كل يوم

لن تتطور مدينة ببنيانها فقط!

سامي الريامي

هكذا هو محمد بن راشد، عظيم بأفعاله، رؤيته شاملة عابرة للحدود والحواجز، مشروعاته التنويرية لا تقتصر على زمان ومكان، يحب نشر الخير والمعرفة والعلم، ولم يكن يوماً أنانياً في ذلك، فهو لم يجعله حكراً على مدينته ولا دولته، بل يحرص على نشر المعرفة لأبعد حد ممكن ليستفيد منها أكبر عدد ممكن.

42 مليون شخص سيستفيدون من مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، التي أعلن عن إنشائها أول من أمس، هذا العدد لاشك في أنه أكبر بأضعاف مضاعفة من عدد سكان الإمارات، وأكثر من سكان دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعين، لكن مشروعات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، العلمية والإنسانية تحديداً، تصل إلى الإنسان العربي أينما كان، وتعبر المحيطات والعالم لتصل إلى الإنسان المحتاج أينما كان.

• من السهل بناء مكتبة، وهناك المئات منها في الوطن العربي، والآلاف حول العالم، لكن أن تؤسس من خلال مكتبة مشروعاً فكرياً ومعرفياً ضخماً بهذا الحجم، فهذا ليس شيئاً سهلاً.

من السهل بناء مكتبة، وهناك المئات منها في الوطن العربي، والآلاف حول العالم، لكن أن تؤسس من خلال مكتبة مشروعاً فكرياً ومعرفياً ضخماً بهذا الحجم، فهذا ليس شيئاً سهلاً، وأن تجعل المكتبة تزور الناس قبل أن يزوروها، باستخدام كل الوسائل التقنية الحديثة، فهذا فكر مختلف غير مسبوق، وأن توفر مساحة مليون قدم مربعة لبناء مكتبة، وتضمن توفير مليون ونصف المليون كتاب، وتتعامل مع 100 مليون شخص حول العالم، فهذا أمر خيالي يعكس ثقافة ورسالة الإمارات التي لم تكن يوماً مجرد بناء وأبراج، ولم تكن يوماً فقاعة صنعها النفط، بل هي دولة حضارية تملؤها روح المعرفة والابتكار، وطموح شعبها وقادتها لا تحده حدود.

مكتبة محمد بن راشد، التي سترى النور خلال عامين فقط، ليست مجرد بناء ضخم، ولا هي قاعات ومقاعد وأرفف للكتب، بل ستكون شعلة ثقافية حقيقية، ففيها ستقام المهرجانات الثقافية والتعليمية، ومن المتوقع أن تستضيف أكثر من 100 فعالية ثقافية كل عام، وفيها ستعقد جلسات المجلس الدولي للغة العربية، وجائزة اللغة العربية، وهي تضم أيضاً مركزاً لترميم المخطوطات التاريخية، وستعمل على دعم التأليف والترجمة، من خلال مبادرة لترجمة 25 ألف كتاب للغة العربية.

في عام 1963 أنشأ المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي آنذاك، أول مكتبة في الإمارة، إيماناً منه بضرورة نشر العلم في هذه المنطقة، التي تعاني قلة عدد المتعلمين، واليوم يُكمل نجله، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، المسيرة، ويُنشئ أكبر مكتبة في المنطقة، لكن ليس لنشر المعرفة في المدينة فقط، بل لنشر العلم من دبي إلى العالم، لتتحول دبي إلى نقطة إشعاع حضاري وثقافي، إضافة إلى كونها وجهة سياحية وعلمية، ونموذجاً متميزاً للمدينة العصرية.

هكذا هو القائد، وهكذا هو الإنسان، وهكذا هم صناع المجد، لا يغفلون تغذية الروح، ولا يتجاهلون تغذية العقول، والقراءة هي غذاء النفس والعقل، ولن يتطور شعب لا يقرأ، ولن تتطور مدينة ببنيانها فقط، ودبي مدينة تعشق الريادة والتطور في المجالات كافة، ومكتبة محمد بن راشد دليل عملي دامغ على نجاح دبي، وعلى رقي عقلية محمد بن راشد وعبقريته.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر