بغداد تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن.. و«اليونسكو» تعتبر خطوة التنظيم «جريمة حرب»

«داعش» يهدم مدينة نمـــــرود الأثرية شمال العراق

صورة

نهب تنظيم «داعش» مدينة نمرود الآشورية الأثرية في شمال العراق ودمرها بالجرافات، في أحدث هجوم على واحد من أعظم الكنوز الأثرية والثقافية في العالم، التي يعود تاريخها إلى القرن الـ13 قبل الميلاد. وفيما دعت بغداد، مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة لبحث الاعتداء الذي تعرضت له مدينة نمرود، اعتبرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أمس، تدمير المدينة «جريمة حرب».

وأعلنت الحكومة العراقية، أمس، أن تنظيم «داعش» نهب مدينة نمرود الآشورية الأثرية بشمال العراق (370 كلم شمال بغداد) ودمرها بالجرافات.

وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية، في بيان، إن متطرفي «داعش» يتحدون العالم بتدميرهم الآثار.

وأضافت أن «عصابات (داعش) الإرهابية تستمر بتحدي إرادة العالم ومشاعر الإنسانية، بعد إقدامها على جريمة جديدة من حلقات جرائمها الرعناء، اذ قامت بالاعتداء على مدينة نمرود الأثرية وتجريفها بالآليات الثقيلة، مستبيحة بذلك المعالم الأثرية التي تعود إلى القرن الـ13 قبل الميلاد وما بعده».

ودعت الوزارة مجلس الأمن الدولي إلى الإسراع بعقد جلسة طارئة وتفعيل قراراته السابقة ذات الصلة ودعم العراق، الذي قالت انه «يمثل خط الدفاع الأول امام هذه الهجمة، وضرورة وضع حد لهذا الوضع المأساوي الذي يمر به العالم المتحضر، والوقوف معنا ضد أعداء الحضارة والإنسانية».

وقال مصدر عشائري من مدينة الموصل القريبة من نمرود لـ«رويترز»، إن المتطرفين نهبوا الموقع الأثري الذي يرجع تاريخه لـ3000 عام، ويقع على ضفاف نهر دجلة، وكان في يوم ما عاصمة أقوى إمبراطورية في العالم.

وأضاف «جاء أعضاء (داعش) إلى مدينة نمرود الأثرية، ونهبوا ما فيها من أشياء قيّمة، ثم بدأوا يسوّون الموقع بالأرض».

وأوضح أنه «كانت هناك تماثيل وجدران وقلعة دمرها التنظيم تماماً».

وجاء تدمير «نمرود» بعد أسبوع من نشر التنظيم المتطرف مقطع فيديو يظهر مسلحيه وهم يدمرون تماثيل ومنحوتات من الحقبة الآشورية في مدينة الموصل التي سيطروا عليها في يونيو العام الماضي.

وشيّدت مدينة نمرود الواقعة على بعد نحو 30 كيلومتراً إلى الجنوب من الموصل عام 1250 قبل الميلاد. وبعد ذلك بأربعة قرون أصبحت عاصمة الإمبراطورية الآشورية الجديدة، التي كانت في وقت من الأوقات أقوى دولة في العالم، واستمرت حتى العصر الحديث في مصر وتركيا وإيران.

ومنذ سنوات نقل علماء الآثار معظم أشهر القطع المتبقية في نمرود ومن بينها تماثيل ضخمة لثيران مجنحة تعرض الآن في المتحف البريطاني في لندن، كما نقلوا المئات من الأحجار الثمينة والقطع الذهبية إلى بغداد.

لكن أطلال المدينة الأثرية لاتزال موجودة في الموقع بشمال العراق الذي شهد أعمال تنقيب أثرية منذ القرن الـ19.

وأظهر مقطع فيديو الأسبوع الماضي مقاتلي التنظيم وهم يسقطون تماثيل ومنحوتات على الأرض في متحف الموصل، ويحطمونها بالمطارق وآلات الثقب الكهربائية. كما ظهرت في الفيديو أضرار لحقت بتمثال ضخم لثور عند بوابة نركال في مدينة نينوى.

وقال علماء الآثار إن من الصعب تحديد حجم الدمار، لأن بعض القطع اتضح أنها نماذج طبق الأصل، لكن الكثير من القطع التي لا تقدر بثمن دمرت، ومن بينها قطع فنية من مدينة الحضر الأثرية التي يعود تاريخها لـ2000 عام وكانت تقع في شمال العراق. من جهته، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني الطوائف الدينية والعرقية المنقسمة بشدة في البلاد إلى الاتحاد لقتال تنظيم «داعش». وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها مساعد له في مدينة كربلاء الجنوبية «يوماً بعد يوم يثبت للعالم أجمع مدى الحاجة لتكاتف الجميع في سبيل محاربة هذا التنظيم المتوحش، الذي لا يسلم منه البشر ولا الحجر».

وشنّت قوات عراقية ومسلحون شيعة مدعومون من إيران هجوماً لإخراج التنظيم من مدينة تكريت بشمال البلاد، وقد تنتقل المعركة إلى الموصل في وقت لاحق هذا العام.

وقال مسؤولون عراقيون الأسبوع الماضي، إن التنظيم المتشدد احتفظ ببعض المقتنيات الأثرية لبيعها للمهربين وتحقيق عائد، وقال السياسي الآشوري العراقي البارز، يونادم كنا، لـ«رويترز»، أمس، إن تدمير نمرود يهدف إلى صرف الأنظار عن قيام المتطرفين بسرقة وبيع الكثير من القطع. ووصف المتطرفين بأنهم عصابة «جاهلة» متخلفة تسعى إلى محو الذاكرة الجمعية للعراق وثقافته وتراثه. وفي يوليو الماضي دمر التنظيم «قبر النبي يونس» في الموصل. وهاجم أيضاً أماكن عبادة خاصة بالشيعة، وخيّر المسيحيين في الموصل بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو قتلهم بحد السيف، كما استهدف الأقلية الإيزيدية في جبال سنجار إلى الغرب من الموصل.

في السياق، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أمس، أن تدمير «داعش»، مدينة نمرود الأثرية القديمة يمثل «جريمة حرب». وقالت مديرة «اليونسكو» إيرينا بوكوفا، في بيان، إن «التدمير المتعمد للتراث الثقافي يمثل جريمة حرب».

وأضافت أنه ليس هناك أي «مبرر سياسي أو ديني لتدمير التراث الثقافي للإنسانية». ودعت المسؤولين في المنطقة إلى الوقوف في وجه هذه الهمجية الجديدة. وقالت إنه تم رفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي والمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، داعية إلى توحيد جهود المجتمع الدولي من أجل وقف هذه الكارثة، معتبرة أن التطهير الثقافي الجاري في العراق يستهدف الأرواح والأقليات، ويترافق مع التدمير المنهجي للتراث البشري.

تويتر