مشاركون في منتدى الإعلام العربي أكدوا أنها تفتقد المهنية

وسائل التواصل الاجتماعي ليست بديلاً عن «الإعلام التقليدي»

مشاركون في الجلسة «الخبر في زمن الطفرة الرقمية» يدعون إلى الالتزام بالحيادية. تصوير: باتريك كاستيلو

ناقشت الجلسة الصباحية لمنتدى الإعلام العربي، التي حملت عنوان «الخبر في زمن الطفرة الرقمية»، وأدارتها الإعلامية، ملاك جعفر، من قناة (بي بي سي) العربية، العديد من المحاور المهمة المتعلقة بصنع الخبر في المستقبل والتطورات والتحولات في بيئة عمل المراسلين الميدانيين، وأجمع خبراء إعلاميون على ضرورة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أدوات مكملة للوسائل الإعلامية التقليدية وليست بديلا لها، مؤكدين أن هذه الوسائل تمثل أهمية، إلا أنها تفتقد إلى حد بعيد، المهنية والحرفية والصدقية في كثير من الاحيان.

المري: المنتدى حافظ على نهج واضح

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/05/01uyt-2.jpg

أكدت المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي رئيسة اللجنة العليا المنظمة، منى غانم المري، في كلمة الافتتاح أن المنتدى منذ انطلاقته قبل ‬22 عاماً، حافظ على نهج واضح في مسيرته يحذوه أمل الوصول إلى أفضل الصيغ الممكنة للتعاطي مع واقع إعلامنا بأسلوب فعال يضمن له سبل التطور. وأشارت إلى أن برنامج الدورة الحالية للمنتدى يتسم بالعمق والشمولية، ويحاول التوقف عند مختلف الظواهر لبحث خلفياتها وآثارها في المهنة وقدرتها على تحقيق هدفها ورسالتها.

وشارك في الجلسة المدير العام لقطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة البيان، ظاعن شاهين، ومدير الاستراتيجيات الرقمية في قناة سكاي نيوز عربية ثائر سوقار، ومراسلة قناة العربية الإخبارية ريما مكتبي، ومحررة منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتركيا في «رويترز» سامية نخول، ومدير تحرير غرفة الأخبار في قناة مصر العربية، نادية أبوالمجد.

واعتبر المشاركون في الجلسة أن الالتزام بالموضوعية والحيادية والمهنية الإعلامية وعدم العمل ضمن أجندات سياسية أو مشروعات تخدم توجهات معينة على حساب أخرى هو دستور العمل الصحافي، بغض النظر عن نوع الوسيلة الاعلامية، مؤكدين أن الصحافي يجب ان يعزل قناعاته السياسية والاجتماعية، وان يتوخى الدقة والموضوعية والالتزام بنقل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة.

وطالب المشاركون وسائل الاعلام التقليدية بإتقان أصول التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي التي لن تكون بديلا من الاعلام التقليدي، لأنها ناقل وجامع للأخبار لكن لا يمكن ان تكون يوماً مصدراً للخبر الذي يتطلب تقديمه حرفية تضعه في اطار ضمن سياق تحليلي مدعم بالبراهين والأرقام العلمية، مؤكدين ضرورة الحفاظ على أعلى مستويات الثقة لدى المشاهد أو القارئ، حيث تقع مسؤولية بناء هذه الثقة على عاتق الجهات الإعلامية ذاتها وليس المتلقي ذاته.

وقال ظاعن شاهين إن الاعلام صناعة تختلف كلياً عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تفتقد الصدقية والثقة إلى حد بعيد، كما أن الفكر بين الوسيلتين مختلف كليا إذ أن الصحافة الورقية والوسائل الأخرى مثل التليفزيون والراديو لديها تقاليد مهنية لا يمكن التخلي عنها، مؤكداً ضرورة مواصلة الانضباط على الرغم من سيل الاخبار المتدفق يومياً على غرف التحرير التي باتت بدورها أكثر قدرة على البحث عن حقيقة الخبر، على الرغم من المصادر المتشعبة التي تتدفق منها الأخبار.

وأكد شاهين أن وسائل الاعلام الاجتماعي لم ولن تكون بديلاً أبداً عن الإعلام التقليدي، معتبراً أن هذه الوسائط ربما تنقل الصورة لكنها لا تستطيع أن تنقل أو تنظر إلى خارج الإطار، وانه إذا كان ذلك صحيحاً لاضطرت الصحف والمحطات التلفزيونية لإغلاق أبوابها.

