وصفوا القرار بـ «التاريخي» وأكدوا «نفاد الصبر العربي على الدوحة»

محللون: نقض قطر تعهداتها وإيواء قيادات متطرفة وراء «المقاطعة»

أجمع محللون وأكاديميون وكتّاب على أن قرار الإمارات والسعودية والبحرين ومصر ودول أخرى، بقطع العلاقات مع قطر، جاء بعد نفاد الصبر العربي تجاه ممارسات الدوحة الداعمة للتنظيمات والجماعات الإرهابية، التي تسعى بشتى السبل لشق الصف الخليجي والعربي، واصفين هذه الإجراءات التصعيدية بـ«التاريخية»، ومتوقعين توسع نطاق ما وصفوها بـ«دول القطيعة القطرية» خلال الأيام القليلة المقبلة.

تجاهل مبادئ الأمن القومي الخليجي

أكد أستاذ العلوم السياسية، الدكتور نصر عارف، أن «قطع العلاقات مع قطر جاء بعد نفاد الصبر»، مشيراً إلى أن «الدوحة تمادت في تجاهل محيطها الجغرافي الخليجي، وتجاهلت كل مبادئ الأمن القومي الخليجي والعربي، وتصرفت بعقلية المراهق الذي يريد أن يكون بطلاً حتى لو حطم بيت أبيه أو أدخله في مشكلات مع الجيران».

وقال: «إن سياسة هذه الدولة التي تجاوزت طموحاتها إمكاناتها بمليون مرة، جعلتها معول هدم، ولذلك فإن ما حدث مع قطر تأخر كثيراً، لكنه في النهاية يمثل رد الفعل الحضاري على سلوك دولة لا تحترم تعهداتها».

وتابع عارف «قطر تتصرف وكأنها اشترت العالم بأموالها، لأنها اعتادت شراء الأصوات والكتّاب والصحف، وظن قادتها أن العالم هو قناة الجزيرة وما تحويه من نفوس مريضة، حتى أصبحت قطر زائدة دودية تابعة لدولة الجزيرة، يديرها مجموعة من أعضاء تنظيم الإخوان».

وأكدوا أن قطر هي من دفعت باتجاه اتخاذ خطوة قطع العلاقات من خلال عدم وفائها بتعهداتها السابقة، خصوصاً اتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلي له، إلى جانب نقض الدوحة البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأميركية، التي عقدت في الرياض، والذي اعتبر إيران راعية للإرهاب.

وشدّدوا على أن القرار جاء بعد تمسك الدوحة بإيواء قيادات متطرفة ومطلوبة أمنياً لدى بلدانها، حتى إنها شكلت حاضنة للجماعات التي تشكل خطراً على دول المنطقة وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب أن الدوحة لم تكن حريصة على تعزيز التعاون مع جيرانها، وأنفقت أموالاً طائلة لتأسيس أذرع إعلامية هدفها الإساءة لدول المنطقة.

وأفادوا بأن تدخل قطر في شؤون الدول الأخرى ودعم الجماعات المعارضة باتا محوراً رئيساً في السياسة القطرية، لافتين الى أن الدوحة شكلت خاصرة ضعيفة لدول مجلس التعاون من خلال تبنيها سياسات تخالف الإجماع الخليجي.

واعتبر المدير العام لشركة أبوظبي للإعلام، الدكتور علي بن تميم، أن التصعيد ضد قطر «يعد أبلغ رد على نظام بات يهدّد أمن المنطقة العربية، بعد أن انحرف كثيراً عن اتفاق الرياض ومعطياته الملزمة لمواجهة الإرهاب وداعميه، من خلال استمراره في دعم جماعة الإخوان وتنظيم داعش، وانفتاحه على إيران».

وتوقع بن تميم أن «تخلف الإجراءات التصعيدية ضد الدوحة، آثاراً اقتصادية وسياسية، مشدداً على أن القيادة القطرية هي من تتحمل مسؤولية هذا التصعيد الذي يٌفرّق جيداً بين النظام الحاكم والشعب القطري الشقيق».

وأبدى بن تميم اندهاشه من محاولة النظام القطري تصوير الموقف على أنه نوع من التراشق الإعلامي، «بينما تسعى قيادتها إلى تعكير الصفو الخليجي عبر حملات ممنهجة لتشويه عدد من دول مجلس التعاون، كما أنها تبذل قصارى جهدها لضرب الأمن القومي العربي عن طريق إنشاء وتبنّي أبواق إعلامية لتحريض الشعوب ونشر فكر الإرهاب والترويج لمعتنقيه».

وقال إن «ردة الفعل القطرية تجاه الإجراءات جاءت مخيبة للآمال، إذ عجزت تماماً عن الرد على البيانات التي أصدرتها دول قطع العلاقات، بشأن الأسباب التي دفعتها للتصعيد، خصوصاً ما يتعلق بالتحالف مع إيران وتهديد الأمن العربي وإيواء متطرفين وإرهابيين مطلوبين للعدالة، بل الغريب أنها أبدت عدم فهمها لمثل هذه الإجراءات»، متوقعاً انضمام المزيد من الدول العربية لما وصفه بـ«دول المقاطعة القطرية».

وأضاف: «المراقب للوضع الخليجي، يعلم أن النظام القطري الحالي حصل على فرص كثيرة بعد اتفاق الرياض، للعودة إلى البيت الخليجي، لكنه تفنن في إهدارها متعمداً، ما يستوجب اتخاذ مواقف حازمة ضده».

