نجاح جراحات زرع الكلية والقلب والكبد والرئة من متبرعين متوفين في أبوظبي

التأمين الصحي يغطي «زراعة الأعضاء» داخل الدولة مستقبلاً

صورة

كشف رئيس اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء، الدكتور علي عبدالكريم العبيدلي، أن التأمين الصحي سيكون له دور كبير في تغطية عمليات زراعة الأعضاء مستقبلاً، مؤكداً في رده على سؤال لـ«الإمارات اليوم»، أن تسهيل حصول المرضى على حقوقهم في الرعاية الصحية العالية الجودة، والعلاج، واجب تلتزم به الدولة.

الكثيري: لا أعرف من منحني كبده

أعرب المواطن محمد الكثيري، أول مواطن تجرى له عملية زراعة كبد داخل الدولة، عن سعادته بنجاح الجراحة التي أجريت له، مشيراً إلى أنه لا يعرف من منحه كبده.

وتحدث الكثيري عن رحلته العلاجية من الجراحة حتى الشفاء، قائلاً: «خضعت للعلاج لوقت طويل، لكن لم تكن هناك استجابة، فقرر الفريق الطبي إجراء عملية زراعة كبد لإنقاذ حياتي».

وأضاف: «قبل توجهي إلى كوريا الجنوبية لإجراء العملية، علمت من (كليفلاند أبوظبي) أن هناك متوفى تطابق حالته التحاليل الخاصة بي، ففضلت إجراء الجراحة في بلدي».

الخطوة التالية

أكد رئيس دائرة الصحة، الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد، سرعة التقدم الذي تحرزه الدولة، على صعيد تزويد المرضى بالخدمات الطبية المتطورة والرعاية الصحة المتميزة، دون حاجة للسفر إلى الخارج، لافتاً إلى أن الخطوة التالية تتمثل في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء، وتشجيعها، وتسهيل الإجراءات المتعلقة بها.

وأضاف: «نلمس أهمية المسألة في إنقاذ حياة المرضى، كما نتلقى الكثير من الاستفسارات من أشخاص يرغبون في التبرع بأعضائهم، لذلك سنتعاون مع شركائنا، لتقديم الدعم اللازم في هذا المجال».

واعتبر العبيدلي، خلال مؤتمر صحافي عقد في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، أمس، أن الوقت بات مناسباً، للسير بخطى مسرعة، نحو إعلان الإمارات مركزاً إقليمياً لعمليات نقل وزراعة الأعضاء.

وخلال المؤتمر، أعلن المستشفى عن تطوير برنامج شامل لزرع الأعضاء المتعددة، لإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون حالات صعبة، مشيراً إلى أنه أكمل جراحات زرع الأعضاء الرئيسة من متبرعين متوفين (الكلية والقلب والكبد والرئة) داخل الدولة، بعد أن أجرى خلال فبراير الجاري أول جراحتين لزرع الكبد والرئة من متبرع متوفى.

وتفصيلاً، أعلن المستشفى، أحد مرافق الرعاية الصحية العالمية المستوى التابعة لشركة مبادلة للاستثمار، عن تطوير برنامج شامل لزرع الأعضاء المتعددة، لإنقاذ حياة المرضى الذين يعانون حالات صعبة، مشيراً إلى أنه أجرى بدعم من وزارة الصحة، خلال فبراير الجاري، أول جراحتين لزرع الكبد والرئة من متبرع متوفى في الدولة.

وتابع أنه بهاتين الجراحتين، يكون قد أكمل جراحات زرع الأعضاء الرئيسة، وهي الكلية والقلب والكبد والرئة، من متبرعين متوفين، بعد أن شهد أول عملية لزرع القلب في ديسمبر الماضي، سبقتها في سبتمبر أول عملية لزرع الكلية من متبرع متوفى.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عالمي عقد، أمس، بمقر المستشفى، تحت عنوان «هبة الحياة – زراعة الأعضاء البشرية الرئيسة في الدولة»، بحضور رئيس اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء، الدكتور علي عبدالكريم العبيدلي، والرئيس التنفيذي لدى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، الدكتور راكيش سوري، وفريق زراعة الأعضاء المتعدد التخصصات بالمستشفى، بالإضافة إلى المواطن محمد الكثيري، أول مواطن تُجرى له عملية زراعة كبد داخل الدولة.

