فتاواه ومواقفه أسهمت في اتساع رقعة التطرف بالمنطقة

القرضاوي أحد أسباب خلاف قطر مع جيرانها

صورة

على الرغم من أن يوسف القرضاوي، الذي يعتبر مركز الخلاف الدبلوماسي بين قطر وجيرانها، والذي بات غير قادر على الوقوف، إلا أن الرجل البالغ عمره 91 عاماً، يعتبر ضالعاً في الإرهاب على نحو خطير.

وكانت السعودية والإمارات والبحرين ودول من حلفائها، أعلنت القرضاوي ارهابياً بشكل رسمي، الأمر الذي أدى إلى منع انتشار كتبه في الدول الخليجية، وخطبه وفتاواه، إلا أن التلفزيون القطري، الذي تديره حكومة الدوحة، بدأ يعزز خطابات الرجل بصورة بدت كأنها «عرض يومي».

وكانت السعودية وحلفاؤها قد طلبت من قطر أن تتخذ إجراءات عقابية، ضد قائمة مؤلفة من 59 شخصاً، اعتبرتهم ضالعين في الإرهاب، إضافة إلى منظمات عدة، لها علاقات مع الإرهابيين والمجموعات المتطرفة، بما فيها الميليشيات العاملة في سورية وشمال إفريقيا، والتي تنتمي لتنظيم «القاعدة»، كما قدمت السعودية وحلفاؤها مطالب عدة من قطر، من ضمنها إغلاق محطة الجزيرة الإخبارية، وتخفيف علاقاتها مع إيران.

لكن الهدف الأكبر يظل إسكات شخصيات مثل القرضاوي، الذي اشتهر بالتلاعب بالرأي العام للمسلمين، وذلك حسب مسؤولين أميركيين وسابقين ومحللين في الشرق الأوسط.

وتحاول إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التوسط بين الدول المتنازعة، رغم أن العديد من المسؤولين الأميركيين وجهوا انتقادات كبيرة لقطر، لعدم مباشرتها غلق شبكات التمويل للمجموعات الإرهابية.

ولطالما اعتبرت السعودية القرضاوي، المولود أصلاً في مصر، والإمارات والبحرين ومصر، التي قطعت علاقاتها مع الدوحة، محرضاً ضد الأنظمة العربية. ولعقود عدة ظل القرضاوي يبث أفكاره عبر برنامجه المعروف بـ«الشريعة والحياة» إلى ملايين المسلمين، حيث يوجه من خلاله انتقادات حادة للدول الخليجية، إضافة إلى دعمه «حماس»، وتنظيم «الإخوان المسلمين»، اللذين يعتبران تنظيمين إرهابيين من قبل الدول الأربع سالفة الذكر. ولطالما اعتبر القرضاوي أحد كبار المنظرين لـ«الإخوان المسلمين»، إلا أن قطر تعتبره شخصاً معتدلاً.

• وفي الأسبوع الماضي، قرر الرئيس الأميركي، ترامب، أن يقف إلى جانب السعودية ضد قطر، حيث وجه انتقاداً لسجل قطر في دعم الإرهاب. كما أن الإدارات الديمقراطية الأميركية والجمهورية، اشتركت في شعورها بالقلق من دور قطر كقاعدة مالية وأيديولوجية للمجموعات المتطرفة، لمدة عقدين من الزمن على الأقل.

• في نوفمبر عام 2009، حذر السفير الأميركي بالدوحة الحكومة القطرية، في حينها، من تعيين القرضاوي في هيئة استشارية عليا لأحد البنوك، مشيراً إلى «دوره العلني والإقليمي» كداعم للإرهاب والمجموعات الإسلامية، خصوصاً «الإخوان المسلمين»، وحركة «حماس».

لكن المسؤول السابق في مكافحة الإرهاب، بمكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة الأميركية، ماتيو ليفيت، الذي يراقب شبكات التمويل في الشرق الأوسط، يرى أن القرضاوي ليس معتدلاً كما تعتقد قطر، ويقول ليفيت: «القرضاوي أكثر الأشخاص شهرة من الجناح اليميني المتشدد في تنظيم (الإخوان المسلمين)». وأضاف ليفيت: «ترغب الدول الخليجية، التي قطعت علاقاتها مع قطر، في أن تقوم هذه الدولة، ليس بوقف تمويل الجماعات الإرهابية، وإنما وقف الدعم عن المتطرفين الإسلاميين، الذين ينشرون التطرف في كل مكان جهاراً نهاراً، دون محاكمتهم، أو وضع حدود لسلوكهم».

رفض التهم

ورفضت قطر التهم الموجهة ضد القرضاوي، وعمدت إلى الدفاع عنه، كما أنها رفضت التهمة الموجهة ضدها، والتي مفادها أنها تؤوي لديها المتطرفين، وأكدت أن سجلها في محاربة الإرهاب يشهد لها. ورفض الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو المنظمة الدينية التي أنشاها القرضاوي في قطر، والتي تتحدث غالباً باسمه، اتهام القرضاوي بأنه إرهابي، واعتبر التهمة بلا أدلة.

لكن العديد من الأسماء الأخرى، التي ذكرتها قائمة السعودية وحلفائها، لا يوجد هناك من يختلف على تورطها بتمويل الإرهاب، بمن فيهم المسؤولون القطريون، الذين يعترفون في الغرف المغلقة بأن عدداً من الأسماء التي ذكرتها القائمة، التي اعتبرتها السعودية إرهابية والبالغ تعدادها 59 اسماً، متورطة في تمويل الإرهاب. لكنهم أضافوا أنه بالنظر إلى عدم كفاية الأدلة، لم يتم اتخاذ أي إجراءات قضائية ضدهم. وهناك ستة أشخاص على القائمة السابقة، تتهمهم الولايات المتحدة بالإرهاب، وتفرض عقوبات اقتصادية ضدهم، بمن فيهم عبدالرحمن النعيمي، وهو قطري الجنسية، كما أنه عضو مؤسس لجمعية العيد الخيرية، التي مقرها قطر. وقام مسؤولون أميركيون بتوجيه تهم ضد النعيمي بأنه «ممول للإرهاب، كما أنه يسهل وصول» التمويل إلى مجموعات تابعة لتنظيم «القاعدة»، في سورية والعراق واليمن.

