كل يوم

من هو بيونغ شول لي؟

سامي الريامي

لم أكن أعرف من هو بيونغ شول لي، وأعتقد أن كثيرين جداً لا يعرفون هذا الشخص، لكنه ترك بصمته في منازلنا جميعاً، بل في منازل مئات الملايين حول العالم!

بيونغ شول لي أنشأ في عام 1938 متجراً صغيراً لبيع الأرز والسكر، لكنه كان طموحاً للدرجة التي تنبأ فيها بأنه قادر على غزو العالم بمنتجاته، أطلق على متجره الصغير، اسم «سام سونغ» وهي باللغة الكورية تعني «النجمات الثلاث»، وكان يقصد بهن المبادئ الثلاثة الرئيسة التي أنشأ الشركة من أجلها وهي: «كبيرة، قوية، وجدت لتبقى للأبد»!

وهذا ما نفذه بالفعل حين تحول إلى الصناعات التكنولوجية، ودخل فيها بقوة تاركاً الأرز والسكر، بدأ بأجهزة التلفاز والغسالات والثلاجات، وأبدع في تدعيمها بعروض مبتكرة في طرق الدفع والضمان بعد البيع، وما لبث أن غزا العالم وسيطر عليه ببضاعته!

لا نعرف الكثير عن شركة «سامسونغ»، لكنها ليست شركة قائمة في أميركا ولا أوروبا بل في دولة صغيرة، أقصى شرق آسيا، في كوريا الجنوبية، ومع ذلك فأرباح هذه الشركة تفوق أرباح «ميكروسوفت» و«غوغل» و«أبل» مجتمعة!

وتضم الشركة حالياً 50 ألف باحث في إدارات البحوث المختلفة، أي ما يساوي عدد الباحثين في مصر، وضعف عددهم في الأردن، وأربعة أضعاف عددهم في السعودية، ومن دون شك فإن شركة تمتلك هذا الجيش من الباحثين، وأصولاً تقدر بـ343 مليار دولار، يمكنها صنع كل شيء، وهذا ما جعلها تتدارك أخيراً خطأها في عدم دخول صناعة الهواتف الذكية، وعندما دخلت هذه السوق فاقت مبيعاتها مبيعات «نوكيا» و«أبل»، لتصبح الشركة الأولى في العالم في سوق الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية!

بالتأكيد مقالي اليوم ليس دعائياً لـ«سامسونغ»، فهم لا يحتاجون إليه أصلاً، لكن للتدليل على أن قصة نجاح هذه الشركة هي نسخة مصغرة من نجاح كوريا الجنوبية، هذا البلد الصغير نسبياً، والذي عانى مشكلات وحروباً واحتلالاً، لكنه يملك إرادة وتصميماً عجيبين لتحقيق النجاح، وكان له ما أراد.

الواقع أن التعليم كان أساس الطفرة الكورية، خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، ولم تقتصر الجهود الكورية على التعليم الطبيعي فحسب، وإنما لجأت إلى شعار محو الأمية الإلكترونية، فركزت جهودها على إنهاء أمية مواطنيها تكنولوجياً، لتتمكن بعد ذلك من فرض سطوتها العالمية على مجال التكنولوجيا ويصبح من أهم صادراتها.

التعليم المتخصص لم يكن بمنأى عن اهتمام الدولة كذلك، فقد أدركت أن الاحتياج للعمال والمتخصصين مهنياً هو أمر لا يقل أهمية عن التعليم الأساسي، لتتوسع فى بناء المدارس الصناعية لإخراج عمال ومهنيين على طراز علمي، وكوريا الجنوبية الآن هي الاقتصاد الـ11 على مستوى العالم، بمعدل نمو سنوي يتجاوز في معظم الأحوال نسبة 5 ٪، وناتج قومي داخلي يصل إلى 680 مليار دولار.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر