قصف واشتباكات في دمشــق.. و«الجيش الحر» يعلن بدء «معركة تحريـــر» حلب

تجددت، أمس، الاشتباكات في دمشق بين الجيشين النظامي والحر، واتسع نطاقها بصورة غير مسبوقة في حلب، حيث أعلنت المعارضة بدء معركة «تحرير» المدينة، وترافقت هذه المواجهات مع قصف جوي وبري عنيف من القوات النظامية، أوقع ما لا يقل عن 24 قتيلاً، في حين تستضيف الدوحة، اليوم، اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب للبحث خصوصاً في الشأن السوري.

وقالت مصادر متطابقة، إن الجيش السوري قصف بالمروحيات والمدفعية مواقع داخل وحول حي برزة في شمال دمشق، وحي المزة عند المدخل الشمالي للمدينة. وأضافت المصادر أن الجيش السوري نفذ عمليات دهم في الحيين، بعدما كان أعلن في وقت سابق «تطهير» أحياء أخرى في العاصمة، بينها الميدان والقابون من عناصر الجيش السوري الحر.

وقالت المصادر إن قوات الفرقة الرابعة النخبوية تحاصر حي برزة في شمال دمشق، وتسمع أصوات نيران الدبابات في المنطقة. كما اطلقت طائرات هليكوبتر حربية رصاص البنادق الآلية على منطقتي ركن الدين وقابون القريبتين.

وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قتيل وجرحى في اقتحام الجيش لبساتين المزة بالدبابات والآليات، وعن وانتشار مئات الجنود السوريين هناك. وأشار إلى اقتحام متزامن استهدف حي برزة البلد، تلاه نشر قوات وآليات أمام المنشآت الحكومية في برزة.

وقالت لجان التنسيق المحلية من جهتها، إن اشتباكات اندلعت، امس، بين الجيشين النظامي والحر في حي ركن الدين.

وفي وقت سابق، قال عضو تنسيقية منطقة الصالحية هشام الشامي، إن الجيش شنّ حملة دهم بالدبابات والمدرعات في حيّي المزة وكفرسوسة، مشيراً إلى أن الجيش يحاصر المدينة من كل الجهات.

وتزامنت عودة التصعيد في دمشق مع اتساع رقعة القتال في حلب بشكل غير مسبوق. كما قام متظاهرون الليلة قبل الماضية بتشويه تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، في منطقة الشهباء بوسط المدينة، وحطموا اجزاء من التمثال الحجري، وفقاً لما ظهر في شريط فيديو التقطه نشطاء.

وأعلن الجيش السوري الحر، أمس، بدء معركة تحرير حلب حيث تدور لليوم الثالث على التوالي اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والجيش الحر.

وقال قائد المجلس العسكري للجيش السوري الحر في محافظة حلب العقيد عبدالجبار محمد العكيدي، في بيان تلاه وتم توزيعه على الانترنت في شريط فيديو مسجل «في هذه الايام المباركة من عمر ثورتنا وبعد ان قطعنا شوطا كبيرا في كفاحنا من أجل حريتنا، يعلن المجلس العسكري لمحافظة حلب بدء عملية حلب الشهباء لتحرير حاضرة حلب من أيدي عصابة الاسد الملوثة بالجرائم المنكرة». واضاف العكيدي «نجح الجيش السوري الحر حتى اليوم في تحرير معظم المواقع الواقعة في ريف حلب وأصبحت الطريق امامنا مفتوحة لتحرير مدينة حلب ومنها كل التراب السوري». وأكد ان الاوامر اعطيت الى كل عناصر الجيش الحر بالزحف في اتجاه حلب الشهباء من كل الاتجاهات بهدف تحريرها ورفع علم الاستقلال فيها، معلناً النفير العام في ارجاء المحافظة كافة. وتعهد المسؤول العسكري المعارض بحماية المدنيين والحفاظ على الممتلكات العامة، وطالب المواطنين التزام بيوتهم حتى تحرير المدينة.

في الأثناء قال ناشطون سوريون وفلسطينيون إن عدداً من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في دمشق انضموا الى المعارضين السوريين الذين يقاتلون النظام السوري، وحمل بعضهم السلاح للقتال إلى جانب الثوار.

وقال المتحدث باسم مجلس الثورة في المنطقة، أبوعبدالله الحلبي، إن القتال الذي بدأ قبل يومين امتد لأول مرة إلى قلب المدينة التي تعد عصب الاقتصاد السوري. وأضاف الحلبي أن قتيلين وجرحى سقطوا في الاشتباكات التي وقعت حول مقر أمن الدولة الرئيس، وقصر المحافظ، والقصر الجمهوري، مرجحاً الانتهاء من تحرير المدينة خلال يومين أو ثلاثة. وكان الجيش السوري الحر الذي سيطر على بعض الأحياء، ومنها الصاخور وصلاح الدين، قد أعلن النفير العام وبدء عملية تحرير حلب.

