«جمعية الصيادين» في أبوظبي تستعد بـ «إجراءات كسر الاحتكار» خلال شهرين

«تكتـلات آسيــويــة» تحتـكر سوق السمك في الدولة

صورة

اتهم أصحاب مراكب وصيادون مواطنون، تجار أسماك من جنسيات دول آسيوية، بممارسة أساليب احتكارية للتحكم في أسعار الأسماك، وتكوين تكتلات للسيطرة على المزادات، وإيقاف المزايدة عند السعر المتفق عليه بينهم مسبقاً، ما يكبد أصحاب المراكب خسائر كبيرة، ويهدد المهنة التي تعد إرثاً تاريخياً.

فيما أكد رئيس جمعية الصيادين في أبوظبي، المستشار علي المنصوري، أن الجمعية بصدد اتخاذ حزمة إجراءات، خلال الشهرين المقبلين، من شأنها إنهاء سيطرة تلك التكتلات على السوق، رافضاً الإفصاح عن طبيعة هذه الإجراءات حتى لا يأخذ التجار حيطتهم.

وتفصيلاً، أكد الصياد المواطن (نواخذة) «أبوحمدان»، أن «صيادي الأسماك وأصحاب المراكب المواطنين يتحملون كثيراً من المخاطر، ويبذلون جهداً هائلاً من أجل الصيد، إلا أن التجار هم دائماً المستفيد الأول من حصيلة الصيد، بينما الضحية هم الصيادون والمستهلكون»، مشيراً إلى أن «التجار يكسبون ثلاثة أضعاف ما يكسبه الصياد على الأقل، رغم أن عبء المهنة يقع بالأساس على الصياد».

وقال: «رحلة الصيد تتكلف كثيراً من الأموال، إذ تتضمن الصيانة الدورية للمركب، والإنفاق على أجور العمال والمساعدين، ووقود الديزل، ومصروفات الطعام والشراب الذي يتم استهلاكه خلال رحلة الصيد، وقبل كل ذلك مخاطر البحر وتقلباته، فكثيراً ما يكون عائد الصيد قليلاً بسبب الطقس، ثم يأتي التجار ليبخسوا الأسعار ويعقدون الاتفاقات بينهم بألا يزيد المزاد على مبلغ محدد، غالباً يكون بخساً، ثم يعيدون بيعه بأسعار مرتفعة ليحصلوا على مبالغ طائلة».

تاجر: ادعاءات الصيادين غير صحيحة

قلل أحد تجار الأسماك (من جنسية دولة آسيوية) ــ طلب عدم نشر اسمه ــ من شكاوى الصيادين بشأن احتكار تجار من جنسيات آسيوية سوق السمك في الدولة، مضيفاً: «ادعاء أصحاب المراكب أنهم يتكبدون خسائر بسبب التجار غير صحيح، لأن رحلات الصيد مربحة، فتصل أرباح رحلة الصيد الواحدة إلى 100%، ولو كان حقاً أن أصحاب المراكب يخسرون لتوقفوا عن ممارسة المهنة».

وأضاف (أبوحمدان): «السوق يسيطر عليها (هوامير) من جنسيات دول آسيوية، يتفقون على شراء المزادات كلها بأسعار ضئيلة جداً، ثم يعاودون تقسيم الأسماك في ما بينهم، بناء على حصص متفق عليها مسبقاً، ويطرحونها في الأسواق ومنافذ البيع التابعة لهم، وهم يقسمون أنفسهم لتكتلات عدة، حتى لا تكون هناك منافسة ويسيطرون على الأسعار».

من جانبه، أشار الصياد محمد حافظ، إلى أن «السوق يسيطر عليها عدد من التجار من جنسيات دول آسيوية، ويتلاعبون بأرزاق الصيادين عن طريق تحديد سعر مسبق بينهم للمزاد لا يتعداه أحد، ويكون في الغالب أقل بنحو نصف القيمة الحقيقية، ثم يعاودون بيعها بأسعار مرتفعة جداً ليحققوا أرباحاً خيالية على حساب الصيادين والمستهلكين».

وقال حافظ: «هؤلاء التجار أصبح لديهم أسطول من السيارات ومنافذ بيع ومحال ومطاعم، ويحاربون أي محاولة من أصحاب المراكب لكسر احتكارهم للسوق، ويهددون بالامتناع عن شراء الأسماك وتركها على رصيف الميناء حتى تفسد».

صيد جائر

وأوضح أحد أصحاب المراكب ويدعى (أبوعلي)، أن «احتكار الآسيويين للسوق يبدأ من البحر وليس من الشاطئ كما يعتقد البعض، إذ يستغلون المراكب الخاصة لتنفيذ عمليات صيد جائر بالمخالفة للقانون، ما يؤثر في البيئة البحرية في الدولة»، مشيراً إلى أنه «يعمل في هذه المهنة منذ أن كان عمره 12 عاماً، وورثها عن والده وجده، ورغم كثرة مخاطرها وخسائرها إلا أنه متمسك بها وورثها لأبنائه».

وقال مسؤول بأحد المراكب، فتحي عبدالرسول: «المشهد يتكرر يومياً، فبمجرد أن ترسو السفن ويتم إنزال حصيلة رحلة الصيد، ويفتح الدلال المزاد، يبدأ التجار في المزايدة بأرقام محددة وبسيطة ليقف المزاد عند المبلغ المتفق عليه بينهم»، لافتاً إلى أن «الأمر أصبح علنياً ومكشوفاً، وعملية تقسيم الأسماك تتم على مرآى من الجميع، كأنهم يؤكدون أن ما يقررونه هو ما يحدث».

