مسؤولون وخبراء حذروا من ارتفاع كلفة الحوادث.. وطالبوا بسرعــــة التعويضات وعدالتها

التأمين يدفع 13.4 مليار درهم لضحايا حوادث في 5 سنوات

الحوادث المرورية تخلّف آثاراً سلبية على المجتمع بأسره. أرشيفية

حذر مسؤولون وخبراء مشاركون في ندوة دولية، عقدت، أمس، في أبوظبي، من ارتفاع كلفة الحوادث المرورية على مستوى الدولة، إذ قدروا حجم التعويضات المالية التي دفعتها شركات التأمين في الدولة خلال السنوات الخمس من 2006 إلى ،2010 بنحو 13.4 مليار درهم على شكل تعويضات عن وفيات واصابات واضرار مادية، بينها الناجمة عن حوادث الطرق، فيما راوحت معدلات خسائر التأمين عن حوادث المركبات بين 84 و92٪ من إجمالي الأقساط التأمينية، مقترحين اتخاذ إجراءات فورية لخفض الكلفة المرتفعة للحوادث، ومراجعة القوانين الخاصة بتعويضات ضحايا الحوادث المرورية بما يضمن سرعة حصولهم على تعويض عادل، خصوصاً الذين لا يستطيعون تحمل مصروفات التقاضي.

ونبه مشاركون في الندوة التي نظمتها جمعية الإمارات للسلامة المرورية، تحت رعاية الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، إلى أهمية معالجة أسباب ارتفاع أعداد حوادث السير، من بينها نمو أعداد المركبات في الدولة إلى مليونين و318 ألفاً و408 مركبات في ،2011 نتيجة سهولة تملك المركبات وتمويل شرائها من دون سداد مقدم مالي.

وتفصيلاً، أكد مدير الإدارة العامة للتنسيق المروري في وزارة الداخلية، العميد غيث الزعابي، أن حوادث الطرق لاتزال تشكل هاجساً مقلقاً للمجتمع بسبب ارتفاع أعداد ضحاياها مقارنة بعدد السكان، وما تخلفه من آثار لا تنسحب فقط على المتضرر أو المصاب أو الضحايا وأسرهم، بل لما تخلفه هذه الحوادث من آثار سلبية على المجتمع بأسره.

وقال في ورقة عمل قدمها للندوة بعنوان «السلامة المرورية في دولة الإمارات العربية.. الواقع والتطلعات»، إنه على الرغم من تناقص أعداد الحوادث المرورية وضحاياها على مدار السنوات الثلاث الماضية، وتحسن معدلات السلامة على الطرق، إلا أن هذا التحسن الملموس لا يرضي طموحات القائمين على السلامة ولا المجتمع، إذا ما قورن بالاستثمارات الضخمة التي تخصصها الدولة لرفع مستوى الأمان على الطرق، وتزويدها بجميع الوسائل التي تمكن السائقين من القيادة تحت مظلة من الأمان.

وأوضح أنه لا يمكن الجزم بأن حوادث السير التي تقع على الطرق في الدولة يمكن أن تُعزى إلى سبب واحد، أو أن تتسم بخصائص محددة، متابعاً أن المتفحص لإحصاءات حوادث السير والمتتبع لتحليل أسبابها، يجد أن أسبابها تتحقق على طرق الدولة ولكن بنسب متفاوتة، ويظل العامل البشري متصدراً أسباب وقوعها على الرغم من الإجراءات المختلفة التي تتخذها الدولة لتحسين أداء السائقين أثناء القيادة.

ولفت الزعابي إلى أنه بحسب عقد العمل من أجل السلامة المرورية على الطرق، الذي أصدرته الأمم المتحدة، فإن حوادث السير تودي بحياة نحو 1.3 مليون شخص في العالم كل عام، نصفهم على الأقل ليسوا من مستخدمي المركبات، كما يتعايش ما بين 20 و50 مليوناً مع إصابات غير قاتلة ناجمة عن حوادث المرور على الطرق.

واستعرض الزعابي في ورقته مؤشرات السلامة المرورية في الدولة، وجهود وزارة الداخلية لرفع معدلات السلامة على الطرق، والمعوقات التي تؤثر في الارتقاء بمستوى السلامة على الطرق والرؤية المستقبلية لها.

واستعرض أسباب ارتفاع أعداد حوادث السير والضحايا، من بينها نمو أعداد المركبات في الدولة نتيجة الطفرات التنموية، وتسارع عجلة الإنتاج، ما سبب زيادات غير متوقعة في أعداد المركبات والسائقين وتنوع وسائل النقل وزيادة طلب الشاحنات على استخدام الطرق لمواكبة التطور الاقتصادي والأنشطة الحياتية المرتبطة به بشكل ملحوظ، إذ بلغ عددها مليونين و318 ألفاً و408 مركبات في ،2011 إضافة إلى سهولة تملك المركبات نتيجة ما تقدمه المؤسسات المصرفية والائتمانية من تسهيلات إلى طالبي الشراء، حتى وصل الأمر إلى تمويل شراء السيارات دون سداد مقدم مالي، وأدى ذلك إلى زيادة الطلب على شراء السيارات الخاصة للاستفادة من تلك التسهيلات، فضلاً عن كونها وسيلة أساسية من متطلبات الحياة فرضها واقع المجتمع، فضلاً عن تطور البنية التحتية لشبكة الطرق في الدولة إذ يبلغ طول شبكة الطرق الخارجية (الطرق السريعة) في الدولة 3800 كيلومتر.