وذكرت مصادر في المعارضة ان مقاتلين من مناطق ريفية حول حلب يتوافدون إلى المدينة القريبة من الحدود مع تركيا ويقطنها ثلاثة ملايين نسمة. وقالت كتائب التوحيد المعارضة في بيان مصور ان «معركة تحرير حلب» قد بدأت. وشملت عمليات الجيش السوري محافظات أخرى، بينها دير الزور ودرعا وحمص. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن 24 شخصا قتلوا، معظمهم في دمشق وريفها وحلب.

وفي الوقت نفسه، تعرضت دير الزور لقصف هو الأعنف، استخدمت فيه المروحيات ومدافع الميدان والهاون، وفق ما قال ناشطون وسكان. وقال ضابط سابق إنه أحصى، صباح امس، 200 قذيفة على حيين في المدينة. وتحدث ناشطون أيضاً عن قتلى وجرحى في بلدة الكرك بمحافظة درعا على الحدود الأردنية. وأشار ناشطون إلى عمليات عسكرية أخرى استهدفت بلدات في ريف دمشق، بينها المعضمية، كما استهدف القصف مدينة الزبداني، حيث سيطر الجيش الحر على حاجز عسكري. وأكدت لجان التنسيق المحلية سقوط قتلى وجرحى في قصف جوي وبري استهدف مدينة الرستن، وأحياء في حمص.

في الأثناء، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم، مقتل 19106 أشخاص منذ اندلاع الاحتجاجات على نظام الرئيس بشار الأسد منتصف مارس .2011

وقال مدير المركز، رامي عبدالرحمن، إن بين القتلى 13296 مدنياً، و4861 من أفراد الجيش والأمن، و949 من المنشقين عن الجيش. وسيطر الجيش الحر الليلة قبل الماضية على معبر اليعربية بين سورية والعراق، قبل أن يستعيده الجيش النظامي بلا قتال في غضون ساعات. وقال محافظ نينوى اثيل النجيفي لوكالة فرانس برس ان الجيش النظامي السوري استعاد السيطرة، صباح أمس، على معبر اليعربية من دون اي اشتباكات أو قتال، وذلك بعد أن هجره المسلحون الذين سيطروا عليه في وقت سابق. وأضاف «حضرت قوة سورية واستعادت السيطرة على المعبر»، الواقع شمال غرب الموصل (350 كلم شمال بغداد). وقصفت مروحيات سورية، أمس، معبر باب السلام شمالي حلب بين سورية وتركيا في محاولة لاستعادته أيضاً.

واستولى المعارضون السوريون أيضاً، أمس، على مركز حدودي ثانٍ مع تركيا بعد احتلالهم معبر باب الهوى، كما أكد مصدر دبلوماسي تركي لوكالة فرانس برس.

وقال هذا المصدر طالباً، عدم كشف اسمه، ان المعارضين يحتلون مركز السلامة الى شمال حلب (شمال) المواجه لمعبر اونهوبينار الحدودي التركي في محافظة كيليش (جنوب) منذ الساعة السابعة من صباح امس. وسيطر مسلحون من حزب العمال الكردستاني على مدينة المالكية بمحافظة الحسكة، ورفعوا علم الحزب على عدد من الدوائر التي تمت السيطرة عليها.

في الأثناء عقدت اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالأزمة السورية اجتماعا، امس، في الدوحة بحثت فيه تطورات الوضع السوري في ضوء امتداد العنف الى دمشق وحلب، وتقدم المعارضة على الارض وتأكيدها دخول مرحلة الحسم مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأفاد مصدر في الخارجية القطرية لوكالة فرانس برس، بأن اجتماع اللجنة الوزارية عقد برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ويعقد اجتماع موسع آخر لوزراء الخارجية العرب، مساء اليوم، للبحث خصوصا في الشأن السوري.

وكان نائب الامين العام للجامعة العربية احمد بن حلي، قال في تصريحات صحافية، ان التطورات الخطيرة التي تشهدها سورية منعطف ومنحى خطير لا بد من دراسة كل تداعياته، والعمل على إجراء عملية تقييم للجهود التي تبذل، سواء على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومشروعات القرارات التي تعرض عليه».

وأكد رئيس المجلس الوطني السوري، المعارض عبدالباسط سيدا، ان التطورات في سورية دخلت مرحلة الحسم، مطالبا بإنشاء صندوق دولي لإغاثة الشعب السوري.