حفر الآبار غير المقنن أسفر عن وصول مياه كبريتية وعالية الملوحة

الجفـاف يطــال 70% من مــزارع الذيد

حلول مشكلة جفاف المزارع مكلفة جداً. الإمارات اليوم

طال الجفاف 2240 مزرعة في مدينة الذيد التابعة لإمارة الشارقة من 3200 مزرعة موجودة في المدينة، بنسبة تشكل نحو 70% من إجمالي عدد المزارع، بحسب مدير بلدية الذيد علي مصبح الطنيجي. في حين قال أصحاب مزارع لـ«الإمارات اليوم» إن أسباب جفاف المزارع في المدينة والمنطقة الوسطى بشكل عام تعود إلى الحفر غير المقنن لآبار المياه، إذ يتبع ذلك عمليات حفر إلى أعماق بعيدة في باطن الأرض، بهدف الوصول إلى المياه الجوفية، مشيرين إلى أن المياه الجوفية العميقة تحتوي على نسب عالية من الكبريت، وملوحة زائدة، ما أدى إلى تلف بعض المزروعات.

وحدات سكنية في المزارع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/12/59807%202.jpg

قال مدير بلدية الذيد، علي مصبح الطنيجي، إن ملاك مزارع اتجهوا بعد جفاف مزارعهم إلى استغلالها في غير الاغراض التي خصصت لها، إذ بنوا وحدات سكنية لتأجيرها للعمالة أو تحويلها مخازن مفتوحة، مؤكداً أن تلك المشكلة تم القضاء عليها تماماً، ولم تعد هناك حالات بناء جديدة بفعل جهود البلدية بهذا الشأن، كما تم القضاء على المخالفات العامة للمزارع بنسبة 90%. ونوّه الطنيجي بالقرار الصادر عن المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة رقم 2 لسنة 2007 الذي يفيد بأن المزارع منحت للمواطنين بهدف استخدامها للأغراض الزراعية والترفيهية، ومنع استغلالها لغير الأغراض المخصصة لذلك.

وشرح الإجراءات التي اتخذتها البلدية بهذا الصدد، قائلاً «أجرينا حملات توعوية ووضع لوحات ارشادية على الشوارع الرئيسة بالمدينة، إضافة إلى توجيه إنذارات لكل من يستخدم المزارع في غير الأغراض التي خصصت لها»، منوهاً إلى انه «للحفاظ على مياه الفضاء الخارجي، منعنا المزارعين من حفر آبار خارج مزارعهم، كما صادرنا حفارات ومعدات من يحفرون آباراً غير مرخصة في المزارع، كما تم التنسيق مع الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء بخصوص قطع التيار الكهربائي عن أي مزرعة يستخدمها مالكها لغير الاغراض المخصصة لها، والحد من توزيع أراضٍ زراعية جديدة على المواطنين في الذيد، حتى يتم إيجاد حل ناجع لمشكلة جفاف المزارع.

واعتبر رئيس المجلس البلدي لمدينة الذيد، محمد بن هويدن، أن حل المشكلة يتمثل في توفير المياه لمزارع المنطقة بمعدل 40 ألف غالون يومياً، مشيراً إلى أن توفير المياه من شأنه إحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي بالمنطقة الوسطى بشكل عام، وهي المنطقة التي يركز عليها المزارعون المواطنون.

وتمثل الزراعة المائية (من دون تربة) بديلاً جيداً لبعض المزارعين، خصوصاً أنها تنفذ ضمن برامج مدعومة من وزارة البيئة والمياه، التي أكدت أنها تقدم دعماً سنوياً للمزارعين المستخدمين تقنيات الزراعة الحديثة، يتمثل في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، كالبذور والأسمدة، بأسعار مخفضة تصل إلى 50%، فضلاً عن أن الوزارة نفذت برامج إرشادية للمزارعين، لتعريفهم بالنظم الحديثة للري وبالعوائد التي يمكن تحقيقها عند اتباع الطرق الصحيحة للمحافظة على مستوى عذوبة المياه الجوفية وعدم تملحها.

