«قسد» تدعو واشنطن «للاضطلاع بمسؤولياتها» إزاء عفرين

أردوغــان يؤكــد المضـي فـي الهجوم بشمال سورية بالتوافق مع روسيا

مقاتلون من المعارضة السورية يمرون أمام القوات التركية خلال توجههم لقتال الأكراد في عفرين. أ.ف.ب

أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، «عدم تراجع بلاده في عمليتها العسكرية ضد الأكراد في منطقة عفرين في شمال سورية»، مشدداً على أن العملية تجري «بالتوافق مع موسكو». في وقت دعت فيه «قوات سورية الديمقراطية» (قسد)، التحالف الدولي بقيادة واشنطن، إلى الاضطلاع بمسؤولياته، بعد الهجوم التركي على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سورية.

وقال أردوغان خلال اجتماع نقله التلفزيون في أنقرة إن بلاده لن تتراجع في عمليتها العسكرية ضد الأكراد في عفرين.

لافروف اتهم واشنطن

بتشجيع النزعة الانفصالية

لدى الأكراد وتجاهل

الطبيعة «الحساسة»

للمسألة

وأضاف «نحن مصممون، فمسألة عفرين سيتم حلها، ولن نتراجع. تحادثنا بهذا الشأن مع أصدقائنا الروس، ونحن متفقون».

وتأتي هذه التصريحات بعد تعبير عدد من الدول وبينها فرنسا، عن القلق من فتح جبهة جديدة في النزاع السوري.

وبدأت تركيا السبت عملية عسكرية سميت «غصن الزيتون» في منطقة عفرين شمال سورية، وكثفت القصف المدفعي والغارات الجوية على مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تسيطر على المنطقة.

ولم تؤكد موسكو رسمياً إعطاء «ضوء أخضر» للعملية، على الرغم من أنه يعتبر حيوياً لنجاحها، ودعت أنقرة إلى ضبط النفس.

ويعتبر كثير من المحللين أن تركيا لا يمكن أن تشن هجوماً عسكرياً واسعاً في سورية من دون موافقة روسيا التي تسيطر على المجال الجوي في شمالها، ولديها وجود عسكري في عفرين، وتقيم علاقات جيدة مع «وحدات حماية الشعب». كما أنها سحبت في الأسبوع الماضي قواتها المنتشرة في عفرين لتفادي «الاستفزازات».

وتتهم أنقرة وحدات حماية الشعب بأنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً مسلحاً على الأراضي التركية منذ 1984. لكن الولايات المتحدة تدعمها عسكرياً، بصفتها المكون الرئيس في «قوات سورية الديمقراطية» المكونة من تحالف فصائل كردية وعربية.

وأكد أردوغان أن «عملية عفرين ليست موجهة ضد إخواننا الأكراد. إنها عملية لمكافحة المنظمات الإرهابية»، مضيفاً أن «عملية عفرين ستنتهي ما أن تحقق أهدافها».

كما انتقد الولايات المتحدة التي واصلت العلاقات الثنائية معها التدهور في الأشهر الأخيرة.

وأضاف أن «أميركا تقول لنا يجب أن تكون (العملية) محدودة زمنياً، وألا تطول كثيراً، كيف تجرؤون على قول ذلك لنا؟»، وقال «سنغادر بعد نهاية العمل، وليس في نيتنا البقاء».

من جهتها، دعت «قوات سورية الديمقراطية» التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرز داعميها في الحرب ضد «داعش»، إلى «الاضطلاع بمسؤولياته» بعد الهجوم التركي على عفرين.

وقال المتحدث الرسمي كينو غابرييل، في بيان تلاه خلال مؤتمر صحافي عقدته قيادة هذه القوات في مدينة عين عيسى (شرق) إن «التحالف الدولي، شريكنا في مكافحة الإرهاب، الذي خضنا معه معارك مشرفة لدحر الإرهاب، وشارف على إعلان النصر النهائي، يعلم بكل جلاء أن التدخل التركي جاء لإفراغ هذا النصر من مضمونه».

وشدد على أن «التحالف مدعو للاضطلاع بمسؤولياته تجاه قواتنا وشعبنا في عفرين».

ووصفت الهجوم التركي بـ«الهمجي»، وبأنه «دعم واضح وصريح لتنظيم داعش الإرهابي، هدفه إتاحة الفرصة للتنظيم الإرهابي لالتقاط أنفاسه من خلال استهداف مقاطعة عفرين، وإشغال قواتنا بالدفاع عنها».

وقصفت المدفعية التركية، أمس، بكثافة، مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية في اليوم الثالث من الهجوم، وفق ما أفادت وسائل إعلام تركية.

واعتبرت «قوات سورية الديمقراطية»، وفق البيان، أن «روسيا الاتحادية وعبر مؤسساتها الرسمية مدعوة لتوضيح الموقف الصريح إزاء هذا العدوان التركي»، معربة عن قناعتها «الكاملة» بأن تركيا «ما كانت لتتجرأ على قصف قرانا ومدننا إلا لأن روسيا الاتحادية قد تنصلت من التزاماتها الأخلاقية، ومنحت الضوء الأخضر لهؤلاء بتحليق طيرانهم في أجواء عفرين».

من جهته، شن القائد العام لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية السورية، سيبان حمو، هجوماً حاداً على روسيا، وقال إنها «أصبحت عديمة المبادئ».

وقال في تصريح لموقع «هاوار» الإخباري، نشره أمس «كانت لدينا بعض الاتفاقيات مع روسيا، ولكن بين ليلة وضحاها ضربت روسيا بهذه الاتفاقيات عرض الحائط، وخانتنا، وهذا التغيير يؤكد الكذب الروسي. روسيا هي دولة متاجرة، ومن الواضح أنها اتفقت مع تركيا في بعض الموضوعات، وحصلت على ما تريده منها، لذلك موقف روسيا اليوم هو موقف عديمي المبدأ. أقولها بكل صراحة لروسيا وتركيا: مبارك لكما تواطؤكما معاً».

وشن حمو هجوماً أيضاً على الرئيس التركي، وقال: «أردوغان يحلم بأن يوسع نفوذه في المنطقة، وأن يجعل الإخوان المسلمين مهيمنين في المنطقة، أردوغان باع ثورة الشعوب السورية، واستعمل الشعب السوري أداة لتحقيق مصالحه. انظروا اليوم: (الجيش الحر) لم يبق أمامه شيء سوى محاربة الأكراد. أين هي أهدافهم المزعومة في تحرير الشعب السوري؟ أين هي أهدافهم المزعومة في بناء نظام جديد في سورية؟».

وفي موسكو، اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، واشنطن بتشجيع النزعة الانفصالية لدى الأكراد. وقال إن «واشنطن شجعت وتشجع بشكل نشط النزعة الانفصالية لدى الأكراد»، وتتجاهل الطبيعة «الحساسة» للمسألة. وأضاف «هذا الأمر هو إما عدم فهم للوضع أو استفزاز عن إدراك تام».

من ناحية أخرى، قال لافروف إن «ممثلين أكراداً هم على لائحة السوريين المدعوين للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي ينعقد في سوتشي الأسبوع المقبل».

ومن المقرر عقد المحادثات في 29 و30 يناير. وأكد لافروف أن الأكراد السوريين يجب أن يلعبوا دوراً في «العملية السياسية المستقبلية». وأضاف للصحافيين «يجب ضمان هذا الدور حتماً»، مؤكداً أنه يتعين على جميع المجموعات العرقية احترام سيادة البلاد ووحدة أراضيها.

تويتر