واشنطن حاولت تهدئة الأوضاع بين الطرفين

قطر تلعب مع كل الأطراف في نزاعات الشرق الأوسط

صورة

تشكل الأزمة القائمة، حالياً، في منطقة الخليج العربي بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية، وقطر من ناحية أخرى، قلقاً للولايات المتحدة، حيث تستضيف قطر أكبر قاعدة عسكرية لواشنطن في المنطقة، وربما تنطوي نتائج الأزمة على آثار مهمة على الولايات المتحدة والشرق الأوسط، والحرب ضد الإرهاب.

تمكن (الإخوان المسلمون) من جمع مليارات الدولارات، خلال حكم محمد مرسي في مصر، الأمر الذي اعتبره عدد من الدول العربية خطراً يهدد أمنها، حتى أن دول الخليج ذاتها اعتبرت الأمر خطراً كبيراً على أمن المنطقة.

• حكام قطر أمضوا سنوات طويلة في تنفيذ سياسات، لطالما تناقضت مع سياسات مجلس التعاون الخليجي، والولايات المتحدة أيضاً.

ونشبت الأزمة، إثر مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض، عندما أوردت وكالة الأنباء القطرية أن أمير البلاد، تميم بن حمد آل ثاني، ألقى خطاباً اتهم فيه جيرانه من دول الخليج بأنهم يعملون على تشويه سمعة بلده، ودافع الأمير في خطابه عن دعم قطر لـ«الإخوان المسلمين»، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، و«حزب الله»، إضافة إلى علاقته الجيدة مع كل من إيران وإسرائيل.

وجاءت ردة الفعل قوية وغاضبة، من قبل دول الخليج المجاورة لقطر، على خطاب الأمير. لكن قطر زعمت أن وكالة أنبائها تعرضت للقرصنة، وأن الأمير لم يقل ذلك الكلام.

وعلى الرغم من التبرير الذي قدمه المسؤولون القطريون لدول الخليج، إلا أن تلك الدول بقيادة المملكة العربية السعودية لم تقتنع بالتبرير القطري، وانضمت دول عربية إضافة إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر، إلى مقاطعة قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية معها.

العمل منفردة

لكن في واقع الأمر، إن دول الخليج لديها من الحقائق التي تدفعها إلى اتخاذ مثل هذا الموقف. وعلى الرغم من أن قطر قالت إن ذلك الخطاب لم يحدث، إلا أن السياسة الخارجية لقطر لا تختلف كثيراً عن مضمون الخطاب، إذ إن حكام قطر أمضوا سنوات طويلة في تنفيذ سياسات، لطالما تناقضت مع سياسات مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أيضاً. ولطالما عملت قطر بصورة منفردة حيث استغلت ثروتها الضخمة، التي حصلت عليها من تصدير الغاز الطبيعي، كي تتصرف على نحو أكبر من حجمها على المسرح السياسي الدولي.

وحاولت إمارة قطر اللعب مع كل الأطراف، خلال العديد من الصراعات التي وقعت في المنطقة، وخلال ما يعرف بـ«الربيع العربي»، أصبحت داعماً قوياً لجماعة الإخوان المسلمين، حيث قدمت لها دعماً مالياً وسياسياً وإعلامياً قوياً. وصلت «الإخوان المسلمون» إلى السلطة في الأيام الأولى من الثورات التي عمت منطقة الشرق الأوسط، حيث تمكنت من جمع مليارات الدولارات، خلال حكم محمد مرسي في مصر، الأمر الذي اعتبره عدد من الدول العربية خطراً يهدد أمنها، حتى أن دول الخليج ذاتها اعتبرت الأمر خطراً كبيراً على أمن المنطقة.

وأصبحت محطة الجزيرة الإخبارية واحدة من أهم الروافع، التي تستند إليها سياسة قطر الخارجية، حيث تبث رسائل من جهات متطرفة، وتقدم للمتطرفين منصة مجانية كي ينشروا أفكارهم من خلالها. ولطالما بثت رسائل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، والتي كانت تتسم بالعدوانية إزاء الدول العربية، وقدمت الجزيرة نفسها كمنصة لأطراف كانت توجه الانتقادات للدول الخليجية، وللولايات المتحدة.

لكن قطر احتفظت بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، حيث تستضيف أكبر قاعدة لواشنطن في الشرق الأوسط، والتي تستوعب 11 ألف جندي أميركي، واستخدمتها الطائرات الأميركية في معظم الصراعات التي شاركت فيها بالمنطقة، مثل حرب العراق، كما تستخدمها قوات التحالف الدولية من أجل توجيه ضربات إلى تنظيم «داعش» في سورية والعراق، ناهيك عن استخدام القاعدة لتوجيه ضربات جوية إلى مقاتلي «طالبان» في أفغانستان.

لكن ربما كان الأمر الذي أثار غضب السعودية وحلفائها، من دول الخليج والدول العربية الأخرى، هو علاقة الدوحة الوثيقة بطهران، في وقت تصاعدت العداوة بين إيران ودول الخليج، حيث لا تخفي هذه الدولة مطامعها في معظم الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، ووصلت الحرب الإعلامية بين إيران السعودية إلى مستوى غير مسبوق.

دعوة للتهدئة

ولدى اندلاع الصراع، حاولت واشنطن تهدئة الأوضاع بين الطرفين. ودعا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون جميع الأطراف لحل خلافاتهم، والترفع عن الحساسيات. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعرب عن دعمه لموقف السعودية وحلفائها، على حسابه على موقع «تويتر»، الأمر الذي أظهر بعض التناقض بين سياسة البيت الأبيض ووزارة الخارجية، خصوصاً بعد أن أثنى ترامب على العقوبات التي فرضتها السعودية وحلفاؤها على قطر. وطالب قطر بالتوقف عن تمويل الإرهاب، لدرجة أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي، بوب، أعرب عن الدهشة عندما علم بتغريدات ترامب.

وباتت هذه الحرب الدبلوماسية بين السعودية وحلفائها وقطر في ذروتها، وهي تنطوي على مخاطر على أمن المنطقة، وستؤثر في أمن الولايات المتحدة والعالم. وربما تسوء هذه الأزمة بالنظر إلى تدخل أطراف عدة فيها مثل تركيا، أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي، وإيران اللتين أظهرتا دعمهما لموقف قطر. وثمة محاولات جارية حالياً لحل الأزمة، بعد أن جاء وسطاء أميركيون إلى المنطقة، وتجددت الوساطة الكويتية أخيراً، لتحقيق هذا الهدف.

تويتر