إلا أن مزارعين يعتبرون الزراعة المائية لاتزال مكلفة مالياً، خصوصاً أن سعر البيت المحمي الواحد ضمن خطة البيوت المحمية التي تنفذها الوزارة يصل إلى 25 ألف درهم، وهو مبلغ مكلف بالنسبة للمزارع.

وتفصيلاً، أبلغ مدير بلدية الذيد، علي مصبح الطنيجي «الإمارات اليوم»، أن ما يصل إلى 70% من مزارع المدينة طالها الجفاف، عازياً ذلك إلى «نضوب المياه الجوفية، إضافة إلى جفاف الآبار اللذين صاحبهما ندرة سقوط الأمطار التي استمرت نحو 15 عاماً سابقة، فضلا عن غياب السياسات الزراعية لترشيد استهلاك مياه الري لدى معظم المزارعين».

وأضاف أن «المزارعين اتجهوا إلى الري بالطرق التقليدية كالغمر وغيرها، وإلى زراعة نوع واحد من المزروعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، بينما هذه المحاصيل تعد غير ذات جدوى مالية، نظراً لتوافر كميات كبيرة منها في الأسواق المحلية».

ولفت إلى أن «أبرز الأسباب التي أدت إلى نضوب مياه الري وجفاف أعداد كبيرة من المزارع في الذيد خصوصاً وفي المنطقة الوسطى عموماً هو اتجاه معظم المزارعين في فترة التسعينات إلى الحفر غير المقنن للآبار»، مبيناً أنهم «يحفرون آباراً عميقة للوصول إلى المياه الجوفية، ما نتج عنه قلة منسوبها، وتالياً الوصول إلى الطبقات العميقة من الأرض التي تحتوي على مياه كبريتية أو مالحة، نتج عنهما تلف بعض المزروعات».

واعتبر الطنيجي أن أي حل يوضع حالياً للقضاء على مشكلة جفاف المزارع مكلف جداً من الناحية المادية، لافتاً إلى أنه كان من المفترض أن يبدأ العلاج مبكراً قبل سنوات عدة من قبل وزارة اتحادية مختصة في هذا الشأن، مطالباً المزارعين باستغلال مزارعهم الحالية وتحويلها إلى مزارع إنتاجية لتربية أنواع مختلفة من الحيوانات، أو الاتجاه إلى الزراعة الحديثة التي تعرف بالزراعة من دون تربة أو (الزراعة المائية) التي لا تستهلك سوى كميات قليلة من مياه الري، فضلاً عن أنها تسهم في توافر المحاصيل على مدار العام، مع مضاعفة الإنتاج للوحدة نفسها من المساحة الزراعية المُستَقلة.

من جانبه، طالب رئيس مجلس بلدي الذيد، محمد بن هويدن، الجهات الحكومية المعنية بدعم مشروع توفير مياه لري المزارع الجافة في المنطقة الوسطى، منوهاً إلى أن المزارع بحاجة إلى 40 ألف غالون مياه بمعدل 200 لكل مزرعة يومياً، مؤكداً أن توافر هذه المياه من شأنه القضاء على مشكلة نضوب مياه الري وإحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي.

فيما قال المزارع محمد الكتبي، أحد المزارعين الذين يطبقون نظام الزراعة المائية الحديثة «كنت أملك مزرعة مملوءة بأنواع عدة من المحاصيل الزراعية و300 نخلة بفضل توافر مياه الأمطار، فضلاً عن توافر مخزون كبير من المياه الجوفية»، مشيراً إلى أنه «في الأعوام الأخيرة بدأت مشكلة جفاف المزارع ونضوب مياه الري، فتحولت مزرعتي إلى قطعة أرض جدباء، ليس بها أي من مظاهر الحياة، ما دفعني للاتجاه إلى الزراعة الحديثة أو ما يسمى الزراعة المائية».

