إدارة أوباما مطالـــبـة بتحـرّك جاد ضد نظام الأسد

صورة

بعد الأخبار السارة القادمة من سورية، تواجه إدارة الرئيس باراك أوباما ضغوطاً متزايدة لإثبات أنها جادة في دفع بشار الأسد للتنحي من السلطة. لقد استمر وقف إطلاق النار أكثر من شهر، والمساعدات الإنسانية تصل إلى مناطق محاصرة منذ فترة طويلة. إنها تطورات قال عنها مسؤول أميركي رفيع المستوى إنها «مفاجأة سارة»، ولكن على الرغم من عملية السلام الجارية، تم إحراز تقدم بسيط نحو التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المعنية.

توافق مطلوب

لم تغير روسيا استراتيجيتها كثيراً في سورية، وفقاً لخبير شؤون الشرق الأوسط كريستوف رويتر، فهي تبذل كل الجهود لمساعدة نظام بشار الأسد على الخروج من هذا النزاع منتصراً، فقد تعرضت البلاد، خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، لقصف روسي لم يسبق له مثيل، والمقاتلات الروسية التي غادرت يمكنها العودة في ساعات قليلة، ولن يتغير شيء في الوضع المبدئي بانعدام وجود سلام دائم، ما دام لا يوجد توافق بين النظام والمعارضة. ويعتقد الخبير أن مقاتلي المعارضة تم طردهم من أجزاء واسعة في الشمال والجنوب ووسط سورية، لأن أحداً لم يتمكن من البقاء هناك، وفي تلك الفترة تم تهجير عشرات الآلاف، والجميع يدرك أنه «بإمكان سلاح الجو الروسي العودة مجدداً واستئناف القصف». والتزمت روسيا في الأسبوعين الماضيين إلى حد كبير بوقف إطلاق النار، كما أعلنت في آن معاً أنها ستواصل قصف «جميع الإرهابيين». ما يعني أنه في الحقيقة لم يوجد وقف لإطلاق النار، لأنه لا وجود إلا لإرهابيين في نظرها، وفقاً للمحلل رويتر، ورغم ذلك حافظوا على شيء من الهدوء للإعلان للمعارضة والمتمردين، بأن «لديكم الخيار بين التدمير الكامل، أو على الأقل وقف الغارات الجوية والحصول على الهدوء، وفكروا ملياً إن كنتم تريدون مواصلة القتال».

قادة المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة تريد من الرئيس الأميركي ممارسة ضغوط من أجل اتفاق ينهي حكم الأسد، الديكتاتور السوري الذي يتهمونه بالوقوف وراء سفك الدماء على مدى السنوات الخمس الماضية. ويخشى البعض من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن انتقال سياسي في أقرب وقت، فإن الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة يمكن أن تصرف الإدارة عن مساعي حل الأزمة، وفي ذلك يقول القيادي في المعارضة السورية، هادي البحرا، «لدينا فرصة من الآن حتى يونيو».

حتى الآن، لا يظهر الأسد أي علامات على أنه يجهز حقائبه للرحيل، كما أن طرد جيشه لتنظيم «داعش» الإرهابي من مدينة تدمر الأثرية في نهاية الأسبوع الماضي، يمكن أن يقوض حجة إدارة أوباما ضده، خصوصاً بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في بروكسل، التي جددت المخاوف بشأن قدرات «التنظيمات الجهادية».

اعترض المتحدث باسم وزارة الخارجية، جون كيربي، عندما سئل عما اذا كانت الولايات المتحدة تود تهنئة الأسد بعد تحرير تدمر، في حين شدد على أنه كان سعيداً لرؤية هزيمة «داعش». وقال كيربي، أيضاً، إنه من السابق لأوانه معرفة مدى تأثير تحرير تدمر في محادثات السلام، إلا أن الولايات المتحدة تريد تحولاً سياسياً، ومستقبل الأسد يجب حله في أقرب وقت ممكن. وأوضح المتحدث الأميركي، أنه على يقين من أن حكم الأسد كان «أداة تجنيد رئيسة» بالنسبة للتنظيم المتطرف.

