هيتو يستهل مهامه في رئاسة الحكومة الانتقالية برفض الحوار مع الأسد

استخدام «الكيماوي»تطور يفـاقم الأزمــة السورية

صورة وزعتها وكالة «سانا» لأحد ضحايا الهجوم الكيماوي في قرية خان العسل يتلقى العلاج في مستشفى بمدينة حلب. أ.ب

شهدت المواجهات بين القوات السورية النظامية ومقاتلي المعارضة تحولاً خطراً تمثل في استخدام السلاح الكيماوي المحرم دولاًي، إذ قال الجيش السوري الحر إن قوات الرئيس بشار الأسد نفذت هجوماً بسلاح كيماوي على بلدة خان العسل في ريف حلب شمال البلاد باستخدام صاروخ طويل المدى، نافياً اتهامات دمشق له بإطلاق الصاروخ، فيما استولى مقاتلو المعارضة، أمس، على مركز للهجانة (حرس الحدود) قريب من الحدود الاردنية، وعلى مركز كتيبة دبابات في ريف درعا بعد انسحاب القوات النظامية منهما، في حين انتخب الائتلاف الوطني السوري المعارض رجل الأعمال السابق غسان هيتو، الذي تلقى تعليمه في الغرب، رئيساً لحكومة انتقالية، فيما استهل هيتو مهامه برفض أي حوار مع نظام الأسد.

وقال المتحدث باسم الجيش السوري الحر، لؤي مقداد، الذي يشارك في اجتماع المعارضة في اسطنبول إن قوات الأسد نفذت هجوماً بسلاح كيماوي على بلدة خان العسل في شمال البلاد قرب حلب باستخدام صاروخ طويل المدى. وأضاف «نفهم أن الجيش استهدف خان العسل باستخدامه صاروخا بعيد المدى، ومعلوماتنا الاولية تشير الى انه يحوي اسلحة كيماوية». وأكد وجود «الكثير من الضحايا وعدد كبير من الجرحى يعانون مشكلات في التنفس».

وقال «لا نملك صاروخاً بعيد المدى ولا سلاحاً كيماوياً. لو كان لدينا منها لما استخدمناها في استهداف الثوار». وأضاف مقداد أن «هذا الهجوم تجاوز على الارجح كل الخطوط الحمر للاسرة الدولية».

من جهتها، اتهمت دمشق المعارضة المسلحة باستخدام سلاح كيماوي في استهداف خان العسل.

وأوردت وكالة الانباء الرسمية (سانا) أن «إرهابيين أطلقوا صاروخا يحتوي على مواد كيماوية في منطقة خان العسل الواقعة في ريف حلب»، مشيرة الى «مقتل نحو ‬15 شخصاً، معظمهم من المدنيين، إضافة الى عدد من الجرحى».

وفي الثالث من مارس، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على بلدة خان العسل في ريف حلب الغربي، بعد معارك ضارية تركزت خصوصاً في محيط مدرسة الشرطة في البلدة، وقتل فيها أكثر من ‬120 عنصراً من قوات النظام وأكثر من ‬60 مقاتلاً معارضاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

بدوره، صرح وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، بأن استخدام المعارضة سلاحاً كيماوياً «تصعيد خطير» في مسار الأزمة في البلاد، مطالباً المجتمع الدولي بالادعاء على الدول التي سلحت المعارضة «بأسلحة محرمة دولياً».

وقال الزعبي في تصريح بثته (سانا) إن «حكومتي (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان وقطر تتحملان المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية عن هذه الجريمة التي ارتكبها الإرهابيون في خان العسل». بدوره، قال مصور من «رويترز» في مدينة حلب إن ضحايا ما وصفته الحكومة بهجوم جرى استخدام أسلحة كيماوية فيه يعانون مشكلات في التنفس، وأضاف أن الناس يقولون إنهم يشمون رائحة غاز الكلور في الهواء.

وأوضح أن المصابين نقلوا إلى أربعة مستشفيات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة في حلب، وإن بعضهم يعاني مشكلات في التنفس. وقال «رأيت في الأغلب نساء وأطفالا، قالوا إن الناس يختنقون في الشوارع، والهواء مشبع برائحة الكلور». وتابع عبر الهاتف بعد زيارة مستشفى حلب الجامعي ومستشفى الرجاء «الناس يموتون في الشوارع وفي منازلهم».

وسارعت تركيا إلى رفض تحميلها مسؤولية الهجوم الكيماوي المحتمل في ريف حلب. وقال مسؤول حكومي تركي «هذا اتهام لا أساس له، وكانت الحكومة السورية اتهمت تركيا في الماضي أيضاً».

من جهتها، أكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية إن «المملكة المتحدة واضحة في أن استخدام الأسلحة الكيماوية أو نشرها سيستدعي رداً جاداً من المجتمع الدولي، وسيضطرنا لإعادة النظر في موقفنا حتى الآن».

وفي واشنطن، أكد البيت الأبيض أنه لا يملك أي دليل على أن المعارضين السوريين استخدموا أسلحة كيماوية، محذرا حكومة الأسد من اللجوء إلى تلك الأسلحة، الأمر الذي اعتبر أنه سيكون «مرفوضا كلياً».

وقال المتحدث باسم الرئاسة جاي كارني «ليس لدينا أي دليل يؤيد الاتهامات الموجهة إلى المعارضة (السورية) باستخدام أسلحة كيماوية»، مبديا بذلك شكوك واشنطن في الاتهامات الصادرة، عن النظام في سورية، إلى المعارضة بهذا الصدد.

وذكر كارني أن الرئيس بارك أوباما حذر بالفعل منذ أشهر الحكومة السورية، من مغبة اللجوء إلى مخزونها من الأسلحة الكيماوية.

من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية الروسية أنه لديها معلومات تفيد أن المعارضين السوريين استخدموا اسلحة كيماوية أدت إلى مقتل ‬16 شخصا، وإصابة ‬100 آخرين، في محافظة حلب.

وقال بيان لوزارة الخارجية «طبقا لمعلومات، حصلنا عليها من دمشق، استخدمت المعارضة السورية أسلحة كيماوية في وقت مبكر من صباح ‬19 مارس (أمس)، في محافظة حلب». وأضافت أنها «تشعر بقلق بالغ من وقوع أسلحة دمار شامل في أيدي المسلحين (المعارضين)، ما يزيد من تعقيد الوضع في سورية».

من ناحية أخرى، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن مقاتلين معارضين تمكنوا من الاستيلاء على مركز للهجانة قرب تل شهاب فجر أمس، بعد اشتباكات عنيفة أخلت على اثرها القوات النظامية المركز. وبث ناشطون على موقع «يوتيوب» عدداً من أشرطة الفيديو التي تظهر مجموعة كبيرة من الرجال، معظمهم مسلح بلباس عسكري أو مدني وهم يصلون إلى المركز المذكور بالسيارات والدراجات النارية وسيراً على الاقدام. والمركز غرف صغيرة على تلة ترابية. وقام أحدهم بإزالة العلم السوري عن المركز، وحاول أزالة صورة للرئيس الراحل حافظ الاسد على المركز.

وذكر عبدالرحمن من جهة ثانية أن المقاتلين المعارضين استولوا أيضاً على مركز كتيبة مدفعية في النعيمة في محافظة درعا الجنوبية، بعد معارك عنيفة انتهت بانسحاب القوات النظامية مع الدبابات الموجودة في الكتيبة التي دخلها مسلحو المعارضة.

سياسياً، انتخب الائتلاف الوطني السوري، مساء أول من أمس، في اسطنبول غسان هيتو، الذي تولى مناصب عالية في شركات عالمية للتكنولوجيا والاتصال، وعاش فترة طويلة في الولايات المتحدة، رئيساً للحكومة الانتقالية التي ستشرف على الأراضي الخاضعة لسلطة المعارضة في سورية.

وقال عضو الائتلاف السوري المعارض هشام مروة، بعد فرز الاصوات إن هيتو حصل على ‬35 صوتاً من أصل ‬49.

وجاءت عملية الانتخاب بعد ‬14 ساعة من المشاورات بين نحو ‬70 عضواً يتألف منهم الائتلاف. ووصف بعض الأعضاء هيتو بأنه مرشح تسوية مرضية للاسلاميين والليبراليين في المعارضة على حد سواء، لكنّ عدداً كبيراً من أعضاء الائتلاف رفضوا المشاركة في عملية التصويت، ما يدل على استمرار الخلافات داخل المعارضة السورية. وقال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب «انه تصويت شفاف، تصويت ديمقراطي».

وفي أول خطاب رفض هيتو أي حوار مع نظام الاسد. وقال «لا يمكن لاي قوة في العالم أن تفرض على شعبنا خيارات لا يرتضيها، ونؤكد لشعبنا السوري العظيم أن لا حوار مع النظام الاسدي».

ورداً على سؤال لـ«فرانس برس» عما إذا كان إعلان هيتو يعني سقوط مبادرة الخطيب في شأن التحاور مع ممثلين عن النظام، قال الخطيب إن «النظام هو من انهى المبادرة قبل أن يكون هناك رئيس حكومة». وأوضح أن اقتراحه المشروط للتفاوض مع ممثلين عن النظام الذي أطلقه في نهاية يناير الماضي كان من أجل «تخفيف المعاناة عن الشعب السوري، وقد حاول البعض في المجتمع الدولي استغلالها من أجل إقامة حوار مع النظام، لكن النظام أسقط المبادرة من الاساس». وقال عضو في الائتلاف، رفض الكشف عن اسمه، لـ«فرانس برس» إن المجلس الوطني السوري، أبرز مكونات الائتلاف، الذي كان معارضاً لمبادرة الخطيب، ربط موافقته على تشكيل حكومة مؤقتة بإعلان رفض الحوار مع النظام. وقال «بعد أن تم الاتفاق على ذلك، دعم المجلس هيتو في الانتخابات».

تويتر