جلسة بين برلمانيين وإعلاميين وطلبة تعرضت لواقع الإعلام في الدولة

مطالبة بإيجاد مرجعية إعلامية تتبنـى «الخطاب الوطني»

مشاركون في الحلقة النقاشية يدعون إلى دعم المجلس الوطني للإعـــــــــــــــــــــــــــــــــلام. الإمارات اليوم

طالب برلمانيون وإعلاميون بـ«تأسيس مشروع وطني إعلامي اتحادي تتبناه الدولة لمواجهة تحدياتها كافة، وتحقيق أهدافها العامة»، معتبرين أنه «لابد من أن يكون للدولة مشروعها الإعلامي الحكومي المستقلّ، الذي يمكن صياغة خطاب وطني من خلاله» لافتين إلى «عدم وجود مرجعية تشريعية واضحة، تحكم العمل الإعلامي في الدولة».

سياسة الإعلام

قالت رئيسة لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة للمجلس الوطني الاتحادي، الدكتورة منى البحر، إن هذه هي الجلسة الرابعة لللجنة في مناقشة سياسة الإعلام في الدولة، وسيكون الاجتماع المقبل الخامس والأخير مع الحكومة، ممثلة بالمجلس الوطني للإعلام، ثم عرض التقرير في جلسة المجلس الاتحادي ومناقشته أمام جميع الأعضاء بوجود ممثلين من الحكومة.

وشرحت البحر أن اللجنة ناقشت في اجتماعاتها الثلاثة الماضية التوطين في الإعلام، نقاط القوة والضعف فيه، ودور الجامعات، وتوصلت إلى أن التوطين غائب عن المؤسسة الإعلامية ويجب تعزيزه بشكل فاعل، إلى جانب غياب السياسة الإعلامية الواضحة التي تحكم المؤسسة الإعلامية في المنطقة الحرّة، وغياب المرجعية، وضعف الجانب التدريبي عند خريجي الطلاب من الجامعات الوطنية والخاصة بشكل عام.

وطرحت تساؤلات منها: هل يمثل الإعلام الحالي أهدافنا الوطنية؟ وهل يحقق الطموحات التي يرغب فيها المجتمع الإماراتي؟ وكيف يمكن تحسين الواقع والتشريعات والممارسة المناهج التعليمية؟

 

هموم طلابية

 

تحدث طلبة من كليات الإعلام في الدولة، حضروا النقاش وشاركوا فيه، عن معاناتهم أثناء سنوات الدراسة من مناهج لا تمت لبيئة الإمارات بصلة، ومن كون معظمها يُدرّس باللغة الإنجليزية، وعدم إيجاد برامج تدريب لهم في المؤسسات الإعلامية لالتحاقهم بها بعد تخرجهم.

ووصفت الطالبة آمنة يوسف، من جامعة الشارقة، التدريب في المؤسسات الإعلامية بأنه «عشوائي»، متابعة أن المتدربين لا يلقون الاهتمام الكافي هناك، كأنهم عبء على العاملين فيها.

ورأت الطالبة موزة النعيمي، من جامعة الإمارات، أن طلبة الإعلام يحتاجون إلى دورات تدريبية، لربط دراستهم النظرية بطبيعة الأداء العملي. فيما قال الطالب سعيد عبدالله، من جامعة الإمارات، إن هناك عزوفاً لدى الشباب المواطنين عن الالتحاق بكلية الإعلام، عازياً ذلك إلى أن المؤسسات الإعلامية تشترط حصول الخريج على سنوات خبرة عملية للموافقة على تعيينه فيها.

وذكرت حنان البلوشي، من كلية تقنية دبي، أن «جميع المساقات تركز على اللغة الإنجليزية، وما أن يتوجه الطالب إلى المؤسسات الإعلامية حتى يفاجأ برفضهم له، لأنه لا يجيد اللغة العربية».

ووافقها الطالب عمر المري، من كلية تقنية دبي، مؤكداً أن مساقاً واحداً فقط في الكلية يدرّس اللغة العربية. وقال: «نحن بحاجة إلى وجود مساقات أخرى».

أما وداد المهيري من جامعة زايد، فتطرقت إلى اختلاف المناهج الدراسية في كليات الإعلام عن بيئة الإمارات، وتساءلت: «لم ندرس أموراً لا تطبق في بلدنا؟ ما الفائدة منها؟».

جاء ذلك خلال جلسة حوارية حضرها أساتذة وطلبة في كليات الإعلام في جامعة زايد للطالبات، للحديث حول واقع الإعلام في الدولة، ضمن مناقشة لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي، لسياسة المجلس الوطني للإعلام في شأن تعزيز التشريعات الإعلامية، بحضور أعضاء المجلس أحمد الجروان، وسالم بن هويدن، ورشاد بوخش، وأحمد أهلي.

ورأت رئيسة اللجنة، الدكتورة منى البحر، أنه لابد من أن تتوافق أهداف المؤسسات الإعلامية الموجودة على أرض الدولة مع التشريعات الإماراتية، لافتة إلى ضرورة البحث عن وسائل لـ«تطويع تلك المؤسسات، بما ينسجم مع الأهداف العامة».

كما رأت أن «الإشكالية تكمن في عدم وجود مرجعية تشريعية واضحة تحكم مجالات العمل الإعلامي في الإمارات»، مشددة على ضرورة إيجاد مثل هذه المرجعية. وتابعت أنها تعني بذلك تطابق الأهداف العامة لهذه المؤسسات مع أهداف الدولة، ولا تعني فرض الرقابة والتقييد «لأن الرقابة بمفهومها التقليدي لا يمكن تطبيقها في الوقت الحالي».

