‏كل يوم‏

‏من كان بلا «مخالفة».. فليرمني بحجر‏

سامي الريامي

‏قال المسيح عليه السلام: «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر». والخطيئة أشد من الخطأ الذي قد يكون فعلاً عرضياً غير مقصود أحياناً، أو نتيجة لسلوك بشري، أو خرقاً لقانون، أو حتى نوعاً من المخالفات الكثيرة.

فمن منا بلا مخالفة على تعدد أنواعها وأشكالها التي باتت تصيب كل فرد أو شركة في المجتمع؟ الجميع من دون استثناء متضرر من هذه الكلمة، والجميع أصبح يحمل هماً إضافياً جديداً يضاف إلى مجموع الهموم الحياتية المتعددة التي يضطر فيها الإنسان دائماً إلى فتح «محفظته»، والدفع بشتى الطرق بدءاً من «الكاش» إلى التقسيط أو عبر الإنترنت، أو الدفع بواسطة الـ«كريدت كارت». تعددت طرق الدفع، والدفع واحد لا يتغير!

جميع مفتشي الدوائر، ودوريات الشرطة، «شدوا حيلهم» بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، وانطلقوا في الأرض يبحثون عن المخالفين، وأحياناً أنصاف المخالفين، وفي بعض الأحيان يبحثون عن سبب للمخالفة لا عن المخالفة ذاتها، وبشكل أصبح واضحاً وملموساً، ولا يمكن إنكاره، والنتيجة واضحة للعيان، ارتفاع كبير في أعداد المخالفات وارتفاع في قيمتها، وارتفاع في الأموال التي تم تحصيلها، ومن يعتقد غير ذلك فليقارن بين أرقام السنوات الماضية ويلاحظ الفرق، ولن يكون مستغرباً إن وصلت الأرقام إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه!

شركات المقاولات والمكاتب الاستشارية تضاعفت عليها مخالفات مفتشي البلدية، وسائقو المركبات أصبح لا يمر عليهم يوم من دون مخالفات، منها ما هو غيابي، ومنها ما هو حضوري، مخالفات حزام الأمان، والتحدث في الهاتف المتحرك، مع أن جميع الشعب من دون استثناء يتحدث في الهاتف أثناء القيادة، ثم هناك مخالفات الرادار المتحرك القابع وراء شجرة، أو المختفي خلف سيارة على قارعة الطريق، يتلوه الرادار الثابت داخل صندوق صغير، وآخر في صندوق أكبر، وثالث على شكل «مصاصة أطفال» لكن من الحجم العملاق، ومن ثم جاءنا «القناص» الذي يخيل إليك عندما تراه أن الشرطي سيطلق عليك النار فتضطر في لحظة أن ترفع كلتا قدميك وترمي بهما على فرامل السيارة، معرضاً نفسك وغيرك للخطر، ومهلكاً إطارات سيارتك، ومع ذلك تكون قد «أكلت» المخالفة!

تنافس على أشده في تسجيل أكبر قدر من المخالفات، وفي كل مكان، في مواقف السيارات، لن يغفر لك أي شيء لو تأخرت ثانية واحدة عن موعد دفع الدرهمين، ولن يعفيك من المخالفة لو أوقفت سيارتك في أي ساحة رملية لا علاقة لها بهيئة الطرق، ولن تستطيع بأي شكل التفاهم مع مفتشي الهيئة فهم مبرمجون تماماً مثل تلك الأجهزة التي يحملونها على تسجيل المخالفات فقط لا غير!

بالتأكيد هناك سائقون يستحقون المخالفات، ولا يستحقون إعفاءهم منها، وبالتأكيد هناك طيش وتهور، ولاشك في وجود مقاول يحاول التلاعب بالقانون، أو سائق أوقف سيارته في مواقف الرسوم ولم يدفع، لا نختلف على ذلك، ولكن أن يصبح الشعب كله مخالفاً فهذه ظاهرة غريبة، وأن يصل مجموع قيمة المخالفات لشخص إلى 400 ألف، وآخر 200 ألف، وثالث 120 ألفاً، فهذا أمر غريب، وأن تصبح المخالفات الشهرية أعلى من فاتورة الهاتف والكهرباء والماء وأقساط المدارس أحياناً، فإن الأمر لاشك يثير الدهشة!

reyami@emaratalyoum.com

 

تويتر