معارضة الداخل السوري تدعو إلى التغيير السلمي قبيل «تقرير الإبراهيمي»

«الحر» يعلن فقدان النظام مزيــداً من الأراضي

اجتماع المعارضة السورية في دمشق دعا إلى التغيير السلمي وإسقاط النظام. أ.ف.ب

أكدت المعارضة المسلحة، أمس، فقدان النظام السوري السيطرة على مزيد من الاراضي، وذلك عشية تقديم المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية الاخضر الابراهيمي امام مجلس الامن تقريره عن أول مهمة له في سورية. وفيما دعت معارضة الداخل في اجتماع نادر بدمشق الى التغيير السلمي واسقاط النظام، تواصلت أعمال العنف في مناطق عدة من سورية.

وتفصيلاً، قال العقيد في الجيش السوري الحر احمد عبدالوهاب في قرية اطمة القريبة من الحدود التركية، ان النظام السوري يفقد السيطرة على المزيد من الاراضي. واضاف الضابط في المعارضة المسلحة، وآمر كتيبة من 850 رجلا «نسيطر على القسم الاكبر من البلاد، وفي معظم المناطق الجنود يبقون داخل ثكناتهم». واضاف «مع أو من دون مساعدة خارجية يمكن أن تقدم الينا، فإن سقوط النظام مسألة أشهر وليس سنوات».

وتابع «لو كانت لدينا مضادات للطيران ودبابات فعالة، لتمكنا سريعاً من التقدم، لكن الدول الاجنبية لا تقدم لنا هذه المعدات، ومن دونها سننتصر. سيكون ذلك اطول، هذا كل ما في الامر».

في الاثناء، وبعد اول مهمة له في سورية منذ توليه مهامه في الاول من سبتمبر، يقدم الابراهيمي اليوم الى مجلس الامن الدولي تقريراً عن زيارته.

وكان الابراهيمي قال مراراً إن مهمته صعبة جداً، وانه لا يملك خطة دقيقة لتسوية النزاع. وأعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، عن الأمل في ان تكون للإبراهيمي قريباً استراتيجية يقترحها لحل الازمة السورية.

لكن دبلوماسياً غربياً قال إن الإبراهيمي يقف في وضع تأهب انتظاراً لاحتمال، غير مرجح حالياً، بان يقرر طرفا النزاع التفاوض. واضاف «حاليا مصير سورية لا يتقرر في نيويورك، لكن في سورية وبالأسلحة».

وقد حذّر كي مون والإبراهيمي من أن الأزمة المتفاقمة في سورية تُمثّل تهديدًا متصاعدًا للسلام في المنطقة. ونقل المتحدث باسم بان، عن الأمين العام والإبراهيمي، قولهما في بيان نشر على موقع الأمم المتحدة، بعيد اجتماعهما على هامش الجلسة الـ67 للجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، إن «الأزمة التي تتفاقم في سورية تُمثّل تهديدًا متصاعدًا للسلام والأمن في المنطقة». وأعرب الجانبان عن تعويلهما على العديد من القادة الذين سيشاركون في اجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة ليعملوا على معالجة أزمة العنف في سورية، وأثرها في الدول المجاورة.

وركّز بأن والإبراهيمي على الوسائل الكفيلة بالرد على العنف الخطير في سورية وعلى التقدّم نحو حل سياسي شامل يتجاوب مع المطالب الشرعية للشعب السوري.

وسيجتمع أكثر من 120 رئيس دولة ورئيس حكومة ووزراء في نيويورك اعتبارا من الغد للمشاركة في الدورة الـ67 للجمعية العامة للامم المتحدة التي يطغى على اعمالها النزاع السوري. وتعقد عدة لقاءات ثنائية على هامش الجمعية، لكن روسيا والصين لن تكونا ممثلتين في نيويورك إلا على المستوى الوزاري، فيما عدل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي تستقبل بلاده آلاف اللاجئين السوريين، عن المجيء.

ورغم الدعوات إلى رحيل الأسد، فإن الدول الغربية مترددة جداً إزاء تسليح المعارضة، بسبب خوفها من سقوط الاسلحة بايدي مجموعات متطرفة.

وبحسب خبير فإن الاعلان عن نقل قيادة الجيش السوري الحر، من تركيا التي شكلت مقراً له لاكثر من عام الى سورية، يأتي في سياق السعي لمراقبة المجموعات المتطرفة.

ميدانياً، تواصلت أعمال العنف في سورية امس، وذلك بعد يوم من مقتل نحو 210 أشخاص، معظمهم في حلب وريف دمشق ودمشق. وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومعارضين مسلحين في مناطق بحمص وحماة.

كما تعرضت مناطق في كل من حلب وإدلب وريف دمشق ودير الزور ودرعا لقصف عنيف من قبل القوات النظامية، ما أدى إلى سقوط ضحايا وتدمير عدد من المنازل.

وقصف الطيران العسكري السوري أمس، مواقع عدة للمقاتلين المعارضين، خصوصاً في حمص ودير الزور، حسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأضاف المرصد أن الطائرات العسكرية قصفت مواقع في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق في محافظة دير الزور تزامنت مع نشوب معارك في عدد من احياء المدينة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن المقاتلين المعارضين يحاولون السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية في محافظة دير الزور الغنية بالنفط، وكذلك على مطار حمدان العسكري القريب، معتبرا ان سيطرتهم على هذه المدينة سيوجه ضربة قاسية للنظام.

وحاول مقاتلو المعارضة مراراً السيطرة على هذه القاعدة الجوية من دون جدوى، وكانت كثافة القصف تجبرهم على التراجع.

وفي حمص ثالث مدن البلاد قصف الجيش السوري بالطائرات والمدفعية الثقيلة المناطق المحيطة باحياء جوبر والسلطانية وبابا عمرو، كما قصفت الطائرات العسكرية جبل الاكراد في محافظة اللاذقية، حسب المرصد.

وأضاف المرصد أن القصف أدى إلى انهيار عدد من المباني، خصوصاً في محافظات ادلب وحماه ودرعا.

وفي حلب اندلعت معارك في العديد من احياء هذه المدينة، إلا أنها كانت اقل عنفا من الايام السابقة. وأطلق المعارضون قذائف هاون من حي بستان القصر في حلب على حي الجميلية الواقع تحت سيطرة القوات النظامية.

وأعلن العقيد أحمد عبدالوهاب من الجيش السوري الحر لوكالة فرانس برس ان المعارضين المسلحين دمروا مقاتلتين لسلاح الجو السوري كانتا على أرض المطار في بلدة اورم غرب محافظة حلب. ولم يكن بالإمكان التحقق من هذه المعلومات من مصدر مستقل.

وفي ريف دمشق أصيب عدد من الاشخاص، بينهم نساء نتيجة تعرض بلدات عدة لقصف من القوات النظامية السورية.

وأفاد المرصد أن تسعة أشخاص على الاقل قتلوا، أمس، في أعمال العنف في أنحاء سورية كافة.

في غضون ذلك، بدأ معارضون سوريون في العاصمة دمشق أمس أعمال «المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية»، بمشاركة مجموعة من القوى والتيارات السياسية، أبرزها هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي وشخصيات مستقلة، وبحضور عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي في دمشق يتقدمهم سفراء روسيا والصين وإيران والجزائر.

وذكرت وسائل إعلام سورية إن المعارضة الداخلية دعت الى إسقاط النظام (السوري) بكل رموزه ومرتكزاته. وجاء في المبادئ الاساسية للمؤتمر «إسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته، بما يعني ويضمن بناء الدولة الديمقراطية المدنية، والتأكيد على النضال السلمي استراتيجية ناجعة لتحقيق أهداف الثورة».

وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، رجاء الناصر، في كلمة له خلال الافتتاح إن المؤتمر جاء ليقول «كفى للحرب المجنونة المعلنة على الشعب وثورته، كفى لتمزيق المجتمع ودفعه إلى حافة الصراعات الطائفية والمذهبية، كفى لتحويل سورية إلى ساحة للصراع بين المشروعات والأجندات الخارجية».

واضاف الناصر «نؤمن ونسعى من اجل وضع خطط للقضايا الاسعافية العاجلة التي تسمح بعودة المهجرين والنازحين وتأمين العلاج الطبي والعيش لملايين السوريين المنكوبين» معتبرا ان «لا مدخل لذلك سوى الوقف الفوري لاطلاق النار ووقف القصف الوحشي الهمجي لتكون هدنة واستراحة محاربين تفتح الطريق امام عملية سياسية عندما تتوفر شروطها ومستلزماتها، تكفل التغيير الجذري الديموقراطي وتكفل الانتهاء من النظام الراهن لصالح ديموقراطية جدية وحقيقية». واتهمت المعارضة المسلحة شخصيات المعارضة الداخلية، التي تضم معارضين بارزين قضى بعضهم سنوات في سجون الاسد بأنها سلبية.

ورفض متحدث باسم الجيش السوري الحر المؤتمر، قائلاً إن نظام الاسد «يحاول دائما التفاوض مع نفسه».

وقال لـ«رويترز» عبر الهاتف «هذه ليست معارضة حقيقية في سورية. هذه المعارضة ليست سوى الوجه الآخر للعملة نفسها، فالجيش السوري الحر لن تكون له علاقة بهذه الجماعات».

تويتر