«الوطني» يلتقي جهات حكومية وأفراداً خلال أسبوعين لبحث آليات للتسجيل

مواطنون يحوزون مقتنيات ووثائق وعملات وأسلحة أثرية

أفادت رئيس لجنة شؤون التربية والتعليم والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي، الدكتورة منى البحر، بـ«وجود مواطنين في الدولة يمتلكون آثاراً ووثائق وعملات ومقتنيات أثرية مختلفة وأواني قديمة وأسلحة، فيما ستعقد اللجنة في غضون الأسبوعين المقبلين لقاءً مع المواطنين الذين يحوزون آثاراً».

واعتبر خبراء وعاملون في قطاع المقتنيات الأثرية، أن الدولة «شهدت وصول منقّبين دوليين منذ عقد الستينات من القرن الماضي، نقّبوا عن آثار، ثم خرجت هذه الآثار من الدولة إلى أماكن غير معلومة. كما عثر على لقى أثرية كثيرة، ومن ثم اختفت».

سجل وطني

تبيّن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، أن الحكومة ارتأت اقتراح هذا القانون، نظراً لما تمثله الآثار من قيمة نادرة وفريدة من الناحية التاريخية والفنية والعلمية والأدبية والدينية والإنسانية، كونها مظهراً من مظاهر التطوّر الحضاري والتاريخي للدولة، مؤكدة أن هذا المشروع يهدف إلى الحفاظ على الآثار في الدولة بشكل ينظم حمايتها بداية من تسجيلها بسجل وطني على مستوى الدولة، وآخر محلي على مستوى كل إمارة، وتحديد وتعريف الآثار وأنواعها وطرق التنقيب عنها وصيانتها وترميمها، وحظر استيرادها أو تصديرها إلا بترخيص أو تصريح من السلطة المختصة بحسب تعريف القانون.

وجاء مشروع القانون ليحدّد العقوبات المترتبة على أي اعتداء قد يقع على الآثار أو المواقع الأثرية، أو ارتكاب أي أفعال مخالفة لإجراءات تسجيل الآثار أو التنقيب عنها، كل ذلك بهدف حماية الموروث الأثري بالدولة، بما يدعم ويحفظ الإمكانات السياحية والأثرية، ويحفظ حق الأجيال الحالية والمقبلة في موروثهم الحضاري.

وقالوا إن «الدولة في حاجة فعلية إلى قانون يعتبر بمثابة أداة منظمة للتراث المادي الإماراتي، في ظل وجود كثير من القطع الأثرية التي تحتاج إلى صيانة وحماية، حتى نضمن عدم خروج هذه الآثار بصورة غير مشروعة من الدولة، وتالياً فإن اعتماد سجل وطني اتحادي ومحلي من شأنه أن يحدّ من ذلك».

غير أن مدير عام مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري، ناصف كايد، رأى أن «صدور قانون لحماية الآثار، من شأنه أن يمنح المركز منفذاً لإلقاء الضوء على الحضارة البدوية، ونطلع العالم على ما يتمتع به شعب الإمارات من حسن ضيافة وكرم».

وتفصيلاً، قالت الدكتورة منى البحر، لـ«الإمارات اليوم»، إن «اللجنة ستلتقي بملاك ومقتني الآثار لإقناعهم بضرورة تسجيل مقتنياتهم الأثرية ضمن سجلين وطنيين، أحدهما اتحادي والآخر محلي، وهو الأمر الذي سيسهم بصورة مباشرة في حماية الآثار في الدولة، كونها تعد مظهراً من مظاهر التطور وحفظ التاريخ الإنساني المتنوع للأجيال المقبلة ويصونه من الاعتداء».

وأضافت أنه «بناءً على القانون الجديد سيتم تسجيل الآثار المحلية بصورة قانونية، وعلى الرغم من أن التسجيل سيكون اختيارياً، إلا أننا ندعو العاملين في هذا المجال إلى توثيق القطع الأثرية لضمان حقوقهم، حتى لا تسرق، وإذا سرقت سيسهم توثيقها وتسجيلها في إعادتها إلى أصحابها».

وتابعت: «انتهينا من مناقشة بنود القانون، وبقي أن نجلس مع الجهات المعنية بالتراث، والأفراد من الذين يملكون آثاراً»، داعية الجمهور من الذين يحوزون قطعاً أثرية إلى «التواصل مع المجلس الوطني للسياحة والآثار لتسجيلها بأسمائهم، حفظاً للحقوق، ولضمان أن تتواصل معهم الجهات المعنية في أي وقت».