من ناحيتها، أكدت نادية أبوالمجد، ضرورة الالتزام بأعلى المعايير المهنية والأخلاقية والصدقية في العمل الإعلامي العربي، بعيدا عن الأهواء والميول السياسية والشخصية.

وقالت إن قواعد المهنة لا تختلف من وسيلة إلى أخرى، غير ان ما حدث بسبب الحراك السياسي الذي شهدته المنطقة أوجد مناخاً جديداً يصعب معه عزل المشاعر عن الخبر، حيث بات الصحافي ناشطاً سياسياً ومغرداً ومعارضاً وبطلاً قومياً في زمن السباق إلى الشهرة، ما أثر في القواعد المهنية.

فيما قال سوقار، إن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة مؤثرة في التغيير والتعبير وأداة لوسائل الاعلام لجمع الأخبار، خصوصاً أن بعض الجهات والمؤسسات الدولية تستخدمها كوسيلة لنشر الأخبار، مشيراً في هذا الصدد إلى وصول خبر التعديل الوزاري في الإمارات عبر هذه القنوات قبل أن يصل إلى وسائل الإعلام.

وأكد أن هذه القنوات والوسائل باتت حقيقة لا يمكن ان يغلفها أحد، لهذا يجب التعامل معها باعتبارها «العدو الصديق»، مشيراً إلى أن هذا الواقع يزيد من أهمية الاعلام في تعميق الخبر وتحليله، وأن هذه وسائل الإعلام الاجتماعي ليست بديلاً عن الإعلام التقليدي بل تعد مكملة له، وفقاً لإجماع الخبراء.

من جهتها، استبعدت نخول، ما يسمى الإعلام البديل، وقالت إن العمل الاعلامي المحترف يفرض نقل الخبر الصحيح والدقيق بعيداً عن الأجندات السياسية والأخبار والفيديوهات «المفبركة» في زمن تتزاحم فيه مصادر الأخبار والمعلومات، مؤكدة وجوب التحقق من الخبر بالالتزام بأعلى معايير المهنية، لافتة الى أن دور الإعلام أكبر بكثير، وانه يتضمن ويقوم على الرصد والتحليل واعطاء الخبر بعداً أعمق.

من جهتها، استعرضت مكتبي تجربتها في سورية، حيث ألتقت عدداً من المراسلين المواطنين، أي المراسلين السوريين، ينقلون المعلومات ليس لأنهم صحافيين، بل لانهم مواطنين يعيشون الاحداث ويتأثرون بنتائجها مباشرة.

وأشارت إلى أنهم يلعبون دوراً مهماً في بعض الأوقات في المساعدة على نقل واقع يصعب للمراسلين والقنوات الوصول إليه أحياناً، بسبب القيود التي قد تفرض على الصحافيين والإعلامين ومنعهم من الدخول للمواقع وإغلاق محطاتهم وتهديدهم في كثير الأحيان، مؤكدة ضرورة مطالبة الحكومات بتسهيل وصول الصحافيين إلى مواقع الأحداث.

هذا، وتخللت فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي في دبي جلسة حملت عنوان «إعلام المراحل الانتقالية.. متطلبات التطوير»، ناقشت الوضع الاعلامي الراهن في ظل المتغيرات الحديثة التي طرأت جراء تغير انظمة الحكم في العديد من الدول، والتي شهدت على اثرها حالة إعلامية وصفت بأنها حالة فوضوية.

واعتبر المشاركون فيها أن الإعلام يعاني حالياً فوضى، لعدم وجود ضوابط تحدد بوصلته، وأن الاعلام التقليدي الكلاسيكي فقد هيبته وقيمته وأصبح الاعلام الجديد صاحب مبادرة السبق، نظرا لما يتميز به من صفات ما يسمي «إعلام الجمهور» أو «الاعلام البديل».

وقالت الكاتبة والإعلامية الليبية، حاملينها البرعصي، إن الإعلام له الفضل في انجاح الثورة في بلادها، وان الاعلام خصوصا العربي أسهم كثيرا في نقل الحالة الليبية، حيث معظم الأحداث في ليبيا كانت واقعية، وليست من صناعة الاعلام، مضيفة انه استطاع ان يجابه المقاومة الشرسة من النظام وقتها حتى تحقق للثورة الليبية أهدافها.

وتناولت البرعصي، سيطرة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي على كل شيء في ليبيا، مشيرة الى معاناة نحو ‬70٪ من الليبيين العزلة والانغلاق، والحرمان والعيش على الهامش، محرومين من التعليم الراقي والسفر وتعلم اللغة الانجليزية لدرجة ان من كان يحاول تعلمها يتحول الى خائن يحاكم وقد تصل عقوبته للاعدام.