وأضاف: «نشعر بأننا نعمل لديهم بالأجرة اليومية، فنحن من نتكبد كل المشقة، وهم يجنون الأرباح من دون أي متاعب أو مخاطر، ويساعدهم على ذلك عدم وجود رقابة على الأسعار، وتركها للعرض والطلب، وطالما كان هناك تكتلات فلن يكون هناك منافسة شريفة».

مسؤولية دكات البيع

من جهته، أكد رئيس جمعية الصيادين في رأس الخيمة، خليفة المهيري، على «عدم وجود سيطرة من جانب جمعيات الصيادين على أسعار السمك وعلى دكات عرض وبيع الأسماك، والسبب الرئيس هو سيطرة تجار من جنسيات دول آسيوية على الأسعار، في ظل عدم وجود قرارات حكومية بأن تتولى الجمعيات مسؤولية دكات البيع».

وأشار إلى أنه «لا يوجد احتكار من قبل العمال الآسيويين لمهنة الصيد، لأنه غير مسموح لهم بممارسة الصيد دون وجود نوخذة مواطن على القارب، موضحاً أن «التجار يشترون السمك من الصيادين المواطنين بأسعار قليلة خلال المزاد العلني، ويتم بيعه على دكات السوق بأضعاف ثمنه».

وذكر أن «التجار في مختلف أسواق السمك في الدولة يتواصلون بينهم هاتفياً يومياً، لتحديد أسعار الأسماك، ما يجعل السعر شبه موحد». ولفت إلى أن جمعية الصيادين في رأس الخيمة مستعدة لتنظيم عمليات البيع، وتوطين جميع دكات البيع في سوق السمك، حال صدور قانون يمنح جمعية الصيادين صلاحية مراقبة وتنظيم عمليات البيع والتوطين في السوق. وأوضح أن «الجمعية لديها خطة متكاملة لتوطين دكات البيع في السوق، مقابل 10 آلاف درهم راتباً شهرياً، وإنهاء احتكار الآسيويين».

من جهته، أشار رئيس جمعية الصيادين في أم القيوين، حسين الهاجري، إلى أن «سيطرة التجار الآسيويين على سوق السمك في الإمارة تحول دون انخفاض أسعار السمك، في ظل عدم وجود رقابة أو تنظيم من قبل جمعية الصيادين أو الجهات المعنية في الإمارة لعمليات شراء السمك من الصيادين، وبيعه في السوق».

وأضاف أن «التجار يحتكرون دكات البيع، ما يجعل الصياد المواطن يتكبد خسائر مالية عند بيعه حصيلة صيده لهم، لأنهم يشترونها منه بأسعار ضئيلة جداً، ويبيعونها بأسعار مرتفعة للمستهلكين، ما يجعل الآسيوي هو المنتفع الوحيد في سوق السمك».

وأوضح أن «الحل الوحيد لكسر هذا الاحتكار على السوق في الإمارة، إصدار قانون يمنح جمعية الصيادين الصلاحية الكاملة على سوق السمك، الأمر الذي سيجعل الجمعية توطن جميع دكات البيع، وتسيطر على الأسعار، وتمنع احتكار الآسيويين لسوق السمك، والتلاعب بأسعاره».

إلى ذلك، أكد رئيس الاتحاد التعاوني لجمعيات صيادي الأسماك، رئيس جمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك، المستشار علي المنصوري، لـ«الإمارات اليوم»، صحة شكاوى أصحاب المراكب والصيادين من وجود تكتلات من جنسيات دول آسيوية تسيطر على السوق، وتحاول احتكار شراء الأسماك من أصحاب المراكب بأسعار متدنية، وإعادة بيعها بأسعار مرتفعة.

وقال المنصوري: «خلال شهرين على أقصى تقدير، ستقضي الجمعية على هذه التكتلات، وستدخل في قلب الموضوع، خصوصاً أننا سنفتتح قريباً سوق المشرف العالمي للأسماك، كما سيتم فتح منافذ بيع جديدة وأسواق خارجية تابعة للجمعية، وسيصل حجم المبيعات إلى 10 أطنان يومياً، ما سيكسر احتكار هؤلاء التجار للسوق، ولن يكون الصيادون مجبرين على البيع لهم».

وأضاف: «توجد أيضاً حزمة إجراءات سيتم اتخاذها لمنع هذه الممارسات التي تضر بالسوق، لكن لن يتم الكشف عنها حالياً حتى لا يستعد لها هؤلاء التجار، خصوصاً أنهم يعملون بنظام اليد الواحدة للضغط على أصحاب المراكب عند شراء الأسماك وتحقيق أكبر منفعة».

وأوضح المنصوري، أن «أبوظبي بها 1100 رخصة صيد تجارية، 50% منها يعمل بصورة منتظمة، والبقية بصفة موسمية»، لافتاً إلى أن «الرخص التجارية خاصة بالمواطنين فقط، لكن هناك مراكب خاصة وشخصية يُسمح لها بالصيد العادي، بينما هي تخالف القوانين واللوائح وتقوم بالصيد التجاري».

وأشار إلى أن «أبوظبي بها نحو 2000 مواطن يعملون بمهنة الصيد، فيما يبلغ عدد المواطنين العاملين في المهنة على مستوى الدولة سبعة آلاف شخص»، لافتاً إلى أن «الدولة تقدم دعماً لوجستياً كبيراً لهم من خلال الموانئ والمقار والأسواق الخارجية، لكن تبقى كلفة الرحلة هي أكبر المشكلات التي تواجه المهنة، لأنها تراوح بين 3000 و5000 درهم، حسب حجم المركب».

تويتر