قطر تدعم الجماعات المتطرفة الليبية وتعطّل التوصل إلى حل للصراع

صورة

بعد فترة وجيزة من بدء المقاطعة، انضمت الحكومة الليبية إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع العلاقات مع قطر في يونيو الماضي، واتهم وزير الخارجية الليبي، محمد الدايري، الدوحة بأنها «تؤوي الإرهاب». وقد عكست هذه الخطوة الغضب القائم منذ فترة طويلة، من قبل قوات الجيش الوطني الليبي، شرق البلاد، في ما يخص رعاية قطر للمتطرفين في هذا البلد الذي مزقته الحرب منذ سنوات. وفي حين أن التدخل في ليبيا لا يحصل على الكثير من التغطية، إلا أنه يظل واحداً من المآخذ الرئيسة على قطر في الأزمة الدبلوماسية الحالية.

• من غير المحتمل إيجاد حل للصراع في ليبيا على المدى المنظور، كما أن أزمة الخليج مع قطر بعيدة عن أي تسوية في الوقت الراهن. لكن وضع حد للتدخل القطري في ليبيا قد يسهّل حل المشكلتين معاً.

• يعتقد مسؤولون عرب أن المساعدة القطرية تصل إلى غرب ليبيا عن طريق شركة طيران تجارية يتم تمويلها من قبل الدوحة، وهم يعبّرون عن قلقهم ليس من دعم قطر لطائفة متنوعة من المتشددين، فحسب، بل لدعمها المباشر أسوأ السيئين.

منذ ثورة 2011، كانت ليبيا ساحة حرب بالوكالة، وسعياً لدفع نظام أكثر تشدداً في ليبيا، دعمت قطر وتركيا جماعة الإخوان المسلمين، واخيراً المؤتمر الوطني العام الذي يتخذ من طرابلس مقراً له. ووفقاً لتقارير صحافية، فإن قطر أرسلت كميات هائلة من الأسلحة والمال إلى المتشددين الإسلاميين الذين يقاتلون الحكومة المدعومة من الغرب في ليبيا. وأشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة في مارس 2013 إلى أن الدوحة انتهكت في عامي 2011 و2012 حظر الأسلحة الذي فرضته المنظمة من خلال «توفير المواد العسكرية للقوات الثورية بتنظيم عدد كبير من الرحلات الجوية، وتسليم كميات من الأسلحة والذخائر».

ووفقاً لتقرير آخر نشرته صحيفة «المصري اليوم»، فإن الدوحة قدمت أكثر من 750 مليون يورو للجماعات المتطرفة في ليبيا منذ عام 2011. ويعتقد مسؤولون عرب أن هذه المساعدة تصل إلى غرب ليبيا عن طريق شركة طيران تجارية يتم تمويلها من قبل قطر. ولكن الدول العربية لا تعبر عن قلقها من دعم قطر لطائفة متنوعة من المتشددين، فحسب، لكنها تقول إن قطر تدعم بشكل مباشر أسوأ السيئين، ويبدو أن هذه الاتهامات صحيحة.

ووفقاً لما ذكره كريستيان كوتس أولريتشن، من معهد (بيكر) للسياسة العامة، فإن قطر «أقامت صلات وثيقة مع قادة الميليشيات الإسلامية الرئيسة (في ليبيا)، مثل عبدالحكيم بلحاج، رئيس الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، الذي أصبح في عام 2011، قائداً للواء طرابلس». والجماعة الليبية المقاتلة هي مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة كانت معاقبة من قبل كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وقد التقى بلحاج مرتين بزعيم التنظيم، أسامة بن لادن، واحتجزته وكالة الاستخبارات المركزية في عام 2004. وأطلق حزب الوطن في عام 2012، الذي يقول المسؤولون العرب إنه حافظ على علاقات وثيقة مع الجماعة المقاتلة الإسلامية، وحصل على دعم مستمر من قطر. ويلاحظ أولريتشن أيضاً الصلة بين قطر وإسماعيل الصلابي، زعيم إحدى الميليشيات المتمردة الأكثر نجاحاً، وهي شركات رافلا السحاتي. ويشتبه في أن الحكومة القطرية تقوم بتسليح وتمويل، على نطاق واسع، مجموعة الصلابي، التي اكتسبت بفضل سخائها المفاجئ من الموارد، في عام 2011 لقب «لواء فيراري 17».

أما شقيق إسماعيل، ويدعى علي الصلابي، فهو رجل دين ليبي بارز تربطه علاقة جيدة بأمير قطر. في المقابل، يقول أحد المصادر المصرية أنه يقيم علاقات وثيقة مع الجماعة المقاتلة. وهذا اتهام يكرره مسؤولون عرب على دراية بالوضع في ليبيا. وفي الثامن من يونيو، عقد مؤتمر صحافي قُدم خلاله دليل على دور قطر المشبوه في ليبيا. وأوضح المسؤولون في ليبيا أن ضابطاً في الاستخبارات العامة القطرية، يدعى علي الجربوي، دعم تنظيم القاعدة وتنظيم داعش وجماعة الإخوان المسلمين، من خلال تحويل مبلغ ضخم من البنك الوطني التونسي القطري الى بنك الاسكان في محافظة تطاوين في جنوب تونس بالقرب من الحدود الليبية.

ووفقاً لما ذكره مسؤولون في الجيش الوطني الليبي، فإن الحكومة القطرية أيدت اغتيال كبار المسؤولين، وسهلت تدريب متطرفين إسلاميين على يد عناصر من حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، وساعدت في نقل المتشددين الليبيين إلى سورية. وقدم المسؤولون رسالة يقولون إنها من طرف القائم بأعمال سفارة قطر في ليبيا، محمد حمد الهاجري، وتقول الرسالة إن قطر نشرت وحدات عسكرية في ليبيا.

في يونيو، أصدرت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، للمرة الأولى، «قائمة إرهابيين» من 59 شخصاً و12 كياناً مرتبطة بقطر، وتضمنت كياناً واحداً، وهو «كتائب الدفاع في بنغازي» وخمسة أفراد من ليبيا. ثم أصدر الجيش الليبي قائمة تضم 75 شخصاً ليبياً وتسع منظمات مرتبطة بقطر. وتتضمن القائمة الثالثة التي أصدرتها الدول العربية في أواخر يوليو اثنين من الأفراد وست منظمات تتخذ من ليبيا مقراً لها. ومن أبرز المدرجين في هذه القائمة: الصادق عبدالرحمن علي الغرياني، الذي خدم سابقاً كبير المفتين في ليبيا، والذي دعا إلى القضاء على الحكومة الموازية في بنغازي.

اتهامات مستمرة

تستمر الاتهامات الموجهة إلى قطر بأنها تقوم بدور مشبوه في ليبيا، ووصف المتحدث باسم الجيش الليبي، الاسبوع الماضي، قطر بانها تدخل ضمن «ثالوث الارهاب» الذي يهدد بلاده. وقال أيضاً إن «عدداً من الطائرات (ذات صبغة تجارية) القطرية هبطت بانتظام في ليبيا في عام 2017 لدعم الجماعات المتطرفة والإرهابية». ومن غير المحتمل إيجاد حل للصراع في ليبيا على المدى المنظور، كما أن أزمة الخليج مع قطر بعيدة عن أي تسوية في الوقت الراهن، لكن وضع حد للتدخل القطري في ليبيا قد يسهّل حل المشكلتين معاً.

جوناتان شانزر محلل في شؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية، سابقاً، ونائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

تويتر