وأكدت أستاذة الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات، الدكتورة عائشة النعيمي، ضرورة إيجاد هيئة أو مؤسسة إعلامية، ذات سيادة وطنية، معتبرة أن «صانع القرار الإعلامي في إمارة معينة لا يحكم صانعه في إمارة أخرى، الأمر الذي يستدعي إيجاد هيئة إعلامية مستقلة، اتحادية، شبيهة بهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي».

وأضافت أن المجلس الوطني للإعلام هو المظلة الاتحادية للمؤسسات الاعلامية، ولابد من منحه صلاحيات أوسع، معتبرة أن «الإشكالية التي تواجهنا حالياً ليست السيطرة على المؤسسات الإعلامية رقابياً، إنما إيجاد إعلام وطني، وهو أمر ممكن التحقق من خلال إيجاد مؤسسة وطنية إعلامية، تعمل في مواجهة كل التحديات السياسية، ولتفعل الأخرى - المؤسسات الإعلامية غير الإماراتية الموجودة على أرض الدولة - ما تودّ فعله، مادامت لدينا جهة تعبّر عن أهدافنا». ورأت النعيمي «إننا نعاني ازدواجية في الأهداف التي تسعى لها المؤسسات الإعلامية، إذ تتحول إلى خاصة باحثة عن الربح، من دون أن تتخلى عن دورها الحكومي».

ودعت اللجنة إلى عقد حلقة نقاشية مغلقة، تضمّ صناع القرار والأكاديميين والعاملين في الإعلام، لمناقشة مشروع قانون الأنشطة الإعلامية، وتكثيف الحوارات في هذا الشأن، معتبرة أنه الموضوع الأساسي «لأنه سيكون المظلة لكل ما ناقشناه».

في جانب آخر، تحدثت النعيمي عن ضرورة إعادة النظر في ما يتم تدريسه للطلبة، في جزئية تحوّل الدراسة إلى اللغة الإنجليزية في مناهج كليات الإعلام «التي أُلغيت على أثرها المساقات التي ترتبط بشكل مباشر بالقضايا الوطنية والعربية»، معتبرة أن «التدريس بلغة غير عربية يترتب عليه عدم ارتباط مخرجات التعليم بما تطلبه سوق العمل، ناهيك عن أن دور مخرجات الإعلام أكثر حساسية من دور مخرجات تخصصات أخرى، لأن هذا الكادر مسؤول عن إدارة ووضع سياسة الإعلام لدولة تواجه تحديات كبيرة». وتساءلت: «كيف يمكننا مواجهة التحديات مادام خريجو الإعلام غير مؤهلين نوعياً، ولا يمتلكون رؤية وطنية ثابتة تجاه قضاياهم؟»، لافتة إلى أن «علاقة الشراكة ما بين كليات الإعلام والمؤسسات الإعلامية في الدولة شبه غائبة».

واقترح استاذ الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات، الدكتور قيس التميمي، إيجاد برامج تخصصية تدريبية للخريجين، تستمر عاما على الأقل، بدلاً من تدريبهم فصلاً دراسياً واحداً، كما هي الحال الآن. وتابع: «نحن هيأنا المؤسسات قبل أن نهيئ الإنسان القادر على العمل فيها»، معتبراً أنه يتعين على المجلس الوطني للإعلام وضع صيغة عملية لتدريب طلبة الكليات داخل المؤسسات الإعلامية.

في سياق ذي صلّة، قال استاذ الإعلام في جامعة الشارقة، الدكتور الصادق الحمامي، إن العلاقة بين المؤسسة الإعلامية والجامعة ينبغي أن تكون مفتوحة وحيوية، لا أن يأتي التدريب في إطار عفوي، لأن المهنة لا تعيش من دون مؤسسات التكوين (الإعلام).

وطالب الحمامي بـ«ضرورة إيجاد عقد مكتوب يلزم كلا الطرفين، المجلس الوطني للإعلام، الذي يمثل المؤسسات الإعلامية، والمؤسسات التعليمية، بوضع آلية واضحة لتدريب طلبة الإعلام، ضارباً مثالاً على ذلك بتونس «فهناك قانون يلزم المؤسسات الإعلامية بتعيين ما نسبته 50٪ من عامليها من خريجي الإعلام، وبالتالي تصبح المؤسسة ملتزمة بعملية تدريبهم لأنهم سيكونون ضمن الكادر المهني الجديد.

ووافقه عضو مجلس الشارقة للتعليم، الدكتور عبيد المهيري، مؤكداً الحاجة إلى تشريعات تلزم المعنيين كافة بتحمل مسؤولياتهم، وتساءل: «أليس للمجلس الوطني للإعلام دور في هذا؟».

أما الإعلامي محمد السويدي، فقال إن الإعلاميين لا يعرفون سياسة المجلس الوطني للإعلام، وإن القوانين المطبقة هي قوانين رقابية فقط وليست لتعزيز الدور الإعلامي.

وذكر أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة، الدكتور نصير بو علي، أن الكليات تدرّس نظرية إعلامية تفيد من الناحية التاريخية، ولكنها غير صالحة لزمننا ومجتمعنا «وكأننا نصنع صحافيين تقنيين».

من جانبه، طالب العضو أحمد الجروان بتحديد طبيعة التحديات التي يواجهها المختصون وطلبة الإعلام والأكاديميون.

تويتر