 

بعد تاريخي

من جهته، قال مالك ومدير متحف معبر الحضارات في دبي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، أحمد عبيد المنصوري، إن «القانون سيضمن إظهار البعد التاريخي للإمارات ومساهمتها في الإرث الإنساني، كما أن الدولة تحتوي على العديد من المناطق الأثرية من أبوظبي (العين والمنطقة الغربية)، إلى دبي (جميرا والقصيص وطريق العين)، إلى الشارقة (مليحة)، ورأس الخيمة، وأم القيوين وعجمان».

واعتبر أن «المجلس الوطني للسياحة والآثار يجب ألا يكون دوره تنسيقياً فقط، وإنما يقود زمام مبادرة توثيق الآثار الوطنية المختلفة، فأنا شخصياً سجلت مقتنياتي الأثرية في أوروبا لضمان حقوق الملكية، كما أن الدولة ظهر بها كثير من اللقى الأثرية إبان حقبة الستينات عندما جاء منقبون أثريون إلى الدولة، لكن تلك اللقى أصبحت مجهولة المصير حالياً». وأكد المنصوري أن «شراء وتداول الآثار له تقاليد دولية معروفة، مثل النموذج الأوروبي الذي يشترط وجود فاتورة وشهادات تصدير للأثر، حتى يمكن تداوله بصورة مشروعة».

وتابع أن «إمارة دبي، على سبيل المثال، كانت نقطة التقاء بين الشرق والغرب منذ آلاف السنين، ولديّ وثائق ومخطوطات وكتب وبرونزيات وفخاريات وتماثيل وأعمال رخام وخرائط أصلية للخليج تؤكد ذلك».

 

أداة منظمة

قال الوزير المفوض في وزارة الخارجية نائب رئيس ندوة الثقافة والعلوم في دبي، بلال البدور، إن «الدولة في حاجة فعلية إلى أداة منظمة للتراث المادي الإماراتي، في ظل وجود كثير من القطع الأثرية، التي تحتاج إلى صيانة وحماية، وحتى لا تخرج هذه القطع من الدولة يجب اعتماد سجل وطني لهذا التراث المادي».

وأضاف: «ينبغي أن توثق هذه الآثار على المستويين الاتحادي والمحلي، وأن تحدد ملكيتها إما للحكومة أو لأفراد، وهو ما نتوقعه مع القانون الجديد، لضمان عدم انتقالها من دولة إلى أخرى دون سجل، وحتى إذا انتقلت بأية صورة غير مشروعة، سيضمن تسجيلها استعادتها مرة أخرى».

وأشار البدور إلى أن «هناك كثيراً من فرق البحث الأثرية توصلت إلى بعض الآثار والعملات التي كانت معروضة في أسواق تباع فيها الآثار، وهي عملات لمنطقة مليحة في الشارقة، أو منطقة الدور في أم القيوين، ودون وجود قانون فلا يمكن استردادها، فهذا القانون فرصة جيدة لحماية الآثار».

 

منفذ حضاري

اعتبر مدير مركز الشيخ محمد بن راشد للتواصل الحضاري، ناصف كايد، أن «بعض الناس يعتقدون أن أهل الإمارات لا يملكون حضارة أو تاريخاً، بينما الحقيقة عكس ذلك، ففي ظل ما كُشف عنه من حفريات ومعالم أثرية فإننا الآن لدينا منفذ نستعرض من خلاله ما قدمته القبائل العربية إلى التراث الحضاري والإنساني».

وأضاف: «نستقبل آلاف الزوار من غير العرب والمسلمين في المركز، ونتحاور معهم بشأن النظرة الخاطئة عن الشخصية الإماراتية، التي يأتون بها من الخارج، من أن الإماراتي شخصية يعود ثراؤها إلى النفط فقط، وأنها شخصية ليس لديها سابق حضارة أو تاريخ، بينما الحقيقة المثبتة حالياً، تفيد بأن الإماراتي إنسان متحضر ومشهود له بحسن الضيافة والكرم، ووصل إلى البر والبحر، كما لم يفعل أصحاب حضارات أخرى».

 

تويتر