وأشار إلى أن هذا النوع من الزراعة لا يستهلك إلا نسبة قليلة من مياه الري تراوح بين 10 و15% من إجمالي حجم المياه التي تستخدم في الزراعة التقليدية، إلا أن هذا النوع من الزراعة مكلف مادياً، إذ يصل إنشاء المزرعة الواحدة ذات الحجم المتوسط إلى نحو 400 ألف درهم، إذ تتطلب توفير بيوت محمية وأحواض للزراعة، إضافة إلى خزانات مياه كبيرة الحجم، فيما تدعم الحكومة 50% من أسعار البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية فقط.

أما المزارع راشد بن حمود الطنيجي، فذكر أن «جفاف المزارع في الوسطى دفع المزارعين إلى الاتجاه نحو حفر آبار إلى أعماق كبيرة في باطن الأرض، فضلاً عن غياب ثقافة ترشيد استهلاك مياه الري لدى المزارعين، التي جعلتهم يستمرون في ري المزروعات بطريقة الغمر التي تهدر كميات كبيرة من المياه».

وتابع «وصلت المزارع إلى الجفاف التام، وقل منسوب المياه الجوفية، وهذان السببان دفعا المزارعين إلى البحث عن وسائل بديلة، كان أحدها حفر آبار عميقة، ومكلفة مادياً في ذات الوقت»، موضحاً أن «كلفة البئر الواحدة قد تصل إلى 50 ألف درهم، لكن كمية المياه المستخرجة من هذه الآبار قلت مع مرور السنوات».

وأشار إلى أنه اتجه إلى الري بالتنقيط في مزرعته، كون هذه الطريقة تتناسب مع الأعلاف والنخيل التي يزرعها، مشيراً إلى أنه «لم يتجه ونظراءه من المزارعين إلى الزراعة المائية، لكونها مكلفة مادياً»، مبيناً أن سعر البيت المحمي الواحد يصل إلى 25 ألف درهم.

بينما كشف الوكيل المساعد للشؤون الزراعية والحيوانية في وزارة البيئة والمياه، المهندس سيف الشرع، عن وجود 121 مزرعة نموذجية في مدينة الذيد، تحتوي على 1247 بيتاً محمياً، مشيراً إلى أن الدعم الذي تقدمه الوزارة لمزارعي المنطقة من أجل تشجيعهم على تطبيق نظام الزراعة الحديثة يتمثل في برامج الدعم السنوية لمستلزمات الإنتاج الزراعي للمزارعين الذين يستخدمون تقنيات الزراعة المحمية، إذ تضم هذه المستلزمات الأسمدة والمبيدات العضوية والبذور والبيريلات الزراعي، كما توفر الوزارة الأوساط الزراعية التي تتطلبها تقنية الزراعة المائية، إضافة إلى أنها تنفذ برنامج إرشاد للمزارعين حول إدارة البيوت المحمية.

وحول البدائل التي نفذتها الوزارة لمواجهة مشكلة نضوب مياه الري في الذيد والمنطقة الوسطى، قال الشرع إنه «تم توفير عدد من الكوادر الفنية من مهندسين ومرشدين زراعيين لتنفيذ برامج إرشادية وعمل محاضرات نظرية وحقلية للمزارعين، وذلك لتعريفهم بالتقنيات ونظم الري الحديثة، والعوائد التي يمكن للمزارع أن يحققها من خلال اتباع الطرق الصحيحة للمحافظة على مستوى عذوبة المياه الجوفية وعدم تملحها، كما تهدف هذه المحاضرات إلى خفض كلفة العمالة التي تتطلبها الزراعة الحديثة مقارنة بالزراعة التقليدية.

وتابع أن الوزارة ترشد المزارعين بمميزات الزراعة المحمية، ومنها الزراعة المائية (من دون تربة) التي تشهد إقبالاً كبيراً لدى المزارعين، فبلغ عدد البيوت المحمية التي تتم فيها الزراعة المائية في المناطق الشمالية أكثر عن 800 بيت محمي، عازياً توجه المزارعين إلى هذا النمط من الزراعة لكونها توافر المياه بنسبة تراوح بين 60 و90% حسب نوع المحصول، مقارنة بالزراعة في الحقل المفتوح، فضلاً عن أنها توفر زيادة كبيرة في الإنتاجية تصل إلى 10 أضعاف الإنتاج في الزراعة التقليدية.

تويتر