طالبوا بمراقبة إعلانات السكن.. و«الداخلية» تحذّر من السماسرة

ضحايا «احتيال عقاري» يخسرون أموالاً طائلة في أبوظبي

«الداخلية» دعت إلى الإبلاغ عن أي محاولات للاحتيال العقاري أو «السمسرة» غير المرخصة. تصوير: إريك أرازاس

أفاد مقيمون في أبوظبي بأنهم تعرضوا أخيراً لعمليات احتيال من خلال سماسرة ومستثمرين وملاك عقارات، على خلفية حاجتهم لتأجير وحدات سكنية، مؤكدين أنهم خسروا أموالاً طائلة، ولم يتمكنوا من استردادها لأسباب مختلفة، مطالبين بتشديد الرقابة على إعلانات الصحف عن الوحدات السكنية الشاغرة، وتشديد العقوبة على المتلاعبين.

توثيق العقود

ألزمت بلدية أبوظبي السكان بتوثيق عقود الإيجار رسمياً في الإدارة المختصة في البلدية، كعملية تنظيمية، وشنت خلال الفترة الماضية حملات تفتيشية واسعة في مناطق سكنية داخل مدينة أبوظبي وخارجها، لتنفيذ القرارات المتعلقة باشتراطات السكن الجديدة داخل الفلل والبنايات، ووجه مفتشو البلدية إنذارات خلال الفترة الماضية إلى أصحاب الفلل والمستأجرين والمستثمرين في مدن خارج جزيرة أبوظبي، مثل مدينتي الشيخ محمد بن زايد والشيخ خليفة، ومنطقة الشامخة، بإخلاء العين المؤجرة المخالفة وغير الموثقة. وطالبت المستأجرين بالتأكد من أن العقار موضوع الإيجار مسجل لدى برنامج توثيق حسب الأصول المتبعة، والمؤجر لديه الصلاحية القانونية لإدارة العقارات.

كما تشترط الوزارة إرفاق صورة من عقد الإيجار، أو فاتورة استهلاك الكهرباء والماء في معاملات إصدار وتجديد الإقامة. وأطلقت البلدية أخيراً حملة مكافحة ظاهرة التكدس السكاني، وترصد المساكن المشتبه فيها عن طريق الرقابة الميدانية أو متابعة المساكن التي تم الإبلاغ عنها.


حملات توعية

أكد مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، العقيد الدكتور صلاح الغول، أن شرطة أبوظبي نفذت حملات توعية لتجنب الاحتيال العقاري، بهدف المكافحة والوقاية من هذه الآفة، داعياً إلى الإبلاغ عن أي محاولات للاحتيال العقاري، أو الوساطة غير المرخصة.

من جهته، دعا مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، العقيد الدكتور صلاح الغول، الأفراد إلى التعامل مع الملاك مباشرة، وتجنب التعامل مع السماسرة، تلافياً للوقوع ضحايا في عمليات الاحتيال العقاري.

وتفصيلاً، قال المستأجر أنور حسان إنه «تعرض لعملية احتيال أدت إلى إلزامه بإخلاء الوحدة السكنية التي كان يستأجرها بعد خمسة أشهر، وضياع الأموال التي دفعها مقابل الإيجار لمدة عام»، موضحاً أنه قرأ إعلاناً في صحيفة أسبوعية حول عرض وحدة سكنية مكونة من غرفة وصالة في مدينة خليفة (أ) للإيجار، بمبلغ 55 ألف درهم سنوياً. وقابل شخصاً من جنسية دولة عربية، عرّف نفسه بأنه وكيل للمالك، وطلب منه سداد المبلغ دفعة واحدة، بناء على طلب المالك. وعندما قال إنه لا يستطيع تأمين المبلغ، أخبره بأنه سيسعى لدى المالك لخفض القيمة الإيجارية في حال موافقته، ما شجعه على استئجار الشقة، لافتاً إلى أنه شاهد الشقة ووجدها مناسبة، فأحضر الوكيل عقد الشقة للتوقيع عليه، وعندما سأله عن المالك، أخبره بأنه مريض، وأعطاه صورة من هوية المالك وجواز سفره، وفاتورة كهرباء مؤرخة باسم المالك ليطمئنه، ما اضطره إلى تسليمه مبلغ الإيجار كاملاً.

وتابع أنه ذهب بعد يومين للإقامة في الشقة، ففوجئ بمواطن يسأله عن سبب وجوده هناك، وعندما أبلغه بأنه مستأجر الشقة فاجأه بالقول إنه مالك الشقة، وإن من أجرها له «محتال»، كان قد استأجرها منه ليقيم حضانة أطفال فيها، لكنه أجرها لأربعة أشخاص في الوقت نفسه.

وقال حسان إن «المالك الحقيقي أبلغه بضرورة إخلاء العين المستأجرة، والتقدم ببلاغ في قسم الشرطة»، موضحاً أن أجهزة الشرطة قبضت بعد ذلك على المالك المزيف ووكيله، وأنه اضطر إلى إخلاء الوحدة بعد خمسة أشهر، بعد توالي الإنذارات له بضرورة الإخلاء، فأصبح بلا مأوى، كما أنه خسر أمواله.

