وثائق رسمية تدين النظام السوري بارتكاب جرائم حرب

«داعش» يتقدَّم في ريف حمص الشرقي عقب معارك عنيفة مع النظام

مقاتلون معارضون يعبرون مدينة إدلب خلال توجههم للسيطرة على معسكر المسطومة. رويترز

حقق تنظيم «داعش» تقدماً كبيراً في ريف حمص الشرقي، وشن هجوماً، الليلة قبل الماضية، على مناطق خاضعة لسيطرة القوات النظامية، قتل خلاله 20 من عناصره، و28 جندياً سورياً على الأقل. في حين أعد محققون وخبراء قانونيون ملفات يمكن على أساسها توجيه اتهامات إلى الرئيس السوري بشار الأسد ومعاونين بارزين له بارتكاب جرائم حرب، بناء على وثائق رسمية تم تهريبها من دمشق.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن تنظيم «داعش» يتقدم بشكل كبير في ريف حمص الشرقي، عقب هجوم شنه الليلة قبل الماضية.

وقال في بيان إن التنظيم تمكن من التقدم في منطقة السخنة، والسيطرة على مناطق واسعة من البلدة ومحيطها، فيما لاتزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين قوات النظام والمسلحين الموالين، وعناصر «داعش» في محيط حواجز المخفر والثنية ونقطة الجبل قرب مدينة السخنة ومحيط فوج الهجانة وسكن الضباط شرق تدمر ونقاط في غربها، بريف حمص الشرقي.

وأشار إلى أن ذلك ترافق مع تنفيذ الطيران الحربي المزيد من الغارات على مناطق الاشتباك.

وأضاف أن الاشتباكات في ريف السخنة ومحيط شاعر وجزل بريف حمص الشرقي، أسفرت عن مقتل 28 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 20 عنصراً من «داعش» وإصابة ما لا يقل عن 100 عنصر من الطرفين. وتبعد مدينة السخنة نحو 220 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حمص.

من جهته، قال مصدر عسكري سوري إن «الجيش صد الهجوم في مناطق، وهناك مناطق مازالت (المعارك) فيها مستمرة».

وأقر محافظ حمص طلال البرازي، لـ«فرانس برس»، باقتحام مقاتلي التنظيم «بعض أحياء البلدة»، مشيراً إلى استمرار الهجوم.

وقال البرازي إن هناك «تسللاً دائماً في المنطقة لعناصر (داعش)، الذين يأتون من دير الزور والعراق».

وأضاف «يستهدف (داعش) بعض المواقع العسكرية في السخنة، ويتخذ الجيش الإجراءات اللازمة، ويتعامل مع المجموعات المسلحة بسلاح المدفعية والطيران».

إلى ذلك، تحدثت وسائل إعلام تابعة لـ«حزب الله» اللبناني، أمس، عن تحقيق تقدم آخر في هجوم شنه الحزب والقوات النظامية، لطرد المسلحين وبينهم عناصر «جبهة النصرة» من سلسلة جبال القلمون.

وقال تلفزيون «المنار» إن مقاتلي الحزب والجيش السوري يقصفون تل موسى، الذي ينظر إليه على أنه أهم هدف في الهجوم، بسبب ارتفاعه الشاهق، وإشرافه على المنطقة بأسرها.

من ناحية أخرى، قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، إن «لجنة العدالة والمساءلة الدولية» أعدت ثلاثة ملفات ضد النظام السوري، بسبب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتتواصل عملية جمع الأدلة ضد آخرين داخل النظام وفي المعارضة.

ونقلت الصحيفة عن اللجنة أن الملفات تستند بشكل كبير إلى وثائق حكومية، تمكن فريق مكون من 50 محققاً سورياً من تهريبها على مدى ثلاث سنوات من سورية، مخاطرين بحياتهم.

وبات لدى اللجنة نحو نصف مليون صفحة من الأدلة. ووظفت أشخاصاً من أجل مشاهدة ساعات من الأدلة الواردة في أشرطة فيديو حول جرائم حرب مفترضة، ارتكبتها مجموعات تقاتل ضد النظام السوري، ومجموعات متطرفة بينها تنظيم «داعش».

وتركز الملفات الثلاثة بشكل أساسي على قمع النظام الدموي للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضده عام 2011، والتي تطورت في وقت لاحق إلى نزاع مسلح أسفر عن مقتل أكثر من 220 ألف شخص، خلال أربع سنوات.

ويركز الملف الأول على الأسد وخلية إدارة الأزمة، التي شكلها في بداية الاضطرابات، فيما الثاني موجه ضد مكتب الأمن الوطني، الذي يضم قادة الاستخبارات والأمن.

أما الملف الثالث، فيطال لجنة الأمن المسؤولة عن محافظتي دير الزور (شرق)، والرقة (شمال)، ويرتكز على وثائق مهربة تكشف بالتفاصيل «دقة الأوامر لسحق الانتفاضة الشعبية». وذكرت «الغارديان» أن البيروقراطية الإدارية المتبعة في سورية، واعتماد التقارير المكتوبة، جعلا من السهل توثيق الجرائم المرتكبة، وتحديد من تولى إصدار الأوامر.

وقالت الصحيفة إن «هوس النظام بتوثيق الأوامر، خلال تنقلها بين كل مستويات القيادة، والتقارير التي تتدفق في وقت لاحق إلى القيادات حول تنفيذ هذه الأوامر، قاد بشكل غير متوقع إلى الكشف عن دور السلطة المركزية في دمشق» في هذه القرارات.

وتضمنت الوثائق الرسمية معلومات حول كيفية تنظيم النظام نفسه خلال الحرب، وكشفت أن خلية إدارة الأزمة تجتمع بشكل يومي، وترفع محاضر اجتماعاتها مباشرة إلى الأسد، لمراجعتها قبل أن يتم تمريرها إلى سلسلة القيادة.

وتظهر الوثائق أيضاً أن حزب البعث الحاكم في سورية هو «المنفذ» الرئيس للقرارات، وأن أساليب التعذيب ذاتها استخدمت في محافظات مختلفة، ما «يوحي بوجود سياسة مركزية» تحدد التوجهات. واستخدمت روسيا، حليفة النظام السوري، حق النقض (فيتو) مرات عدة، ضد مشروع إحالة التحقيقات إلى محكمة الجنايات الدولية.

تويتر