واعتبرت أن الفوضى هي عنوان حالة الوضع الاعلامي حالياً، حيث معظم العاملين في القنوات والمؤسسات الاعلامية في الساحة الآن من المبتدئين الذين يفتقدون المهنية والكفاءة، مشيرة ان بعضهم يعمل كمراسلين ومذيعين، لأن بعض هؤلاء عمل اثناء الثورة بمجهوداته الشخصية ثم تحول إلى العمل في القنوات مراسلاً أو مذيعاً.

وأكدت البرعصي، أن هناك ‬20 قناة فضائية تعيش حالة فوضى في ليبيا، بعضها في بني غازي وأكثرها في العاصمة، ومن مظاهر هذه الفوضى حصار بعض المؤسسات، مؤكدة أن سبب الفوضى يرجع إلى أن ليبيا لم تكن دولة وانها لاتزال ليست دولة حتى الآن.

أما أستاذ الاعلام السياسي في جامعة الإمام بالمملكة العربية السعودية، الدكتور خالد الفرم، فبدأ كلامه بتقرير عن الواقع قائلا ان سقوط الأنظمة السياسية العربية أفضى الى سقوط الانظمة الإعلامية بشكلها الكلاسيكي، وان هناك وسائل ومنتجات جديدة برزت على الساحة تعبر عن هموم المواطنين، وان الثورة الحديثة في شبكات التواصل الاجتماعي اتاحت فرصة كبيرة لكل هؤلاء ليمارسوا العمل الاعلامي والتواصل المباشر.

وأشار الى انقسام شديد للإعلام حدث بعد الثورات العربية، حيث ظهرت قنوات بشكل جديد، وسقطت أيديولوجيات ورافقها سقوط كبير للاعلام الرسمي، معتبرا انه لا توجد حاليا مؤسسات اعلامية رسمية قادرة على التأثير والانتشار. وأضاف ان هذا الانقسام يؤثر في المجتمعات العربية لاسيما في ظل الاهمال والفساد الذي تسبب في سقوطه بعد سنوات من الشللية والفساد المالي والإداري.

وأشار الفرم أيضاً إلى ان من محركات الأزمة هي سيطرة رجال المال والدين والسياسة على الاعلام، وأغلب القنوات الفضائية غير الرسمية، مؤكدا أن غياب التقويم المهني ساعد على فوضى الاعلام، مطالباً باستحداث مجالس أمناء للمؤسسات الاعلامية وتنمية الاعلام الشعبي.

واعتبر وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام الأسبق في الأردن، راكان المجالي، أن الاعلام في الوقت الراهن بين أمرين هما القائم والحصيد، وتناول العديد من البنود المهمة، مطالباً الاعلاميين العرب بمراجعة النفس للوقوف امام الذات المهنية أولا، حيث تعرض الاعلام لتحد كبير دون ان يقوى على مواجهة المتغيرات.

من ناحيته، قال رئيس الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال في تونس، كمال العبيدي، إن الانفلات الاعلامي العربي ليس بدعة عربية، واستعرض العبيدي وضع الاعلام في تونس، وفقدان الامل في اصلاح وضعه، حيث عاد تعيين مسؤولي الاعلام كما كان عليه في ظل النظام السابق إلا ان بوادر الاصلاح بدت من جديد عندما كنا نحتقل باليوم العالمي لحرية الصحافة وصدر قرار بإنشاء الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري، وهذا كان تنفيذا لتوصية من ‬60 توصية قدمناها للحكومة. وطالب بأن تتضمن الدساتير للدول ضمانة الحريات والالتزام بالمعايير الاخلاقية، مؤكدا اهمية استحداث ميثاق جديد لضبط الانفلات الاعلامي الراهن.

من جهته، انتقد الخبير الاعلامي المصري، ياسر عبدالعزيز، عمليات جلد الذات للإعلام العربي، وتوجيه لغة الحوار الى الاشياء السلبية، واقترح ان يكون السؤال هو كيف ننظم الاعلام العربي ليكون اكثر حرية وأكثر نجاحاً، مشيراً إلى «اننا خرجنا مما نحن فيه بما يسمى (بينولا) الاعلام او (عربة الموسيقى) التي تجر مجموعة من الأكاذيب الكبرى»، رافضاً مقولة ان الاعلام لا يموّل من رجال الاعلام، وانه يخلق لذاته، مؤكداً انه تعبير عن مصلحة، لكنها يجب ان تتوافق مع المهنية واخلاق العمل الاعلامي.

تويتر