كل يوم

«الضو مب طايع يلبق»!

سامي الريامي

نعم ليس غريباً أن أكتب اليوم عن «الضو اللي مب طايع يلبق»، فقصتها تعدت الحدود، وانتشرت بشكل لا مثيل له، ولم يبق فرد في الإمارات لم يشاهد الفيديو وتداعياته، ووصل الأمر إلى أن شاهدنا النسخة «الشحية» و«البريطانية» و«المغربية»، وسمعنا الموال، ومن ثم الأغنية الشعبية، وصولاً إلى «المعلاية»، إضافة إلى آلاف التعليقات والنكات، كلها حول هذه «الضو»، حتى أنت يا «فارس عوض» أدخلت الضو في تعليقك، وبإقحام غير مستحب، ويبدو أن الموضوع لم ينته بعد، وربما القادم أكثر بكثير!

خبراء علم النفس وضعوا العديد من النظريات حول انتشار مثل هذا الأمر الذي يعتبره كثيرون «ساذجاً»، فالفراغ سبب، و«الخواء الثقافي» عند شريحة من الناس سبب آخر، وانتشار السلبية وتصيد الأخطاء عند شريحة أخرى ليست صغيرة سبب آخر، والرغبة في الترفيه والضحك سبب آخر، فجميعنا يذكر انشغال الشعب المصري بالرجل الواقف خلف عمر سليمان!

نعود إلى الفتاة صاحبة فيديو «الضو» وصديقاتها، فهؤلاء لا يمثلن أنفسهن، بل يمثلن جيلاً كاملاً، وتالياً من الظلم أن ينبري مجتمع كامل للاستهزاء بهن.

المشكلة ليست في «الضو»، ولا في «فيلنج آند فيلنج»، ولا «مليون مليون تايم»، المشكلة في مخرجات تعليم جيل كامل لا يتقن العربية، والمشكلة في الاعتماد على الإنجليزية في كل شيء، في التعليم والتوظيف، واعتبارها ضرورة حياتية، والمشكلة في هويتنا وثقافتنا التي تسير نحو الاندثار!

هل هؤلاء الفتيات هن الوحيدات في الدولة اللاتي يتحدثن بلغة مكونة من كلمتين عربيتين وجملتين إنجليزيتين؟ بالطبع لا، بل على العكس تماماً، فهذا الأمر أصبح سمة من سمات الثقافة والرقي، ومن أسباب الترقية في المنصب، ودلالة على التعليم الجيد، أو التعليم في جامعات أميركا الراقية، وهناك عشرات الآلاف من المواطنين أصبحوا يتحدثون بهذه الطريقة!

أما عن «الضو اللي ما يلبق»، فإني أحب أن ألفت النظر إلى كتب اللغة العربية، حيث تشير قواعد التأنيث والتذكير إلى قاعدتين «الحقيقي والمجازي»، وهناك «قياس على الحكاية»، كما يعرف أهل اللغة، لكن في نهاية شرح هاتين القاعدتين هناك تنبيه حول الاسم المجازي يقول «ليس هناك قاعدة في معرفة التذكير والتأْنيث المجازيين، بل المدار في معرفة ذلك على السماع، أو بالرجوع إلى كتب اللغة، ونلاحظ أن بعض الأَسماء يذكر ويؤنث، مثل: الطريق والسوق والذراع والخمر.. إلخ، فتصح فيها المعاملتان، فتقول: هذا الطريق واسع أَو هذه الطريق واسعة، والمرجع في ذلك المعاجم اللغوية، كما يلاحظ أن بعض الأسماء يحمل علامة التأنيث، ويطلق على كل من الجنسين مثل حية، وكذلك بعض الصفات مثل رجل ربعة، وامرأة ربعة، بمعنى معتدلة القامة».

وبما أن «الضو» اسم مجازي، فإن استثناء اللغة العربية ينطبق عليها، فتصح فيها المعاملتان، فيجوز تأنيثها أو تذكيرها، فنقول «الضو ما طاعت تلبق» أو «لبق الضو»!

أليس حري بنا الآن أن نترك «الضو» ونناقش ما هو أهم منها؟ فقد أخذت مساحات من الانتشار لا تليق أبداً بالمستوى الفكري والثقافي لمجتمعنا، دعونا نبحث الأسباب الجذرية لانتشار هذا الفيديو، فهي أهم وأخطر من الضو!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر