دمشق تبدي استعدادها لمواصلة الحوار السوري- السوري بلا شروط مسبقة

غارات النظام السوري توقــف العمل في 4 مستشفيات في حلـب

صورة

باتت أربعة مستشفيات ميدانية وبنك للدم في الأحياء الشرقية في مدينة حلب خارج الخدمة، أمس، بعد تعرضها لغارات جوية من مقاتلات النظام السوري، ما يهدد بنقص الرعاية الطبية لأكثر من 200 ألف مدني محاصرين. دبلوماسياً، أبدت دمشق استعدادها لمواصلة «الحوار السوري - السوري» من «دون شروط مسبقة»، بعد أيام من إعلان المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، ستافان دي ميستورا، سعيه لاستئناف مفاوضات جنيف بين أطراف النزاع السوري في أغسطس المقبل.

وتفصيلاً، ذكرت منظمة الأطباء المستقلين السورية التي تدعم عدداً من المشافي الميدانية في محافظة حلب (شمال) على صفحتها على «فيس بوك» أمس «في يوم واحد، تعرضت أربعة مشاف ميدانية وبنك للدم لضربات جوية في مدينة حلب، وباتت الآن خارج الخدمة».

وأوضحت المنظمة في بيان أن المشافي تقع في حي الشعار، وبينها «آخر مشفى تخصصي للأطفال في حلب»، وتعرض للقصف «مرتين خلال أقل من 12 ساعة»، ما تسبب في وفاة رضيع يبلغ من العمر يومين «نتيجة قطع إمدادات الأوكسيجين عنه جراء الضربة الثانية على المشفى»، التي وقعت فجر أمس. ونقلت عن رئيسة قسم التمريض في المستشفى، التي كانت تهتم بالرضيع «بعد الضربة الثانية اضطررنا إلى نقل الرضيع إلى ملجأ تحت الأرض، وتوفي إثر ذلك».

وأضافت «الوضع سيئ للغاية. المشفى تضرر كثيراً، وهذه ليست المرة الأولى. لقد تعبنا فعلاً».

وأظهرت مقاطع فيديو، نشرتها المنظمة، ممرضة تحمل طفلاً رضيعاً والى جانبها أحد أفراد الطاقم الطبي، يقفان قرب غرفة فيها نحو 10 حاضنات داخلها أطفال رضع. ويبدو في خلفية الغرفة باب مفتوح، وضعت خارجه أكياس من الرمل فوق بعضها بعضاً.

وتقع المشافي الأربعة، وهي البيان والدقاق والحكيم والزهراء، إضافة إلى بنك الدم، وفق المنظمة ومراسل لـ«فرانس برس»، في حي الشعار الذي تسيطر عليه الفصائل المعارضة في الأحياء الشرقية في مدينة حلب، والمحاصرة من قوات النظام.

وغالباً ما تتعرض هذه الأحياء لضربات جوية كثيفة، ينفذها كل من قوات النظام السوري والطائرات الروسية.

وأكدت «مديرية صحة محافظة حلب الحرة» في بيان خروج المشافي الخمسة عن الخدمة، جراء «استمرار القصف الهمجي الشديد وغير المسبوق على المدينة، واستهداف البنى التحتية والخدمية، خصوصاً المشافي التي لحقت بها أضرار جسيمة».

وأشارت إلى أن توقف هذه المشافي ومشاف أخرى في المدينة عن الخدمة يأتي «في ظل عدم القدرة على إخراج أي جريح، أو إدخال أي دواء من وإلى المدينة المنكوية»، في «ظل الحصار المفروض عليها من قبل النظام وحلفائه».

وتضررت مستشفيات عدة خلال الأشهر الأخيرة في مدينة حلب، بفعل الغارات والقصف، كما قتل عدد من العاملين في القطاع الصحي في المدينة.

ولاتزال خمسة مشاف أخرى فقط قيد الخدمة في الأحياء الشرقية، وفق منظمة الأطباء المستقلين التي اعتبرت أن «الحصار واستهداف المرافق الطبية يشكل جرائم حرب»، داعية إلى «الوقف الفوري للعقاب الجماعي الذي تتعرض له المدينة، ومحاسبة المسؤولين عنه».

