الأمم المتحدة تؤكد أن المعاناة في مضايا «لا تُقارن» بمناطق أخرى.. وتعمل لإجلاء 400 حالة صحية حرجة

القوات النظامية تسيطر على بلــدة «سلمى» الاستراتيجية في ريف اللاذقية

صورة

حققت القوات النظامية السورية تقدماً كبيراً بغطاء جوي روسي، وسيطرت على بلدة «سلمى» الاستراتيجية، معقل الفصائل المقاتلة في ريف اللاذقية، في شمال غرب البلاد، في وقت أكدت الأمم المتحدة أن المعاناة في بلدة مضايا المحاصرة بريف دمشق، «لا تُقارن» بكل ما شهدته طواقم العمل الإنساني في بقية سورية، مشيرة إلى أنها تعمل مع المنظمات الشريكة على تأمين إجلاء نحو 400 حالة صحية حرجة من البلدة، غداة إدخال الدفعة الأولى من المساعدات الإنسانية إليها.

أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة، بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي، تواصل تقدمها في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وتحكم سيطرتها على بلدة سلمى وعدد من التلال المحيطة».

من جهته، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، إن قوات النظام، والمسلحين الموالين لها، دخلت بغطاء جوي روسي كثيف إلى القسم الشرقي من بلدة سلمى الاستراتيجية في جبل الأكراد، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع الفصائل المقاتلة، وبينها «حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» (ذراع تنظيم القاعدة في سورية).

ودخلت قوات النظام إلى أطراف «سلمى» إثر تقدمها وسيطرتها على عدد من التلال المحيطة.

وترافقت الاشتباكات مع عشرات الضربات الجوية التي تنفذها طائرات حربية روسية، وقصف مكثف من قوات النظام. واستهدفت الطائرات الروسية بلدة سلمى ومحيطها بأكثر من 120 غارة جوية خلال الساعات الـ48 الماضية، وفق المرصد.

وأكد عبدالرحمن أن «من شأن سيطرة قوات النظام على سلمى، معقل الفصائل في جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، أن تفتح الطريق أمامها للتقدم في المنطقة».

وسيطرت الفصائل على بلدة سلمى في يوليو عام 2012.

ولاتزال محافظة اللاذقية الساحلية مؤيدة إجمالاً للرئيس السوري، بشار الأسد، وبقيت بمنأى عن النزاع الدامي الذي تشهده البلاد، منذ منتصف مارس 2011، وتسبب في مقتل أكثر من 260 ألف شخص.

ويقتصر وجود الفصائل في تلك المحافظة على منطقتي جبل الأكراد وجبل التركمان في ريفها الشمالي والشمالي الشرقي.

وفي مدينة القامشلي، على الحدود التركية، اندلعت، مساء أول من أمس، اشتباكات بين قوات كردية وأخرى سريانية، أسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخرين.

وأفاد المرصد الآشوري لحقوق الإنسان بأن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين عناصر مكتب الحماية السريانية (السوتورو) التابعة لقوات الدفاع الوطني الموالية لنظام الأسد، وقوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية الكردية (الآسايش)، في حي الوسطى، ذي الأغلبية المسيحية، وسط القامشلي» الواقعة في محافظة الحسكة (شمال شرق).

وأكد كل من المرصد الآشوري، والمرصد السوري، مقتل احد عناصر السوتورو وإصابة آخرين من الطرفين. وبحسب المرصد الآشوري، اندلعت الاشتباكات «نتيجة إغلاق مكتب الحماية السوتورو، جميع مداخل حي الوسطى بالحواجز والمتاريس، وترك منفذين فقط تحت سيطرته المباشرة»، في إطار إجراءات حماية بعد التفجيرات التي استهدفت المنطقة في 31 ديسمبر، وأسفرت عن مقتل 16 شخصاً.

من ناحية أخرى، أعلن ممثل رئيس المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، سجاد مالك، الذي زار بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، أن المعاناة في هذه البلدة «لا تُقارن» بكل ما شهدته طواقم العمل الإنساني في بقية سورية.

وأضاف في مؤتمر عبر دائرة الفيديو من دمشق «ما رأيناه مروع، لم تكن هناك حياة، كل شيء كان هادئاً للغاية».

ووصف الوضع البائس لسكان البلدة، وأكد أنه في العديد من الحالات بلغ الضعف لدى السكان درجة جعلتهم غير قادرين على الإعراب عن غضبهم.

وأضاف أن الطعام كان نادراً، حتى إن الناس «ذكروا مراراً أن سعر كيلو الأرز وصل إلى 300 دولار».

وأشار إلى أن إحدى العائلات «باعت دراجة نارية للحصول على خمسة كيلوغرامات من الأرز».

وأبدى «هوله» لما رآه موضحاً أن الأطفال كانوا يقتاتون على أعشاب يقتلعونها من اجل البقاء على قيد الحياة.

وقال سكان لموظفي الأمم المتحدة إن المصدر الرئيس للطعام، خلال الأسابيع الماضية، كان الشوربة المعدّة من الأعشاب والتوابل.

وتمكنت الامم المتحدة والمنظمات الشريكة، أول من أمس، من إدخال 44 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية والطبية إلى بلدة مضايا التي تحاصرها قوات النظام و«حزب الله» بشكل محكم منذ ستة أشهر. وقال مالك إنه من المقرر دخول قوافل أخرى في الأيام المقبلة.

وحذرت الأمم المتحدة من أن 300 إلى 400 شخص بحاجة إلى مساعدة طبية عاجلة.

ويعيش في مضايا 40 ألف شخص، بينهم نحو 20 ألف نازح من الزبداني. وأحصت منظمة «أطباء بلا حدود» وفاة 28 شخصاً على الأقل بسبب الجوع فيها منذ بداية ديسمبر.

في السياق، أكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، بافل كشيشيك، أن الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة تعمل على تأمين إجلاء نحو 400 شخص لأسباب صحية من بلدة مضايا.

وقال لـ«فرانس برس»، غداة إعلان الأمم المتحدة الحاجة إلى إخراج 400 شخص في أقرب وقت ممكن من مضايا «نعمل مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري على تحقيق ذلك».

وأكد أن العملية «معقدة جداً، وتتطلب الحصول على موافقة مسبقة، ونحن نتفاوض مع الأطراف المعنية لتحقيق هذه الخطوة الإنسانية».

وأضاف كشيشيك، الذي كان في عداد الفريق المواكب لدخول قافلة المساعدات إلى مضايا «رأينا أطفالاً وبالغين نحيلي البنية، ويعانون من سوء تغذية داخل البلدة».

وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن «أوضاع صحية حرجة يعاني منها العشرات من سكان مضايا وبينهم نساء وأطفال»، موضحاً أنهم «بحاجة إلى علاج فوراً خارج البلدة».

تويتر