دي ميستورا يعلن استئناف محادثات جنيف في 7 مارس المقبل

اتفاق الهدنة في سورية صمد في اليوم الأول وســط خـروقــــات محدودة

رجل يحمل كيساً من الخبز في ساحة العباسيين وسط دمشق القريبة من حي جوبر الخاضع لسيطرة المعارضة. رويترز

شهدت المناطق السورية المشمولة باتفاق أميركي روسي مدعوم من الأمم المتحدة، لوقف إطلاق النار، هدوءاً لم تعرفه منذ زمن طويل، منذ بدء تنفيذ الاتفاق منتصف الليلة قبل الماضية، فيما علقت موسكو طلعاتها الجوية في سورية ليوم واحد، دعماً لاتفاق الهدنة الذي شهد سقوط قذائف صاروخية على أحياء في دمشق، بينما سجلت اشتباكات في مناطق غير مشمولة بالاتفاق، لوجود تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» فيها. في وقت أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا، أن الأمم المتحدة تعتزم استئناف محادثات السلام السورية في السابع من مارس المقبل، بشرط صمود اتفاق وقف إطلاق النار.

وعمّ الهدوء معظم المناطق السورية المشمولة بوقف إطلاق النار، بعد دخول الاتفاق الروسي الأميركي المدعوم من الأمم المتحدة حيز التنفيذ اعتباراً من منتصف الليلة قبل الماضية.

ففي حلب (شمال)، ساد الهدوء المدينة التي شهدت جبهاتها معارك شبه يومية بين الفصائل المقاتلة والقوات النظامية منذ يوليو 2012، بحسب مراسل «فرانس برس» في المكان.

وقال أحد سكان حي يخضع لسيطرة الفصائل المعارضة، إنه سيصطحب أطفاله إلى الحديقة العامة، إذا استمرت الهدنة «ليستعيدوا متعة» طال انتظارها.

وفي ريف حلب الشرقي والجنوبي، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمواصلة الجيش النظامي معاركه ضد الجماعات المتطرفة التي لم يشملها الاتفاق.

كما أشار مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إلى اشتباكات متقطعة في محافظة اللاذقية (غرب) بين القوات الحكومية والمتطرفين.

وشهدت محافظتا حمص وحماة (وسط) اللتان نفذ فيهما الطيران الروسي غارات مكثفة في الآونة الأخيرة، هدوءاً ملحوظاً خلال الساعات الأولى التي تلت بدء العمل بوقف النار، بحسب المرصد.

وفي دمشق، أفاد مراسلو «فرانس برس»، بأن صباح أمس، كان هادئاً في أرجاء المدينة والضواحي الشرقية من دون سماع أصوات القصف المعتادة أو مشاهدة أعمدة الدخان.

وبعد ظهر أمس، سقطت قذائف صاروخية عدة على أحياء سكنية في دمشق، مصدرها حي جوبر في شرق العاصمة، ومدينة دوما في ريف دمشق، بحسب «سانا».

ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري، قوله إن «بعض المجموعات الإرهابية المسلحة أقدمت على إطلاق قذائف صاروخية على أحياء سكنية آمنة في مدينة دمشق، مصدرها جوبر ودوما»، وهما معقلان لفصائل مقاتلة معارضة للنظام.

ولم تشر الوكالة إلى خرق لإطلاق النار. وقال مصدر أمني سوري لـ«فرانس برس»، إن نحو 10 قذائف سقطت في منطقة العباسيين الممتدة من ملعب العباسيين الواقع على ساحة العباسيين إلى حي الزبلطاني، مشيراً إلى أن هذه المنطقة سكنية، مؤكداً أن الأضرار اقتصرت على الماديات.

من جهته، قال «جيش الإسلام» إن القوات النظامية السورية أسقطت برميلين متفجرين، وفتحت النار على مواقعه، أمس، ضمن انتهاكات عدة لاتفاق وقف الأعمال القتالية في منطقة الغوطة الشرقية القريبة من دمشق.