بدأ المؤتمر بإعلان نجاح أول عمليتي زراعة كبد ورئة داخل الدولة، موضحاً أن العملية الأولى أجريت في الأول من فبراير الجاري، على يد فريق مكون من خمسة أطباء برئاسة الدكتور أنطونيو بينا، أخصائي جراحة الزرع، فيما تمت عملية زرع الرئة يوم 11 فبراير، برئاسة الدكتور رضا سويلاماس، رئيس قسم جراحة الصدر.

وقال سوري: «يسرنا أن نكون قادرين على رد جزء بسيط من الثقة الممنوحة لنا، من خلال توفير العلاج لمرضى الحالات الصعبة بمختلف السبل الجراحية والطبية المتطورة هنا داخل الدولة، دون الحاجة إلى السفر للخارج».

أول «زراعة كبد» داخل الدولة

قال رئيس الفريق الجراحي، الذي أجرى عملية زرع الكبد، الدكتور أنطونيو بينا، إن فريقاً طبياً يضم خمسة من الجراحين في المستشفى، أجرى العملية للمريض (مواطن - 60 عاماً)، الذي كان يعاني تليف الكبد وفشله، وتفاقمت حالته بسبب استسقاء السوائل في البطن والتهاب الصفاق (عدوى تصيب الغشاء المبطن للجدار الداخلي للبطن)، إضافة إلى حدوث نزيف في المعدة والأمعاء لديه، بسبب تليف الكبد، ما استلزم اللجوء إلى إجراء زراعة الكبد.

وأضاف: «تولى ثلاثة جراحين، واثنان من كوادر التمريض في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، مهمة نقل الكبد والأعضاء الأخرى، المتبرع بها، من مدينة الشيخ خليفة الطبية في عجمان على متن طائرة إسعاف جوي، وفرتها اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء، فيما استخدم الفريق الجراحي تقنية جراحية مبتكرة، لإجراء العملية والحفاظ على الوريد الأجوف الذي يمتد من الكبد إلى القلب، وشارك في هذه العملية المعقدة التي استمرت ثماني ساعات تقريباً، أكثر من 30 من الكوادر الطبية والجراحية، بما في ذلك الممرضون وأخصائيو التخدير والعناية المركزة والفنيون، وغيرهم».

وأكد رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد في المستشفى، الدكتور شيفا كومار، أن الإنجاز يكلل جهود التخطيط التي بذلها فريق زراعة الكبد المتعدد التخصصات، على مدى أكثر من عامين، معلناً تحسن حالة المريض بشكل جيد، وقرب مغادرته المستشفى.

وأجرى الجراحون في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، أيضاً، زراعة كلية من المتبرع ذاته لمريض آخر في المستشفى، فيما زُرعت الكلية الثانية لمريض في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، واستُخدمت الأعضاء الأخرى من قبل الفرق الجراحية في المملكة العربية السعودية.

«3 ساعات» لزراعة الرئة

أعلن رئيس قسم جراحة الصدر في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، الدكتور رضا سويلاماس، نجاح أول جراحة لزراعة الرئة من متبرع متوفى، لافتاً إلى أن العملية أجريت يوم 11 فبراير الجاري، على يد فريق مكون من 15 عنصراً من الكوادر المتخصصة، فيما تولى أخصائي جراحة القلب في معهد القلب والأوعية الدموية، الدكتور غورجيوت باجوا، تقييم رئتي المتبرع ونقلهما من الفجيرة جواً بواسطة طائرة الإسعاف الجوي، المقدمة أيضاً من اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء.

وقال سويلاماس: «كان المريض (مواطن - 53 عاماً) يعاني مرض الانسداد الرئوي المزمن، وقد أدرج اسمه على قائمة الانتظار لتلقي زراعة الرئة منذ ثلاثة أشهر، بعد إحالته إلى المستشفى من دبي».

وأضاف: «بعد عامين ونصف العام من التدريب، تمكن الفريق من زرع الرئة اليمنى عند المريض في عملية جراحية استمرت ثلاث ساعات و20 دقيقة فقط، باستخدام تقنية تتم بأقل قدر ممكن من التدخل الجراحي، والمريض يتعافى حالياً في المستشفى».

أول مواطن يزرع قلباً

وأفاد الدكتور راكيش سوري بأن أول مريض تجرى له عملية زراعة قلب داخل الدولة، (مواطن - 38 عاماً) غادر المستشفى بعد تحسن حالته الصحية كثيراً، إلا أنه بحاجة إلى زيارة دورية لمتابعة حالته.

