قصف جوي وصاروخي للنظام السوري يستهدف البلدة لليوم الخامس على التوالي

الإمارات تطالب بهدنة فورية في «الغوطة» حمايةً للمــدنيين.. وتشـدّد على الحـل السـيـاسي للأزمة

مسعفون يساعدون في إخراج سيدة مغمى عليها في بلدة دوما بالغوطة الشرقية. رويترز

طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس، بهدنة فورية حقناً للدماء وحماية للمدنيين في الغوطة الشرقية بسورية، مؤكدة أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي المستند إلى مرجعية جنيف. في الأثناء استهدفت قوات النظام بالغارات والقذائف الصاروخية البلدة المحاصرة قرب دمشق لليوم الخامس على التوالي في تصعيد أودى بحياة 382 مدنياً، في وقت يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً للتصويت على مشروع قرار حول هدنة في ما سمّته الأمم المتحدة «جحيماً على الأرض».

السعودية تطالب قوات النظام السوري

بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية

والإغاثية إلى الغوطة، وتدعو دمشق

إلى الأخذ بشكل جاد بمسار الحل

السياسي للأزمة.

وتفصيلاً، أعربت الإمارات عن قلقها البالغ من تصاعد وتيرة العنف وتداعياته على الأوضاع الإنسانية وسلامة المدنيين في منطقة الغوطة الشرقية. وطالبت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بهدنة فورية حقناً للدماء وحماية للمدنيين، وضمت صوت الإمارات إلى الدعوات الدولية المطالبة بالهدنة الفورية، مضيفة أن سورية التي شهدت أفظع المواجهات والاستهداف الممنهج للمدنيين لا تتحمل فصلاً دموياً مكرراً.

وأكدت الوزارة على ضرورة إفساح المجال أمام المساعدات الإنسانية لإسعاف الجرحى، ولتوفير العلاج والدواء والغذاء.

كما أكدت دولة الإمارات مجدداً أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي المستند إلى مرجعية جنيف، وناشدت الأطراف كافة تفعيل المسار السياسي، معربة عن قلقها الشديد من التدخلات الخارجية على الأرض، والتي تنتهك السيادة السورية وتزيد الأزمة تعقيداً، داعية إلى وضع حد للدموية التي مزقت سورية ونسيجها الاجتماعي ومؤسساتها، وباتت تهدد وحدتها.

من جانبها، طالبت الرياض قوات النظام السوري، أمس، بوقف العنف في الغوطة الشرقية آخر معقل للفصائل المعارضة، معربة عن القلق من أثر هذه الهجمات على المدنيين.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في حسابها على «تويتر»: «قلقون من استمرار هجمات النظام السوري على الغوطة الشرقية، وأثر ذلك على المدنيين هناك».

ودعت الرياض قوات النظام إلى السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الغوطة، كما طالبت دمشق بالأخذ «بشكل جاد بمسار الحل السياسي للأزمة».

ميدانياً، استهدفت قوات النظام، أمس، بالغارات والقذائف الصاروخية الغوطة الشرقية المحاصرة، لليوم الخامس على التوالي، في تصعيد أودى بحياة 382 مدنياً.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان في حصيلة جديدة مقتل 33 مدنياً جراء القصف على الغوطة الشرقية.

وكان أفاد في وقت سابق بمقتل 19 مدنياً، إلا أن الحصيلة تواصل الارتفاع جراء استمرار القصف.

وسجلت مدينة دوما الحصيلة الأكبر، إذ قتل فيها جراء عشرات القذائف الصاروخية، ثم الغارات، 24 مدنياً، بينهم سبعة أطفال، وأصيب أكثر من 220 شخصاً في مدن وبلدات أخرى.

وفي مدينة دوما، شاهد مراسل «فرانس برس» متطوعين من الدفاع المدني يُخرجون نساء جريحات من تحت الأنقاض. وأثناء انهماكهم بإنقاذ امرأة، استهدف القصف الجوي المنطقة، وتمكنوا من إخراجها لاحقاً، لكنها كانت فارقت الحياة.

وشاهد مراسل «فرانس برس» في مستشفى بدوما جثثاً، بينها جثتان لطفلين مجهولي الهوية.

ومنذ الأحد، وثق المرصد السوري مقتل 382 مدنياً، بينهم 94 طفلاً، وإصابة أكثر من 1900 آخرين بجروح.

وفي مدينة حمورية، تجمع بعض السكان صباحاً أمام متجر وحيد فتح أبوابه لبيع المواد الغذائية إلى أن سقطت قذائف عند أطراف الشارع، فانفض الجمع سريعاً.

وردّت فصائل معارضة على التصعيد باستهداف حرم مطار الضمير العسكري، الذي تنطلق منه طائرات قوات النظام لاستهداف الغوطة، بصواريخ عدة من دون أن تسبب أضراراً مادية، وفق عبدالرحمن. ويتزامن التصعيد العسكري في الغوطة الشرقية مع تعزيزات لقوات النظام تُنذر بهجوم بري وشيك.

وأثارت حملة القصف احتجاجات دولية، حيث طالب الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، الثلاثاء بـ«تعليق فوري لكل الأعمال الحربية»، واصفاً الغوطة بـ«الجحيم على الأرض».

وسيجتمع مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قانون يطالب بوقف لاطلاق النار في سورية لمدة ثلاثين يوماً، لإفساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية وإجلاء المرضى والمصابين.

وستدعم واشنطن مشروع القرار، وفق ما قالت سفيرتها لدى الأمم المتحدة. ويطالب النص برفع فوري للحصار عن الغوطة الشرقية ومناطق أخرى.

ولإرضاء روسيا، تم تعديل النص، بعد مفاوضات شاقة، ليتضمن أن وقف إطلاق النار لا يشمل تنظيمي «داعش» و«القاعدة».

من جهته، طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اعلان «هدنة» في الغوطة الشرقية، مندداً «بشدة» بهجوم النظام السوري على المدنيين في هذه المنطقة.

وصرح ماكرون للصحافيين، بعد محادثات مع رئيس ليبيريا جورج ويا، أن «فرنسا تطلب هدنة في الغوطة الشرقية بهدف التأكد من اجلاء المدنيين، وهو أمر ضروري، وإقامة كل الممرات الإنسانية التي لابد منها، في أسرع وقت».

وأضاف أن «فرنسا تبقى ملتزمة بالكامل في إطار التحالف الدولي في سورية لمكافحة الإرهابيين، لكن ما يحصل في الغوطة الشرقية اليوم، هو بوضوح، مدان بشدة من جانب فرنسا».

وفي برلين دعت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الاتحاد الأوروبي للقيام بمزيد من الجهود في النزاع السوري.

وقالت ميركل في بيانها للبرلمان أمس: «ما نراه حالياً، الأحداث المفزعة في سورية، ليست حرب النظام على الإرهابيين، بل على شعبه، قتل الأطفال، تدمير المستشفيات، كل هذا مذبحة يجب إدانتها». وشددت ميركل على ضرورة المطالبة، في ظل هذا الموقف، بـ«محاولة لعب دور أكبر لكي نستطيع أن ننهي مثل هذه المذبحة».

تويتر