المستشار الأسري

صورة

■تقول قارئة:

لا أعارض ولا أمنع زوجي من الإحسان إلى أهله وإكرامهم، ولكن مشكلتي الأساسية هي أنه يقدمهم علينا، ولا يرفض لهم طلباً، فيعمل لهم مشروعات، ويؤمّن لهم كل شيء، مع أن أغلبهم حالته ميسورة. أما لي ولأولادي فهو مقصر جداً، ولا يعطينا إلا الأشياء الضرورية، وكلما طلبنا حقوقنا تنشب بيننا الخلافات، ولا يعطينا بعضها إلا بعد إلحاح، بماذا تنصح؟

■■ يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:

أستطيع أن أستنتج من روايتك أن زوجك له قدر كبير من الخير، فالرجل الذي يهتم بأمه وأبيه وإخوانه وأخواته يعد رجلاً عظيماً، ولكن الخلل عنده أنه يعطي الحقوق لطرف دون آخر، بلا إنصاف ولا توازن، أي أنه لا يعطي كل ذي حق حقه، فلو افترضنا أن راتبه يكفي لأسرته، وجب عليه أولاً أن يعطي من تجب عليه نفقته - كالزوجة والأبناء - النصيب الأكبر، لأنه المسؤول الأول عنهم، وعليه أن يعطيهم ما يكفيهم ويغنيهم عن المسألة، ثم ينتقل إلى أهله، إن كانت حياتهم ميسورة، أما إذا كانت صعبة، ولا يجدون ما يكفيهم، فعليه أن يسدّد ويقارب.

وعلى الزوجة عدم التدقيق والبحث في ما ينفقه الزوج على أهله، ولا في أي أمر من شأنه أن يفسد العلاقات، وأن تبحث عن حلول خارجية من طرف آخر يستطيع أن يشرح للزوج فقه الإدارة والأولويات، والذكاء في استخدام المال، لكن إذا كان الزوج هو الكافل الوحيد لأهله، أو الميسور حالاً بينهم، فإنفاقه على أهله واجب ومطلب شرعي، وهو واجب على زوجته وأبنائه كذلك.

والزوجة التي تستطيع أن تعين زوجها، هي امرأة عظيمة، تدله

على الخير وتساعده في الإنفاق، فتعمل في بعض الحرف المهنية، أو النشاطات التجارية، أو تحاول أن تستثمر ماله بالحكمة، أو تدخره عند الحاجة، فهي بذلك تعينه على البر والإحسان، وهذا بحد ذاته باب واسع من أبواب الجنة.

الرجال ينقسمون حول هذه القضية إلى أصناف مختلفة، فهناك من يهتم بأهله ويهمل زوجته وأولاده، وهذا عليه أن يراجع حساباته، فهو في خطر عظيم. وصنف يهتم بزوجته وأولاده ويهمل أهله. وهذا أخشى عليه العقوق والقطيعة. وثالث يهمل الكل، لا يهتم بأمه ولا بأبيه ولا بأولاده ولا زوجته، لا القريب منهم أو البعيد، وهذا هو الأسوأ.

أفضل الأزواج هو من يهتم بأسرته وأهله وأقاربه، كل على حسب الضروريات والحاجات والأولويات والكماليات، والزوجة في هذا السؤال امرأة عظيمة عندما تقر بأخلاقها بأنها لا تعارض زوجها ولا تمنعه من الإحسان إلى أهله وإكرامهم. اهتمام الزوج بأهله أمر عظيم، ولكن بلا تفريط في ما يختص بالزوجة والأبناء، أو مبالغة في تقديم مصالح الأهل وإعطائهم كل شيء رغم عدم حاجتهم، فهذا خلل في الموازنة، خصوصاً أن الزوج لا يعطي زوجته وأولاده ما يريدونه إلا بعد مرارة الحاجة وألم السؤال، وقهر الطلب. وهذا مؤشر سلبي في العلاقات الزوجية، وحالة سيئة تدل على خلل في ما يختص بالحقوق والواجبات.

لقد فضل الله عز وجل الرجل في حياته الزوجية بالنفقة على الزوجة والأولاد، وذلك من أهم معايير القوامة والسعادة بين الزوج والزوجة.

تويتر