من جانبها، قالت نائبة مدير عام هيئة التأمين، فاطمة محمد إسحاق العوضي، إن شركات التأمين دفعت خلال السنوات الخمس (2006 ــ 2010) نحو 13.4 مليار درهم على شكل تعويضات عن وفيات واصابات واضرار مادية، من بينها الناجمة عن حوادث الطرق، مبينة أن معدلات الخسائر في قطاع تأمين المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات، راوحت بين 84 و92٪ من الأقساط التي تسلمها، إضافة إلى المصروفات الإدارية، مؤكدة أن هيئة التأمين تدرس هذه المشكلة عبر الاجتماعات المتتالية مع جمعية الإمارات للتأمين لإيجاد الحلول لها، إذ تم اتخاذ بعض الاجراءات التصحيحية وسيتم اتخاذ اجراءات اخرى مستقبلاً.

وأشارت العوضي إلى أن كلفة حوادث السير بأنواعها مازالت باهظة التكاليف، معتبرة أن المشكلة تكمن في من يجلس خلف مقود المركبة، إذ تبين من واقع مراجعة أسباب الحوادث التي أدت إلى وفيات في العام الماضي، أن سبباً واحداً من بين الاسباب التسعة المسببة لأكثر عدد من حوادث الوفيات يعود إلى المركبة، اما الأسباب الثمانية الأخرى فإنها جميعاً تعود للعنصر البشري، منها عدم تقدير مستعملي الطريق وعدم الالتزام بخط السير والسرعة الزائدة وعدم ترك مسافة كافية، وغيرها.

وذكرت أن هيئة التأمين، وهي جهاز الدولة المكلف بالإشراف والرقابة على أعمال شركات التأمين، البالغ عددها 61 شركة، معنية بالسلامة المرورية، معتبرة أن تقليل الحوادث يصب في المصلحة المالية لشركات التأمين مباشرة.

وقدم الدكتور عارف محمود، من دائرة النقل في أبوظبي، ورقة عمل حول تقدير الكلفة الاقتصادية للحوادث المرورية، مبيناً أن الكلفة الإجمالية للحوادث والإصابات في أبوظبي عام 2009 قدرت بنحو 3.55 مليارات درهم، ويبلغ معدل الكلفة الكلية لكل وفاة بسبب الحوادث المرورية، نحو 2.1 مليون درهم. واقترح بناء على نتائج الدراسة التي أجرتها الدائرة حول تقدير الكلفة الاقتصادية للحوادث المرورية في إمارة أبوظبي، مراجعة القوانين الصادرة بشأن التعويضات المخصصة لضحايا الحوادث المرورية، بحيث يحصل ضحايا الحوادث الذين لا يستطيعون تحمل مصروفات التقاضي على تعويض عادل عن جميع التكاليف المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن الحادث، وذلك بالسرعة والفعالية المطلوبتين، ما قد يؤدي إلى انخفاض كبير في عدد المطالبات المقدمة للمحكمة، ويسمح بتوفير الوقت وتفادي استنزاف الموارد العامة.

وأُوصى بإجراء مراجعة للقيم الحالية للتعويضات الشخصية عن للحوادث، بناءً على تقدير كلفة حوادث المرور، الذي تم إعداده في إطار هذه الدراسة، واتخاذ إجراءات فورية لخفض الكلفة المرتفعة للحوادث في الوقت الحالي، مع ضرورة تقييم فعالية هذه الإجراءات من خلال تطبيق تحليل الكلفة والعائد باستخدام تقديرات كلفة الحوادث، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين قوانين التعويضات لضمان التعويض على ضحايا الحوادث المرورية بنزاهة وفعالية.

وقالت الدكتورة هالة صقر، من منظمة الصحة العالمية، إن هناك تحديات وإشكاليات تواجه جهود السلامة على الطرق في إقليم الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن البلدان ذات الدخل المرتفع تمتلك نحو 1.7 ٪ من إجمالي المركبات في العالم، في حين أنها تستحوذ على نحو 9.1 ٪ من الوفيات التي تقع نتيجة حوادث الطرق على مستوى العالم، متوقعة أن تحتل حوادث الطرق المرتبة الخامسة في أسباب وفيات الأشخاص، إذ تقدر وفيات الطرق في الشرق الأوسط بنحو 146 ألف وفاة، و2.8 اصابة مميتة سنوياً.

وذكرت أن دول مجلس التعاون الخليجي تحتل أعلى معدلات وفيات ناجمة حوادث مرورية، مقارنة بالبلدان المماثلة لأقاليم العالم الأخرى.

تويتر