قوات النظام تحضّ آخر المسلحين والمدنيين على مغادرة حلب

«الوزاري العربي» يرفـــــض أي تغييرات ديموغرافية في سوريـــة

صورة جماعية للمشاركين في الاجتماع الرابع لوزراء الخارجية العرب مع نظرائهم في الدول الأوروبية. إي.بي.إيه

أكد مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية العرب، رفضه الكامل أي إجراءات أو سياسات ينتهجها النظام السوري أو حلفاؤه بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية أو فرض واقع سكاني جديد، سواء في حلب أو غيرها من المدن التي يجري تفريغها من السكان، في حين حضت قوات النظام السوري آخر المقاتلين والمدنيين المحاصرين في مدينة حلب على مغادرتها، تمهيداً لإعلان سيطرتها على كامل المدينة، في انتصار يعد الأبرز لدمشق منذ بدء النزاع قبل نحو ست سنوات، بينما أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إجلاء 25 ألف شخص من آخر جيب تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في حلب، منذ يوم الخميس الماضي.

وشدد المجلس الوزاري العربي، في قرار أصدره في ختام دورته غير العادية، الليلة قبل الماضية، حول «تطورات الوضع في سورية خصوصاً في مدينة حلب»، على أهمية العمل بشكل عاجل لتثبيت وقف كامل لإطلاق النار في حلب وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2328 وفي عموم الأراضي السورية، وبما يسمح بتأمين عملية إجلاء المدنيين بكرامة، ويتوافق مع القانون الدولي الإنساني وضمان معاملة المدنيين بكرامة، بجانب تمكين السكان من اختيار الوجهة التي يرغبون في الخروج إليها طواعية، وتمكينهم من العودة إلى منازلهم حال انتهاء النزاع.

وترأس وفد الدولة إلى الاجتماع وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور بن محمد قرقاش.

وجدد المجلس التزامه الثابت بسيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية.

وأكد موقفه الثابت من أن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل في الحل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، وبما يلبي تطلعات الشعب السوري وفقاً لما ورد في البيان الختامي لمؤتمر «جنيف 1»، ولما نصت عليه القرارات والبيانات العربية والدولية الصادرة بهذا الصدد، خصوصاً قرار مجلس الأمن 2254.

وجدد موقفه الثابت إزاء محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره، وفي جميع الدول العربية ودول العالم، وإدانة الجرائم التي تمارسها التنظيمات والجماعات الإرهابية كـ«داعش» و«جبهة النصرة»، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وما ترتكبه من جرائم وحشية ضد المدنيين السوريين في مختلف أرجاء سورية.

وعبر المجلس عن إدانته واستنكاره الشديدين للممارسات التي يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه والتنظيمات الإرهابية، وكل من تسبب في معاناة الشعب السوري في حلب من عمليات عسكرية وحشية في المدينة وضد سكانها المدنيين، وما تخلفه من مآسٍ إنسانية وتدمير للمدينة ومقدراتها وإرثها الحضاري والإنساني.

واعتبر المجلس أن ما يقوم به النظام السوري وحلفاؤه والتنظيمات الإرهابية، وكل من تسبب في معاناة الشعب السوري في حلب وغيرها من المدن، قد يرقي إلى جرائم حرب، فضلاً عن أنها تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف الأربع، داعياً المجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم كل من شاركوا وأسهموا في هذه الاعتداءات إلى العدالة الدولية.

وكلف مجلس وزراء الخارجية العرب «الترويكا العربية» القيام بما يلزم من اتصالات مع مختلف الأطراف المعنية، وفي مقدمتها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لإطلاعها على الموقف العربي من الأزمة السورية، وحثها على اتخاذ مواقف من شأنها تحقيق وقف كامل لإطلاق النار، والبدء في عملية تسوية سياسية تفضي إلى حل شامل للأزمة السورية. وقرر المجلس دعم الجهود التي تقوم بها الإمارات والسعودية و قطر لعقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أساس مبدأ الاتحاد من أجل السلام لإيقاف المجازر الوحشية التي يشنها النظام وحلفاؤه ضد الشعب السوري.

إلى ذلك، ترأس الدكتور أنور بن محمد قرقاش وفد الدولة المشارك في أعمال الاجتماع الرابع لوزراء الخارجية العرب، مع نظرائهم في الدول الأوروبية، التي انطلقت، أمس، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

وأكد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، في كلمة خلال افتتاح أعمال الجلسة، أهمية تعزيز الحوار العربي الأوروبي باعتبار أن هذين الفضاءين يشكلان فضاء كبيراً واحداً، آخذين في الاعتبار العمق الحضاري والمصير المشترك لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجه الجميع.

وشدد على أهمية المواقف والإسهامات الأوروبية في معالجة قضايا المنطقة.

من جانبها، قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، إن ما يحدث في سورية وليبيا واليمن له تأثير مباشر في دول أوروبا، ما يؤكد ضرورة أن يكون الاتحاد الأوروبي شريكاً أساسياً في حفظ الأمن في العالم العربي. وعلى صعيد الأزمة السورية دعت إلى ضرورة وضع حد للحرب في سورية من خلال مرحلة انتقالية بمشاركة مختلف القوى ووقف الحرب بالوكالة الدائرة هناك، مشددة على أنه لا يمكن حل الأزمة عسكرياً، ولا يمكن أن تظل سورية بؤرة يعاني منها الجميع، داعية إلى ضرورة السعي لإعمار سورية بمشاركة العالم العربي.

من ناحية أخرى، حض الجيش السوري، أمس، آخر المقاتلين والمدنيين المحاصرين في مدينة حلب على مغادرتها.

وتمهيداً لإعلان السيطرة على كامل المدينة، قال مصدر عسكري سوري لـ«فرانس برس»، أمس، إن «الجيش أطلق نداء عبر مكبرات الصوت لمن تبقى من المسلحين والمدنيين الراغبين في المغادرة، للخروج من الأحياء الشرقية في حلب» مضيفاً أنه إثر ذلك «من المفترض أن يدخل الجيش لتنظيف المنطقة بعد خروجهم».

ويأتي نداء الجيش بعد تمكن وحداته خلال شهر من استعادة السيطرة على أغلب الأحياء الشرقية في حلب، التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.

وأحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إجلاء 25 ألف شخص من آخر جيب تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في حلب، منذ بدء عملية الإجلاء، الخميس الماضي، وفق ما ذكرت متحدثة إعلامية لـ«فرانس برس»، أمس، متحدثة عن «آلاف» مازالوا ينتظرون إجلاءهم داخل حلب.

وتبنى مجلس الأمن الدولي، الاثنين الماضي، بالإجماع مشروع قرار فرنسي يدعو إلى نشر مراقبين في حلب لمراقبة عمليات الإجلاء من شرق حلب، والاطمئنان على «سلامة المدنيين» الباقين داخلها.

وبث التلفزيون السوري، أمس، مشاهد تظهر تجمعات في ساحة سعدالله الجابري، وداخل مجمع مغلق وجد فيه الآلاف بحلب احتفالاً بـ«تحرير» المدينة.

تويتر