تحظى بدعم من جانب الاتحاد الإفريقي، حيث شنت هجمات على مواقع تسيطر عليها القوات الأوغندية بالقرب من مدينة بولومرير، في بداية أغسطس الجاري، وهو ما أدى إلى مصرع عدد من الجنود، كما قامت بإعدام أحد الجنود الكينيين، وذلك بهدف ممارسة ضغوط قوية على الدول التي تتبع لها تلك القوات، لدفعها إلى اتخاذ قرارات بسحبها من الصومال.

4- تفعيل النشاط الإعلامي

سعت «الشباب المجاهدين» إلى الترويج لعملياتها وأفكارها ورموزها عبر الإصدار المرئي الذي قامت ببثه تحت عنوان «مسيرة الصمود»، في يونيو 2017، والذي عرضت فيه لنشاط أحمد عبدي اومحمود غودني الذي يعرف بـ«مختار عبدالرحمن أبي الزبير»، مؤسسها وزعيمها السابق الذي قتل في غارة أميركية، في بداية سبتمبر 2014، حيث كشفت عن صورته الحقيقية لأول مرة، كما استعرضت أدوار عدد من قياداتها السابقين مثل طارق عبدالله المعروف باسم «أبوطلحة السوداني»، وإبراهيم نالييي الذي كان يعد من الكوادر العسكرية الرئيسة في الحركة.

أهداف مختلفة

تحاول الحركة من خلال تصعيد عملياتها الإرهابية والترويج لنشاطها تحقيق أهداف عدة يمكن تناولها على النحو التالي:

1- ردع المنشقين

تسعى «الشباب المجاهدين» عبر عملياتها التي استهدفت مجموعة من العناصر المنشقة عنها إلى توجيه رسالة ردع لكوادرها بهدف منعهم من الإقدام على الخطوة نفسها، والتي قد تزيد من احتمالات وصولهم إلى تفاهمات مع الحكومة، بشكل قد يؤدي إلى تقليص حدة العمليات التي تقوم بها الحركة في المرحلة المقبلة. وقد أشارت تقارير عدة إلى أن مختار روبو، الذي سلم نفسه للحكومة في 13 أغسطس الجاري، كان يتفاوض مع ممثلين للأخيرة من أجل إلقاء السلاح والتوقف عن تنفيذ عمليات إرهابية، وربما يكون ذلك هو ما دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى رفع اسمه من لائحة الإرهاب، في يوليو 2017، بعد أن كانت قد أعلنت في عام 2012 عن رصد مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

2- الحفاظ على الولاء للقيادة

تهدف الحركة من خلال تصعيد نشاطها إلى الحفاظ على ولاء عناصرها لقيادتها الحالية، خصوصاً أن إحدى أهم الآليات التي تستند إليها القيادات من أجل استقطاب عناصر وكوادر الحركة، تتمثل في إقدامها على تخطيط وتنفيذ عدد كبير من العمليات الإرهابية، التي تثبت قدرتها على تطبيق أفكارها وتوجهاتها ومنافسة التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها.

3- إحباط مشروع «فرماجو»

تحاول «الشباب المجاهدين» وضع عقبات تحول دون نجاح الرئيس محمد عبدالله فرماجو، الذي تولى منصبه في فبراير 2017 في تنفيذ برنامجه السياسي، الذي يهدف إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها الحركة، عبر الانخراط في مواجهات معها بالتوازي مع العمل على تجفيف مصادر تمويلها، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، وتأسيس تحالفات قبلية مضادة للحركة، بشكل قد يساعد في تقليص قدرتها على استقطاب عدد كبير من عناصر تلك القبائل للانضمام إلى صفوفها خلال المرحلة المقبلة.

وعلى ضوء ذلك، ربما يمكن القول في النهاية إن اتجاه الحركة إلى توسيع نطاق أهدافها قد يمثل مؤشر ضعف، نتيجة تزايد الضغوط التي تتعرض لها سواء بسبب الضربات التي تتعرض لها، أو بسبب تزايد انشقاق بعض قادتها وكوادرها خلال الفترة الأخيرة.

تويتر