المجر تعتبر اللاجئين خطراً يهدد جذور القارة المسيحية

أزمة الهجرة تهز أوروبا وسط تحذير من تقسيم الاتحاد بين «الشرق والغرب»

لاجئون سوريون لحظة وصولهم على متن زورق صغير إلى جزيرة ليسبوس اليونانية أمس. رويترز

أدت إعادة فتح محطة القطارات في بودابست، أمس، إلى تدفق جديد للمهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا الغربية، حيث تطلق نداءات من أجل تقاسم أفضل للاجئين، بعد الصدمة التي سببتها صورة طفل لقي حتفه في بحر إيجه، فيما حذر رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، في خطاب أمام سفراء الاتحاد الأوروبي من «تقسيم بين شرق الاتحاد وغربه» بشأن استقبال اللاجئين، بينما قال رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، إن تدفق اللاجئين على أوروبا يهدد الجذور المسيحية للقارة، وإن الحكومات يجب أن تضبط حدودها قبل أن تقرر عدد طالبي اللجوء الذين يمكنها استقبالهم، مطالباً اللاجئين الذين يفرون من الصراع في بلدان مثل سورية، بعدم محاولة العبور إلى المجر.

وفي التفاصيل، حذر توسك في خطاب أمام سفراء الاتحاد الأوروبي، أمس، من «تقسيم بين شرق الاتحاد وغربه» بشأن استقبال اللاجئين. وقال قبيل استقباله أوربان «اعذروني على التبسيط، لكن يبدو كما لو أن هناك تقسيماً بين شرق الاتحاد الأوروبي وغربه».

وأضاف أن «بعض الدول الأعضاء لا تفكر إلا في تطويق موجة المهاجرين، وهذا ما يرمز إليه السياج المثير للجدل في المجر، بينما يريد آخرون مزيداً من التضامن عبر الدفاع عما يسمى حصصاً إلزامية»، وتابع أن «التوصل لأي قاسم مشترك وطموح يشكل تحدياً أساسياً»، بينما لم تتردد ألمانيا في انتقاد بعض دول أوروبا الشرقية التي ترفض استقبال لاجئين عن طريق نظام الحصص هذا.

ودعا توسك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى «مضاعفة جهودهم التضامنية» مع دول الصف الأول في مواجهة أزمة الهجرة عبر توزيع استقبال «100 ألف لاجئ على الأقل». وقال «أدعو كل دول الاتحاد الأوروبي إلى إبداء تضامن مع الدول الأعضاء التي تواجه موجة هجرة غير مسبوقة».

وكانت المفوضية الأوروبية اعترفت بأن المجر تواجه وضعاً «خطيراً وملحاً»، لكنها نأت بنفسها في الوقت نفسه عن مبادرة بودابست بناء سياج على حدودها مع صربيا. ومازالت أوروبا، حيث يتصاعد التوتر في مواجهة تدفق اللاجئين، تحت صدمة صور جثة الطفل السوري، إيلان كردي، التي قذفتها الأمواج إلى الشاطئ، بعد غرق مركبين يقلان مهاجرين سوريين.

وانتشرت صور لجثة الطفل الذي يرتدي قميصاً أحمر وملقى على وجهه على الشاطئ قرب بودروم، أحد المنتجعات التركية الرئيسة. وانتشر هاشتاغ «الإنسانية لفظت على الشاطئ» على موقع «تويتر» وأصبح بين القضايا الرئيسة المتداولة على موقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير.

وأكد رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أن الصورة التي أثارت مشاعر العالم تعكس «الحاجة الطارئة إلى التحرك».

من جهته، كتب رئيس الوزراء المجري، في مقال بصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» الألمانية، أن شعوب أوروبا تختلف في الرأي مع معظم الحكومات بشأن أزمة اللاجئين. وقال أوربان إن المهاجرين «اجتاحوا» بلاده، مشيراً إلى أن معظمهم ليسوا مسيحيين بل مسلمون، وأضاف «هذا سؤال مهم لأن أوروبا والثقافة الأوروبية لهما جذور مسيحية، أليس الموضوع برمته مثيراً للقلق لأن الثقافة الأوروبية المسيحية بالكاد قادرة على الحفاظ على القيم المسيحية لأوروبا؟».

واعتبر رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، أن حل أزمة اللاجئين في أوروبا يمر عبر القيام بتحرك في سورية، مندداً بأوضاع «مأساوية وفاضحة» مثل تلك التي أدت إلى مصرع الطفل السوري الذي وجدت جثته على شاطئ تركي.

ودعا وزير خارجية لوكسمبورغ، جان اسيلبورن، إلى إنشاء هيئة للاجئين على مستوى الاتحاد الأوروبي، قائلاً إنه يجب استخدام معايير موحدة في التعامل مع طلبات اللجوء في أرجاء المنطقة.

من جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أنه «تأثر بشدة» بصورة الطفل السوري الذي عثر عليه ميتاً على شاطئ تركي، ووعد بأن بريطانيا ستتحمل «مسؤولياتها الأخلاقية» في أزمة اللاجئين. وقال «لأنني أب فقد تأثرت بشدة»، وذلك غداة تصريحه بأن قبول «المزيد من اللاجئين» لن يساعد في حل المشكلة.

بدوره، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، عن أسفه الشديد لما يعانيه الشعب السوري من تهجير ولجوء ونزوح ومعاناة خارج سورية وداخلها. وأقر العربي، في تصريحات له بمقر الجامعة العربية، أمس، بعجز الأمانة العامة للجامعة عن معالجة تلك المشكلة، قائلاً «إن معالجة موضوع اللاجئين أكبر من أن تقوم به الجامعة العربية».

واتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الدول الأوروبية بتحويل البحر المتوسط إلى «مقبرة للمهاجرين»، رداً على نشر صورة الطفل السوري الذي عثر عليه غريقاً على أحد شواطئ تركيا.

تويتر