وأصر مسؤول قطري، على عدم ذكر اسمه، وهو يناقش موضوع الأزمة القطرية مع الدول الخليجية والعربية الأخرى، وأشار إلى أن حكومة بلاده جمدت أموال العديد من الأشخاص القطريين، الذين ذكرت أسماؤهم في القائمة السابقة، حتى إن كانت المحاكم القطرية قد برأتهم من موضوع مساعدة الإرهاب، وأنها وضعت قيوداً على سفرهم إلى الخارج.

ويضع النزاع القائم بين قطر والدول الخليجية البيت الأبيض في موقف يزداد صعوبة، إذا أراد أن يكون حكماً بين الدول الخليجية، بالنظر إلى أنها جميعاً حلفاء استراتيجيون بالنسبة للولايات المتحدة. وفي الأسبوع الماضي، قرر الرئيس الأميركي، ترامب، أن يقف إلى جانب السعودية ضد قطر، حيث وجه انتقاداً لسجل قطر في دعم الإرهاب. كما أن الإدارات الديمقراطية الأميركية والجمهورية، اشتركت في شعورها بالقلق من دور قطر كقاعدة مالية وأيديولوجية للمجموعات المتطرفة، لمدة عقدين من الزمن على الأقل. وتظهر البرقيات المتسربة من إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، أن المسؤولين الأميركيين كرروا شكاواهم من منظمات خيرية قطرية، وأشخاص بمن فيهم القرضاوي نفسه.

وفي نوفمبر عام 2009، حذر السفير الأميركي بالدوحة الحكومة القطرية، في حينها، من تعيين القرضاوي في هيئة استشارية عليا لأحد البنوك، مشيراً إلى «دوره العلني والإقليمي» كداعم للإرهاب والمجموعات الإسلامية، خصوصاً «الإخوان المسلمين»، وحركة «حماس»، حسب برقية لوزارة الخارجية الأميركية، حصل عليها موقع ويكيليكس. وفي تلك الفترة، تم منع القرضاوي من السفر إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، بسبب تهم موجهة تتعلق بدعم الإرهاب. واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية رسمياً منظمة «اتحاد أعمال الخير»، وهي تضم جمعيات خيرية، ويترأسها القرضاوي، منظمة إرهابية أجنبية.

تصريحات نارية

وعلى الرغم من أن القرضاوي حظي بسمعة طيبة في منطقة الخليج، كما أنه حصل على الاحترام من حكوماتها، كالسعودية مثلاً، التي منحته وسام رجل العام، إلا أن تصريحاته النارية جلبت إدانة الحكومات الغربية ودول الخليج معاً. وفي عام 2012، انضمت فرنسا إلى بريطانيا والولايات المتحدة، في رفض دخول القرضاوي إلى أراضيها، لأنه كان يدافع عن الهجمات الانتحارية للفلسطينيين.

وكتب السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في مقالة نشرت في «وول ستريت جورنال»، يقول: «كان القرضاوي يروج ويشجع العمليات الانتحارية، وقتل الجنود الأميركيين في العراق، باعتبارها واجباً دينياً».

وبغض النظر عن مدى التأثير، الذي كان يتمتع به القرضاوي، سواء على الصعيد الشعبي أو الرسمي في المنطقة، إلا أن ذلك تناقص كثيراً في هذه المرحلة. وقد تقاعد من برنامجه التلفزيوني، كما أن ظهوره على الملأ أصبح قليلاً، ونادراً ما يمكن أن تسمع أقواله وفتاواه، إلا أن وضعه باعتباره الإمام الأكثر أهمية في قطر لم يتأثر، كما أن منظمته علماء المسلمين لاتزال كما هي. وهي التي تتحدث باسمه حالياً، وربما تنشر أي فتاوى، باعتبارها صادرة عنه.

وفي الخامس من يونيو الجاري، أي في اليوم الذي نشأت فيه الأزمة القطرية مع الدول الخليجية والعربية الأخرى، استضاف أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، عدداً من رجال الدين الإسلاميين المهمين في الدولة، الذين يحظون باحترام القطريين في الدوحة، على مائدة الإفطار في شهر الصيام، وهي مناسبة جيدة، كي يلتقي الأمير مع هؤلاء العلماء. وكان القرضاوي بملابسه التقليدية السوداء وطاقية الصلاة التي يرتديها دائماً، يجلس على كرسي مذهب إلى جانب الأمير، ويبدو عليه الرضا. يقول ديفيد واينبيرغ، الذي كان يعمل سابقاً في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، والمتخصص بالخليج العربي في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات الفكرية في واشنطن: «كان الاثنان يشعران بالرضا، كأنهما يتبادلان الرقصات». وأضاف واينبيرغ: «كان القرضاوي يشعر بالفخر، ويجلس إلى جانب الأمير الذي احتفى به وقبله، وبالنظر إلى أنه كان بقرب الأمير، فقد كانت الكاميرات مركزة عليه».

وبعد أربعة أيام من ذلك، نشرت دول الخليج المجاورة لقطر قائمتها بالأشخاص الضالعين في الإرهاب، وكان القرضاوي من الذين يهدفون إلى زعزعة أمن المنطقة.

تويتر