اشتباكات عنيفة وسط دمشـق والدبابات تقتحم دير الزور

دارت اشتباكات عنيفة، فجر أمس، في حي المزة وسط العاصمة السورية دمشق بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومنشقين عنها، ترافقت مع انفجارات في المنطقة، فيما اقتحمت عشرات الدبابات مدينة دير الزور لاستعادة أحياء رئيسة من أفراد الجيش السوري الحر، قبيل وصول البعثة المفوضة من المبعوث الدولي كوفي انان لإجراء مباحثات مع القيادة السورية حول وقف العنف. في حين تلقت اللجنة الدولية للصليب الاحمر من موسكو «إشارات ايجابية بدعم» طلبها اعلان هدنة يومية لساعتين «في المناطق التي يطالها العنف» في سورية.

وقال المتحدث باسم مجلس قيادة الثورة في محافظة دمشق مرتضى رشيد في اتصال عبر سكايب مع «فرانس برس»، إن أصوات انفجارات وتبادل لاطلاق النار سمعت فجر أمس، في منطقة المزة، في ما يبدو انه عملية للجيش السوري الحر ضد القوات النظامية، مشيراً الى «وقوع اصابات في صفوف القوات النظامية».

وأضاف ان سيارات اسعاف توجهت الى المكان «من دون اصدار صوت اسعاف».

وأكد أن «هذه العمليات التي يقوم بها عناصر الجيش الحر في دمشق تسهم في حجز قوات كبيرة للنظام في دمشق، لتخفيف الضغط عن المدن والمناطق المحاصرة»، مشيراً الى «استقدام النظام لوحداته التي تشن عمليات في ريف دمشق الى العاصمة بعد الاشتباكات».

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان، إن 18 جريحاً على الاقل من القوات النظامية سقطوا في اشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين «هي الاعنف من نوعها والاقرب الى المراكز الامنية في العاصمة السورية منذ انطلاقة الثورة السورية».

وذكر التلفزيون السوري، من جهته، في شريط اخباري عاجل، أن «اشتباكات جرت بين قوات حفظ النظام وعصابة ارهابية مسلحة اتخذت احد المنازل ضمن منطقة سكنية وكراً لها أسفرت عن مقتل ثلاثة ارهابيين واعتقال الرابع واستشهاد عنصر من قوات حفظ النظام واصابة ثلاثة آخرين».

وأضاف التلفزيون ان هذه الاشتباكات اوقعت «أضراراً مادية داخل المنزل الذي اتخذه الارهابيون وكراً لهم، حيث استخدموا القنابل وقذائف الآر بي جي، اضافة الى الاسلحة الرشاشة ضد قوات حفظ النظام».

ونقل موقع «سورية المستقبل» عن نشطاء قولهم، إن الاشتباكات التي وقعت بين الأمن والجيش السوري الحر في حي المزة غرب دمشق أسفرت عن سقوط 84 قتيلاً و159 مصاباً.

وكان الموقع قال في وقت سابق، إن عشرات المصابين من عناصر الأمن والشبيحة تكسوهم الدماء يدخلون إلى مستشفى المواساة، وإن سيارات الإسعاف تتوجه إلى المزة، لكن دون أصوات.

وقد ذكر موقع الهيئة العامة للثورة السورية على الإنترنت في وقت سابق، أن سلسلة انفجارات وإطلاق نار كثيف على المنازل سمع دويه قبل فجر أمس، في حي المزة المحصن بدمشق، وتلا ذلك انتشار امني كثيف في المنطقة وتحليق طيران فوق سماء المنطقة. وتكتسب الاشتباكات في حي المزة اهمية، اذ يقع على مقربة من القصر الرئاسي، ويقيم فيه مسؤولون وضباط كبار، اضافة الى وجود مراكز امنية عدة فيه وعدد من السفارات.

وواصلت القوات النظامية عملياتها العسكرية، في عدد من مناطق البلاد.

ففي محافظة ادلب (شمال غرب)، قتل شاب في مدينة خان شيخون، اثر اصابته برصاص قناصة، وفقاً للمرصد.

وأفاد عضو المكتب الاعلامي لمجلس قيادة الثورة في ادلب نورالدين العبدو بتعرض قرية ابديتا في جبل الزاوية لاقتحام القوات النظامية، وهي قرية قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد.

وفي قرية مرعيان قال المرصد إن السلطات السورية أحرقت اكثر من 60 منزلاً خلال 24 ساعة.

وفي محافظة حلب (شمال)، قتل ضابط برتبة مقدم وأصيب ضابطان آخران بجروح خطرة، إثر اطلاق الرصاص من قبل مسلحين مجهولين على سيارة كانت تقلهم على طريق السفيرة حلب عند مفرق بلدة تل شغيب.