وأعربت مديرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، ماريان غاسر، في تغريدة على موقع «تويتر»، أمس، عن شعورها بـ«يأس غامر» بعد سماعها الأنباء عن استهداف المستشفيات.

وقالت «أفكر في الناس الذين قتلوا ويقتلون مرة بعد مرة. أفكر في المرضى وعائلاتهم. أشعر مع الأطباء الذين يودون المساعدة لكن لم يعد بمقدورهم ذلك».

وأفاد مراسل لـ«فرانس برس» في الأحياء الشرقية في حلب بتجدد الغارات على أحياء عدة، أمس، بعد هدوء نسبي.

وأشار إلى أن الحركة انعدمت في الشوارع، باستثناء سيارات الإسعاف التي كانت تتوجه إلى الأحياء المستهدفة، في وقت أقفلت فيه الأسواق أبوابها، ولازم السكان منازلهم أو الملاجئ ومداخل الأبنية، خشية الغارات.

واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن سورية تعد من الدول الأكثر خطورة للعاملين في القطاع الصحي في عام 2015، حيث شهدت 135 هجوماً وأعمال عنف أخرى استهدفت العاملين أو بنى تحتية طبية.

وتضررت مشافٍ عدة خلال الأشهر الأخيرة، كما قتل عدد من العاملين في القطاع الصحي في حلب.

من جهة أخرى، وفي ظل المساعي المبذولة على أكثر من صعيد لاستئناف مفاوضات جنيف بين أطراف النزاع السوري، أعلنت سورية، أمس، أنها «مستعدة لمواصلة الحوار السوري- السوري دون شروط مسبقة»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية.

وأملت أن «يؤدي هذا الحوار إلى حل شامل يرسمه السوريون بأنفسهم، دون تدخل خارجي، بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».

ويأتي هذا الموقف بعد إعلان دي ميستورا أن أغسطس هو التاريخ المستهدف «لمنح فرصة كافية لبداية ناجعة» لجولة جديدة من المفاوضات المقبلة حول سورية.

وعقدت منذ بداية 2016 جولتا مفاوضات بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف، برعاية الأمم المتحدة، لكن لم تتمكن من تحقيق أي تقدم، نتيجة التباعد الكبير في وجهات النظر حيال المرحلة الانتقالية، ومصير الرئيس السوري بشار الأسد.

من جهة أخرى، أبدى المصدر استعداد بلاده لتنسيق العمليات الجوية المضادة للإرهاب بموجب الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، على خلفية التصريحات التي أعقبت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو، والتي أكدت على حد قوله «اتفاق الطرفين الروسي والأميركي على مكافحة الإرهاب (مجموعات داعش وجبهة النصرة)، وفق ما نقلت «سانا».

وتابع المصدر «على هذا الأساس، فإن سورية مستعدة لتنسيق العمليات الجوية المضادة للإرهاب بموجب الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة». وأضاف أن «سورية أعلنت موافقتها على وقف الأعمال القتالية، كما هو متفق عليه بين الرئيسين الروسي بوتين والأميركي أوباما بتاريخ 27 فبراير الماضي».

وزار كيري، منتصف الشهر الحالي، روسيا، حيث عقد اجتماعاً ماراثونياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أعلن بعده أنهما اتفقا على «إجراءات ملموسة» لإنقاذ الهدنة، ومحاربة الجماعات الإرهابية في سورية، من دون الكشف عن تفاصيل هذا الاتفاق.

وقال كيري «أحرص على التأكيد أنه رغم أن هذه الإجراءات لا تستند على الثقة، إلا أنها تحدد مسؤوليات متتابعة معينة، على جميع أطراف النزاع الالتزام ،بهدف وقف القصف الأعمى الذي يقوم به نظام الأسد، وتكثيف جهودنا ضد جبهة النصرة».

وأفادت تقارير قبل وصول كيري إلى موسكو بأنه سيعرض على الروس توحيد جهود البلدين لمحاربة تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» معاً من دون صدور أي موقف رسمي حيال ذلك.

تويتر