وأشار حسان إلى أنه بعد محاكمة المالك المزيف ووكيله لم يثبت أي شيء عليهما، وأفرج عن وكيل المالك بكفالة، نظراً لوجود شاهد واحد وقت قيامه بدفع الإيجار، وهو ما اعتبرته المحكمة غير كافٍ لإثبات التهمة عليه.

وأفاد المستأجر جهاد محمد بأنه سمع من أحد زملائه في العمل عن وجود شقة للإيجار (غرفة وصالة) بسعر 50 ألف درهم في مدينة خليفة بن زايد، في فيلا مقسمة. وقابل وكيل المالك، الذي قدم إليه المستندات الخاصة بالمالك، ما جعله يطمئن إليه تماماً، وأخبره بأن المالك مسافر في الخارج، إلا أنه سيعود بعد أسبوع وسيرتب لمقابلته.

وأوضح محمد أنه اطمئن تماماً، ولم يشك في أنه عرضة للاحتيال، فدفع الإيجار، وتسلم مفتاح الشقة، لكنه وجد الوحدة مسكونة، ولم يستطع الإقامة فيها.

وأكد محمد أنه خسر أمواله، إلا أنه لم يرفع دعوى قضائية ضد المالك، لأنه تأكد ــ بعد متابعة أحوال أصدقاء له رفعوا قضايا ــ أنه «لا يمكن الحصول على شيء، لأن المحتالين محترفون، ولا يثبت عليهم أي اتهام»، لافتاً إلى أنه اعتبر أن رفع قضية يعني خسارة مزيد من أمواله.

ولفت محمد إلى أن مبلغ الإيجار كان مناسباً جداً، في ضوء الارتفاع الكبير في الإيجارات، بعد إلغاء سقف الزيادة البالغ 5%، ما جعله يسعى للتوقيع على العقد وإنهاء الإجراءات سريعاً.

وقالت المستأجرة دعاء سطيف إنها قرأت إعلاناً عن شقة سكنية للإيجار في منطقة في أطراف مدينة أبوظبي بسعر 60 ألف درهم سنوياً. وأضافت أنها وجدت أن المبلغ معقول، في ضوء ما عرفته عن الزيادات الإيجارية الكبيرة في أبوظبي، فلم تنتبه إلى بعض التفاصيل، مثل اختفاء المالك، وعدم ظهوره، وتذرع الوكيل بحجج عدة لغيابه، فضلاً عن سعي الوكيل لإتمام إجراءات التعاقد بشكل عاجل.

ولفتت إلى أنها قابلت رجلاً ادعى أنه وكيل مالك العقار، وشاهدت الشقة، وتم الاتفاق على دفع الإيجار على دفعتين، بعد إلحاح منها، لأنها لا تملك المبلغ كاملاً، وأبدى الوكيل مرونة، بعدما أبلغها بأنه سيسعى لدى المالك للموافقة على ذلك، مشيرة إلى أنها اتفقت مع المالك المزعوم على الانتقال إلى الشقة بعد أسبوع من إنهاء إجراءات تسلم عملها في أبوظبي، وتسلمت المفتاح. وعندما ذهبت إلى الشقة وجدت رجلين يقيمان فيها، قالا إنهما استأجرا الشقة منذ يومين بعد دفع القيمة الإيجارية. وقد حاولت الاتصال بوكيل المالك، إلا أنه لم يرد.

وأضافت أنها رفعت دعوى قضائية لاسترداد أموالها، ولاتزال الدعوى منظورة أمام المحاكم منذ أربعة أشهر، مؤكدة أنها استدانت من زملائها مبلغاً مالياً دفعته لمالك آخر حتى تستطيع الإقامة في شقة أخرى.

من جهته، دعا العقيد الدكتور صلاح الغول، إلى الالتزام بالإرشادات والنصائح العامة من الجهات المعنية، تجنباً للوقوع في الاحتيال العقاري.

ونصح الغول بالتعامل مع الملاك مباشرة، وتجنب التعامل مع السماسرة أو المستثمرين غير المرخصين، والالتزام بالأنظمة المقننة التي وضعتها الجهات المختصة بشأن استئجار أو شراء الوحدات «السكنية والتجارية والصناعية»، إلى جانب الالتزام باشتراطات الجهات المصرفية بشأن تحرير الشيكات البنكية.

ورداً على سؤال حول الإجراءات الواجب اتباعها في حال تعرض شخص لاحتيال عقاري، قال الغول إنه يتوجب على الضحية التوجه مباشرة إلى أقرب مركز شرطة، مصطحباً معه المستندات لفتح بلاغ «جريمة احتيال»، واتباع إرشادات الشرطة في هذا الأمر.

وأكد العقيد الغول أن الجهات الرسمية تعتد وتستند إلى الوثائق في إثبات الحقوق المالية والمدنية في البيع والشراء والمنازعات العقارية، بما يمكّن الضحية من استرداد حقوقه القانونية.

تويتر