وقال المتحدث باسم «جيش الإسلام» إسلام علوش، لـ«رويترز»، نقلاً عن تقارير ميدانية من قادته، إن القوات الحكومية حاولت التقدم في إحدى المناطق، لكن تم التصدي لها بالرشاشات.

وتعد الهدنة التي بدأت أمس، الهدنة الأولى الواسعة التي يتم الالتزام بها من جانب قوات النظام والفصائل المعارضة له، منذ بدء النزاع الذي أسفر خلال خمس سنوات عن سقوط 270 ألف قتيل منذ 2011، ونزوح أكثر من نصف السكان.

ودعماً لاتفاق الهدنة، علقت روسيا، أمس، طلعاتها الجوية في سورية ليوم واحد، لتفادي أي «أخطاء ممكنة» في الأهداف، مشيرة إلى توقف القتال في 34 بلدة سورية.

وقال ممثل القيادة العامة للقوات المسلحة سيرغي رودسكوي، لصحافيين إن «سلاح الجو الروسي أوقف بالكامل عمليات القصف في المنطقة الخضراء، أي في القطاعات التي توجد فيها مجموعات مسلحة تقدمت بطلبات لوقف إطلاق النار».

وأعلن النظام التزام الهدنة في المناطق التي يتواجه فيها مع الفصائل المقاتلة، وكذلك أعلن نحو 100 فصيل مقاتل معارض، والمقاتلون الأكراد الموجودون خصوصاً في شمال البلاد.

وأشار رودسكوي إلى أن 17 فصيلاً مسلحاً من المجموعات الموالية للحكومة أو المستقلة اتصلوا بالمركز الروسي لتنسيق وقف إطلاق النار في قاعدة حميميم الجوية، وتعهدوا احترام اتفاق الهدنة.

وأكد انضمام أكثر من 6000 مسلح إلى اتفاق الهدنة، مشيراً إلى ان الروس سلموا لوائح بهؤلاء إلى القوات الأميركية التي قدمت إليهم بدورها لائحة بـ74 بلدة ومنطقة ينبغي تجنب قصفها. وقال «اتخذنا الخطوة الأولى نحو وقف القتال على الأراضي السورية». وأضاف «لدينا سيطرة كاملة على الوضع في مجمل الأراضي السورية»، مشيراً إلى أن القوات الروسية تستعين بما لا يقل عن 70 طائرة بلا طيار ووسائل مراقبة جوية لمتابعة الأوضاع.

وتحدث رئيس مركز التنسيق الروسي في سورية، سيرغي كورالنكو، في اتصال عبر الفيديو من قاعدة حميميم مع الصحافيين في موسكو، مؤكداً توقف القتال في 34 بلدة سورية.

وقال «العمل على إعادة إعمار سورية يتم على مدار الساعة»، مضيفاً أنه تم في اليومين الأخيرين إرسال 2.5 طن من المواد الغذائية إلى منطقتين في محافظتي حمص (وسط)، واللاذقية (غرب).

سياسياً، أكد ستافان دي ميستورا، أن الأمم المتحدة تعتزم استئناف محادثات السلام السورية في السابع من مارس المقبل، بشرط صمود اتفاق وقف الأعمال العدائية، الذي بدأ سريانه أمس.

وقال للصحافيين في جنيف بعد إطلاع مجلس الأمن الدولي في نيويورك على الوضع، من خلال اتصال عبر الفيديو «أبلغت الأمين العام ومجلس الأمن قبل ساعة بأنني اعتزم استئناف المحادثات السورية هنا في جنيف، يوم الاثنين السابع من مارس، بافتراض غياب اي أسباب خطرة تدعو إلى العكس».

وعلق دي ميستورا جولة أولى من المباحثات في الثالث من فبراير الجاري، وطالب الدول الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سورية ببذل مزيد من الجهد في التحضير للمفاوضات. وأضاف «دعونا نصلِّ لنجاح ذلك، لأنه بصراحة هذه أفضل فرصة يمكن أن نتخيلها حصل عليها الشعب السوري خلال السنوات الخمس الأخيرة، من أجل رؤية شيء أفضل، ونأمل أن يكون شيئاً له صلة بالسلام».

تويتر