«العمل»: تخلف الشركات عن الحضور يطيل مدة نظر الشكاوى

عمال يتذرعون بــ «المنازعات» للبقاء في الدولة

«العمل» اتخذت إجراءات لتقليص زمن نظر الشكاوى العمالية. تصوير: إريك أرازاس

قالت وزارة العمل إن إدارات علاقات العمل التابعة للوزارة تلقّت العديد من الشكاوى العمالية التي تبين أنها غير ذات جدوى، وأن الغرض منها محاولة بعض العمال الهروب من أصحاب العمل، وإطالة بقائهم مخالفين في الدولة لمزاولة أعمال أخرى من دون وجه حق، مؤكدة أن الجهات المختصة اتخذت إجراءات عدة جديدة، أخيراً، أدت إلى تقليص مدة نظر الشكوى العمالية إلى أقصى فترة ممكنة، فيما أكّد أصحاب عمل أنهم تعرضوا لشكاوى كيدية من جانب عمالهم، في محاولة لابتزازهم من أجل الموافقة على انتقالهم للعمل في شركات منافسة، على الرغم من تكبدهم أموالاً طائلة في عملية اختيارهم وجلبهم من بلدانهم للعمل لديهم.

وتفصيلاً، قال مدير مجموعة استثمارية في أبو ظبي، يدعى فاضل حكيم، إن شركاته تعرضت للعديد من الشكاوى الكيدية عن طريق عمال من مختلف المستويات الوظيفية، كان آخرها من المهندس المسؤول عن مشروع في إحدى شركات المجموعة، الذي كان يحصل على راتب نحو 25 ألف درهم، إضافة إلى امتيازات وظيفية أخرى، إلا أنه بعد نحو عام ونصف العام من التحاقه بالعمل، وقبل انتهاء المشروع الذي دخل الدولة من أجله، طلب الاستقالة للالتحاق بشركة أخرى براتب أكبر، وعندما تم رفض الاستقالة تقدم بشكوى إلى وزارة العمل، مدعياً إخلال الشركة بالعقد الموقّع معه، وإجباره على العمل في غير المهام المنصوص عليها في العقد، مطالباً بنقل كفالته، وفي النهاية تم السماح له بالاستقالة، ولكن رفض مطلبه بنقل الكفالة، علماً بأن المنازعة استغرقت نحو الشهرين حتى تم حلها.

وذكر مدير شركة الوبق، عاطف بسيس، أنه فوجئ باتصال هاتفي من وزارة العمل قبل أشهر عدة يطالبه بالحضور إلى مقر إدارة علاقات العمل لنظر شكوى عامل لديه، وهو ما أثار دهشته لأن العامل لم ينقطع يوماً واحداً عن العمل، وعلاقة العمل مستمرة.

عمال غير جديين

 

قال الخبير العمالي الدكتور عماد عمر، إن «لجوء عمال إلى المنازعات العمالية يُعد من سلبيات العلاقة بين العامل وصاحب العمل، إذ يقع بعض أصحاب العمل أحياناً في شرك عمال غير جديين في علاقة عمل حقيقية ومستمرة». مشيراً إلى أن «طبيعة سوق العمل في الإمارات، ووجود تنافسية بين الشركات في استقطاب الكفاءات، يدفعان أغلب العمال إلى البحث عن الوظيفة ذات الراتب والحوافز الأعلى، وعندما يعثر أحدهم عليها يصطدم بإجراءات الانتقال إليها، التي تشترط موافقة صاحب العمل الأصلي، وبعدها يلجأ العامل إلى أي وسيلة تمكّنه من الانتقال إليها»، مؤكداً أن بعض أصحاب العمل يساعدون هؤلاء العمال على ذلك، عندما يتقاعسون عن أداء التزاماتهم تجاه العمال».

وأضاف أن العامل قال أثناء نظر الشكوى، إنه يعاني سوء المعاملة ويطالب بمستحقات مالية ونقل كفالته إلى شركة أخرى، وعندما أخبره الباحث القانوني بأن طلبه غير قانوني أصرّ على إحالة شكواه إلى المحكمة، وظل أشهراً عدة يعمل لدى الغير بشكل غير قانوني، حتى قضت المحكمة بفض دعواه وتم ترحيله، علماً بأنه ظل طوال فترة نظر القضية يعمل لدى الغير.

وأيّده صاحب عمل آخر، فضّل عدم ذكر اسمه، قائلاً إن ثلاثة من عمال الأسقف الخرسانية لديه تقدموا بشكوى إلى وزارة العمل، مدعين أنه أجبرهم على التوقيع على كشوف بتسلم رواتبهم، على الرغم من أنهم لم يتسلموها، وعندما طالبهم الباحث القانوني بتسوية الشكوى، وموافقة صاحب العمل على تلبية طلباتهم، أصروا على تحويل الشكوى إلى المحكمة، وبالفعل تم تحويلها، مؤكداً أن العمال الثلاثة بادروا باللجوء إلى وزارة العمل، فور تحويل الشكوى إلى المحكمة، للحصول على تصريح عمل مؤقت مدته ستة أشهر، للعمل لدى شركات أخرى حتى الفصل في القضية، وظلوا أشهراً عدة يعملون في شركات منافسة، وبالأجر اليومي.

فيما قال مندوب أحد الفنادق في مدينة العين إن فتاتين تعملان في الفندق طلبتا إلغاء بطاقتي العمل، وبعدها تقدمتا بشكوى قالتا فيها إنه تم الإلغاء لهما من دون رغبتهما، وأنهما لم توقعا على طلب الإلغاء، وطلبتا تحويل القضية إلى المحكمة، وعلى الرغم من إبداء صاحب العمل موافقته على رحيلهما والسماح لهما بالعمل لدى أي منشأة أخرى، وكذا دفع المستحقات التي تريدانها، ظلتا على إصرارهما بتحويل الشكوى إلى المحكمة، وعلم صاحب العمل بعد ذلك أنهما حصلتا على عقدي عمل من إحدى الشركات، لكن هذه الشركة تراجعت عن توظيفهما، وهو ما دفعهما إلى محاولة إطالة مدة نظر القضية حتى العثور على عمل آخر.

وأكد مسؤول قانوني في وزارة العمل، أن «الجهات المختصة اتخذت إجراءات عدة جديدة خلال الفترة الماضية لنظر القضايا العمالية أدت إلى تقليص مدة نظر الشكوى العمالية إلى أقصى فترة ممكنة، إذ كانت بعض القضايا في فترات سابقة تمتد سنوات عدة، في حين يتم الفصل في أغلب القضايا حالياً خلال أسابيع من تاريخ إحالتها».

وأضاف أن بعض أصحاب العمل يساعدون العمال على البقاء المخالف داخل الدولة، نتيجة عدم التزامهم بحضور الجلسات التي يتم تحديد مواعيدها لنظر القضايا، إذ يضطر الباحث القانوني في وزارة العمل إلى تحويل الشكوى العمالية إلى المحكمة المختصة بعد تكرار تخلف صاحب العمل أو مندوب المنشأة عن الحضور في الموعد المحدد، كما أن بعض المنشآت تتخلف عن حضور جلسات المحكمة، وهو ما يؤدي إلى تأجيلها أو اضطرار القاضي إلى الحكم لمصلحة العامل، من دون استماع الطرف الآخر.

تويتر