وفي حمص (وسط)، اضاف المرصد أن قذائف هاون عدة سقطت على حي باب السباع، ما تسبب في احتراق بعض المنازل كما اقتحمت قوات امنية حي كرم الشامي صباح أمس، ونفذت حملة اعتقالات. وأفادت لجان التنسيق المحلية بتعرض حي الخالدية لقصف بمدافع الهاون.

وفي ريف حمص، اضاف المرصد أن قرية جوسيه (ريف حمص) المحاذية للحدود مع لبنان، تعرضت لاطلاق نار من رشاشات ثقيلة وقذائف من القوات النظامية، مشيراً الى إصابة خمسة مواطنين بجراح. وفي ريف حماة (وسط)، تعرضت بلدة قلعة المضيق لاطلاق نار من رشاشات ثقيلة وقصف مدفعي، بحسب المرصد.

وفي دير الزور (شرق)، قال شهود إن عشرات من الدبابات السورية داهمت مدينة دير الزور لاستعادة أحياء رئيسة من أفراد الجيش السوري الحر المعارض الذين يصعدون هجماتهم على القوات الحكومية.

وذكر سكان عبر الهاتف أن دبابات وحاملات جند مدرعة دخلت المدينة من الشمال، وواجهت مقاومة من مقاتلي المعارضة أثناء توجهها إلى أحياء في جنوب شرق المدينة سقطت في أيدي المعارضين.

وقال المرصد السوري، إن اشتباكات عنيفة دارت قرب دوار غسان عبود بين القوات النظامية السورية ومجموعة مسلحة منشقة، مشيراً الى ان «اشتباكات عنيفة دارت يوم امس (الأحد) في عدة احياء بالمدينة اسفرت عن سقوط 25 على الاقل من المجموعات المسلحة وفقدان 33 منهم وخمسة من القوات النظامية بينهم ضابطان».

وأضاف أن المجموعات المسلحة المنشقة تسيطر على حي الحميدية وتجول في شوارع الحي بسيارات رباعية الدفع.

وفي محافظة درعا (جنوب)، اقتحمت بلدة كفر شمس قوات عسكرية امنية مشتركة تضم ناقلات جند مدرعة وسيارات رباعية الدفع نصب عليها رشاشات متوسطة ونشرت حواجز على مداخل البلدة وفي شوارعها.

من جهتها، أفادت قناة الاخبارية السورية، أمس، بأن «مجموعة ارهابية مسلحة» اختطفت رئيس النيابة العامة في معرة النعمان التابعة لريف ادلب (شمال غرب) القاضي صبحي الاسود. في سياق متصل، مدد الاسد بموجب مرسوم، أمس، مهلة الترشح الى انتخابات مجلس الشعب المقرر اجراؤها في السابع من مايو المقبل، لغاية 28 مارس الجاري. وكان تقديم طلبات الترشيح لانتخاب اعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الاول لعام 2012 يستمر حتى نهاية الدوام الرسمي في 21 مارس.

يأتي ذلك، فيما أعلن أحمد فوزي المتحدث باسم مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول العربية الخاص إلى سورية كوفي أنان، أن بعثة الخبراء الدوليين الخمسة الذين اوفدهم انان الى دمشق «وصلت بالفعل»، أمس، في محاولة لوقف اعمال العنف الدامية في هذا البلد.

وقال إن زيارة انان المقبلة الى سورية ستكون رهناً الى حد كبير بالتقدم الذي يحرز خلال المحادثات بين خبراء الامم المتحدة والسوريين.

وقرر أنان ايفاد بعثة الى دمشق لمناقشة تفاصيل آلية مراقبة، ومراحل اخرى عملية لتنفيذ بعض اقتراحاته على ان يشمل ذلك «وقفاً فورياً للعنف والمجازر».

وفي موسكو أعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر، ان رئيسها جاكوب كيلينبرغر تلقى، أمس، من موسكو «إشارات ايجابية بدعم» طلبه اعلان هدنة يومية لساعتين «في كل المناطق التي يطالها العنف» في سورية. وقال المتحدث باسم المنظمة هشام حسن إن «الاجتماع كان ايجابياً. خلال الاجتماع، تلقت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اشارات ايجابية بدعم مبادرتنا لوقف المعارك لساعتين يومياً في كل المناطق التي يطالها العنف». وخلال زيارته موسكو، التقى كيلينبرغر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وأوضح حسن أنه الى جانب فكرة الهدنة «تناولت المحادثات اهمية القيام بعمل انساني محايد ومستقل في سورية».