وقال: «في ديسمبر الماضي، خلال ساعات امتدت بين مساء 5 ديسمبر والساعات الأولى من صباح اليوم التالي، شهد مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي إجراء أول عملية زرع قلب في الدولة، أجراها فريق ضم أربعة جراحين، لمريض مواطن كان يعاني حالة متأخرة من قصور القلب، ويخضع لرعاية فريق برنامج قصور القلب وزرع القلب في المستشفى منذ نحو ستة أشهر، لكن بعد العملية تحسنت صحته كثيراً، وغادر المستشفى».

7 ساعات لـ «نقل كلية»

وأفاد رئيس معهد التخصصات الجراحية الدقيقة، الدكتور بشير سنكري، بأن عملية زرع الكلية، التي أُجريت لمريض على قائمة الانتظار الخاصة ببرنامج زراعة الأعضاء في المستشفى، تعد من أولى الجراحات من نوعها في الدولة، موضحاً أنه تم نقل الكلية من المستشفى الذي كان يرقد المتبرع المتوفى فيه، في رحلة استغرقت سبع ساعات ونصف الساعة. وكانت المريضة (مواطنة - 40 عاماً) عانت فشلاً كلوياً ناجماً عن ارتفاع ضغط الدم منذ تسعة أعوام، إلى أن تلقت اتصالاً من المستشفى، لإبلاغها بالعثور على كلية من متبرع متوفى.

الإمارات مركزاً لزراعة الأعضاء

وأشاد رئيس اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء، الدكتور علي عبدالكريم العبيدلي، بالدعم الذي يحظى به برنامج التبرع بالأعضاء في المجتمع الإماراتي. وقال: «نحن نعمل حالياً على خطط لتوسيع جهودنا، من خلال برنامج مجتمعي يهدف إلى تعزيز هذه الثقافة»، مؤكداً أن عدداً كبيراً من الأشخاص أعربوا عن رغبتهم في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة.

ورداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم»، حول إمكان تغطية التأمين الصحي لمثل هذه الجراحات، قال العبيدلي إن «تسهيل حصول المرضى على حقوقهم في الرعاية الصحية العالية الجودة، والعلاج واجب تلتزم به الدولة، ومن ثم فإن التأمين الطبي سيكون له دور كبير في تغطية عمليات زراعة الأعضاء مستقبلاً».

كما أجاب العبيدلي عن سؤال آخر للصحيفة، حول إمكان أن تصبح الإمارات مركزاً إقليمياً لجراحات زراعة الأعضاء، قائلاً إن البنية التحتية القوية في المجال الصحي بالدولة، ودعم القيادة والمسؤولين، وما نمتلكه من كوادر متخصصة، عوامل تتيح لبرنامج زراعة الأعضاء خدمة الجميع، مواطنين ومقيمين، وحتى من هم خارج الدولة، لكن الوقت بات مناسباً للسير بخطى مسرعة نحو إعلان الإمارات مركزاً إقليمياً لعمليات نقل وزراعة الأعضاء». ورد سوري على السؤال ذاته، قائلاً: «نحن ملتزمون بأن نؤهل مقدمي خدمات زراعة الأعضاء بالدولة للمستقبل، ولكي نتحدث عن مركز إقليمي لزراعة الأعضاء نحتاج إلى عاملين رئيسين: الأول: حاجة المرضى الفعلية لمثل هذه العمليات، والثاني الدعم الرسمي المقدم من الدولة لكل ما يتعلق بمجال نقل وزراعة الأعضاء، وبلاشك فإن هذين العاملين متحققان بشدة داخل الإمارات».

وأكد العبيدلي أن «نجاح عمليات زراعة الأعضاء لا يتوقف على الجانب الطبي أو الفني، وإنما له جوانب إنسانية ومجتمعية وإعلامية، ومن ثم فمثل هذه العمليات تحتاج إلى تضافر الجهود وتضامن الأطراف كافة، لتحقيق الهدف».

وقال إن دراسات أجريت داخل الدولة حول التبرع بالأعضاء، أثبتت أن برنامج التبرع بالأعضاء بعد الوفاة يحظى بقبول مجتمعي واسع بين المواطنين والمقيمين.

تويتر