 

قابلة للتحقيق

 

وقال المستشار السابق لأوباما لشؤون الشرق الأوسط، فيليب غوردون، إن الأطراف المعنية يجب أن تسعى أولاً لأهداف قابلة للتحقيق، مثل التوصل لاتفاق بشأن إطلاق سراح السجناء، قبل التسرع في اتخاذ قرار مصير الأسد في وقت لايزال وقف إطلاق النار هشاً للغاية. وأوضح غوردون، الذي يعمل حالياً في مجلس العلاقات الخارجية، «علينا أن نكون حذرين بشأن توقعات مبالغ فيها على المدى القريب جداً»، مضيفاً: «لن يكون هناك اتفاق سريع بشأن الانتقال السياسي».وحدد مبعوث الامم المتحدة الذي يشرف على عملية السلام السورية، ستيفان دي ميستورا، التاسع من أبريل موعداً للجولة المقبلة من المحادثات. واعتبر مراقبون الجولة الأخيرة، التي انتهت الأسبوع الماضي، ناجحة لأنها لم تنهر بالأساس. وأصدر مكتب دي ميستورا وثيقة تتضمن قائمة من 12 نقطة، تعد أرضية مشتركة بين المعارضة والحكومة السورية، على أمل أن تكون أساساً للمحادثات المستقبلية، وليس هناك ذكر للأسد فيها.

 

هناك بعض الأمل في أن الرئيس السوري سيقتنع في نهاية المطاف بترك السلطة، أو على الأقل الاتفاق على هيكل سلطة لامركزية في سورية. وتعزز هذا الأمل جزئياً بقرار روسيا الأخير سحب جزء كبير من دعمها العسكري للأسد، بعد أشهر من مساعدته على تحقيق مكاسب ميدانية.

ويرى محللون أن القرار الروسي إشارة إلى الأسد ليكون أكثر جدية حيال محادثات السلام وليس الاعتماد على موسكو، لمساعدته على استعادة البلاد كلها، حيث أدى القتال منذ 2011 إلى مقتل نحو 250 ألف شخص. ولم تساعد روسيا قوات الأسد في معركة تدمر الأخيرة، كما أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يشمل تنظيم «داعش».

 

لعبة طويلة الأمد

 

والتقى وزير الخارجية الأميركية جون كيري، الأسبوع الماضي، بالمسؤولين الروس في موسكو، وقال إن الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على «تسريع جهود دفع الانتقال السياسي إلى الأمام»، موضحاً في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» أن روسيا «لم تتزوج» بالأسد. وفي ذلك قال مسؤول رفيع في إدارة الرئيس اوباما، فضل عدم الكشف عن اسمه، «لو كنت في مكان بشار الأسد.. لن أكون مطمئناً للتصريحات القادمة من موسكو»، مضيفاً: «إنها إشارات توحي بوضوح بأن الروس يلتحقون بالركب»، مشيراً إلى التعاون مع الأميركيين والمجموعة الدولية.

 

لكن الخبيرة في معهد الشرق الأوسط، رندا سليم، فتحذر من أن روسيا تلعب لعبة طويلة الأمد. وستصر موسكو على مشاركة الأسد في أي انتخابات تجري خلال المرحلة الانتقالية، وإذا استمرت الهجمات الإرهابية في أوروبا، فإن قادة القارة لن يصروا على رحيل الديكتاتور السوري، حتى لو ظلت الولايات المتحدة على موقفها الرافض له. وتوضح المحللة، «ما يحاول (الأسد) القيام به هو تغيير الخطاب عنه، من كونه واحداً من الأسباب التي أدت إلى ظهور (داعش)، إلى كونه شريكاً لا غنى عنه في الحرب ضد التنظيم».

 

ورداً على سؤال عما إذا كانت انتخابات 2016 ستقوض جهود السلام في سورية، بأي حال من الأحوال، أصر المسؤول الأميركي نفسه على أن «سورية كانت وستكون دائماً من أولويات الإدارة الأميركية الحالية». ومع ذلك يبدي قادة المعارضة السورية عدم ثقة في أوباما، الذي طالما اعتبروه بطيئاً جداً للرد على طلباتهم. وقد استغرب المعارض السوري، البحرا، عندما سئل عن كيفية تعامل المرشح الجمهوري دونالد ترامب مع الأزمة السورية، لافتاً إلى دعم ترامب لـ«مناطق آمنة» في دولة عربية، كمثال على نظرة الأخير للأزمة في الشرق الأوسط. وعموماً، فإن ترامب سيكون رئيساً «سيئاً للغاية»، وفقاً للمعارض السوري، ولكن عندما يتعلق الأمر بسورية على وجه الخصوص «لن يكون أسوأ» من أوباما.

 

 

 

 

تويتر