وأشار إلى أن أبرز الدوافع لاتخاذ اجراء المقاطعة تمثل في عدم التزام قطر باتفاق الرياض، ونقض البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأميركية، والذي اعتبر إيران راعية للإرهاب، وإيواء الدوحة لقيادات متطرفة ومطلوبة أمنياً لدى بلدانها.

وقال: «خلال السنوات الماضية واصلت السلطات القطرية اللعب على الحبلين في ما يخص محاربة الإرهاب، ولكن استمرارها في دعم المجموعات الإرهابية والمسلحين في عدد من الدول كان مكشوفاً، على صعيد جبهات القتال وعلى صعيد التمويل المالي المباشر لشخصيات معينة، والتستر خلف منظمات حقوقية وإنسانية لتحقيق أهداف أخرى».

وتابع بن تميم: «لا يخفى على أحد الدعم القطري الواسع لعناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، لاسيما مع استقبالهم للهاربين من الأعضاء حول العالم، وفتح وسائل إعلامهم كقناة الجزيرة للتحريض ضد حكومات الدول المجاورة من قبل الإخواني يوسف القرضاوي وغيره».

فيما قال الكاتب والأكاديمي الدكتور علي راشد النعيمي، إن «القرار هو نتاج تلاعب القيادة القطرية بمصالح الشعب، واستخدامها للمال والإعلام لدعم الجماعات الإرهابية التي تهدد أمننا القومي».

ووجّه النعيمي رسالة إلى الشعب القطري، ركّز خلالها على أن التاريخ والجغرافيا تؤكدان وحدة المصير والتحديات والمخاطر، قائلاً: «نحن نمر بأزمة حقيقية تاجرت فيها القيادة القطرية بمصالح شعبها، قبل أن تتاجر بالأمن القومي الخليجي والمصري والعربي، ولهذا يجب أن يسأل القطريون نظامهم عن أسباب وجود عزمي بشارة في بلدهم، وماذا قدّم لهم سوى الأزمات وبث الفرقة وإخراجهم من حاضنتهم الخليجية للارتماء في إسرائيل تارة وتركيا تارة وأخيراً إيران».

وأضاف: «قيادة قطر تصر على بث الشقاق وتسويق الاضطرابات ودعم الإرهاب عبر خطابات إعلامية تروجها قنوات كلّفت الميزانية القطرية مليارات الدولارات». ودعا النعيمي «الأشقاء في قطر إلى التفكير بعمق ومنطق في الطريق الذي تقودهم إليه قيادتهم»، متسائلاً: «هل مصالح الشعب القطري مع الحرس الثوري الإيراني الذي يتحمل مسؤولية قتل وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء في العراق وسورية واليمن؟ وهل مستقبلهم مع إيران والنظام الملالي، أم مع أشقائهم العرب؟».

من جانبه، قال رئيس اتحاد الكُتّاب العرب، حبيب الصايغ، إن «دول الخليج خصوصاً الإمارات نفد صبرها لأنها منحت القيادة القطرية فرصاً كثيرة، لاسيما وأن اتفاقي الرياض 1، والرياض التكميلي، تضمنا بنوداً لم تفِ بها قطر، من بينها موقفها من مصر، وسياستها الإعلامية التي تقودها قناة الجزيرة، وتقاربها مع إيران وموقفها من الحوثيين ودعمها لـ(الإخوان المسلمين) وقياداتها».

وأضاف: «نحن لا نُفرّق بين الإخوان وداعش، فالإسلام السياسي يكمل بعضه بعضاً، ولأن الصبر نفد كان يجب التصعيد، خصوصاً أن القيادة القطرية هي من زرعت بذرة الشر».

ووصف الصايغ الإجراءات العربية تجاه قطر بـ«اليوم التاريخي»، موضحاً أن السياسة العربية قدّمت نفسها بقوة وحزم من دون مواربات أو عواطف أو حسابات إقليمية ودولية.

وعلقت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، الدكتورة ابتسام الكتبي بأن «قطر وضعت نفسها في هذا الموقف، بعد نقض تعهداتها، والقرار صائب وجاء بعد منح الفرص العديدة لقطر لمراجعة موقفها، لكنها، أهدرتها في التمسك بمواقفها السياسية».

ودعت الكتبي قطر للتعقل ومراجعة سياساتها بعيداً عن العناد، والتوقف عن دعم ومساندة جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من المنظمات المصنفة ضمن قائمة الإرهاب.

من جانبها، قالت رئيسة رواق عوشة الثقافي، الدكتورة موزة غباش «على مدى الأعوام الماضية استخدمت الإمارات والسعودية كل الوسائل السلمية المتاحة لرأب الصدع مع قطر، التي لم تستوعب وتقدر قيمة الرسائل الودية التي وجهت إليها، لذا كان لابد من قطع العلاقات معها ليفيق النظام القطري».

واعتبرت غباش أن «قرار قطع العلاقات هو المرحلة الأخيرة التي جاءت بعد نفاد السبل كافة مع قطر لإقناعها بالعدول عن سياستها التخريبية الواضحة بدعمها جماعة الإخوان المسلمين».

من جانبه، أكد مدير عام الإدارة القانونية بمكتب سمو حاكم إمارة الشارقة، المستشار القانوني الدكتور منصور محمد بن نصار الثقة الكبيرة لشعب الإمارات بحكومته وقادته، في القرارات الحكيمة التي تصبّ جميعها في خدمة الشعب وفي مصلحة الدولة والمنطقة.

وقال: «قرار قطع العلاقات مع دولة قطر هو قرار صائب جاء بعد منح فرص كثيرة لهذه الدولة، وهو قرار اتخذ لتنظيم شؤون سياسية وأمنية ولا يمس علاقات القرابة بين الدولتين».

تويتر