جولة «الإمارات اليوم» ترصد متاجر تبغ تفتح أبوابها لأطفال في سن السابعة

«دوخة على الطاير»: السعـر درهم.. والزبون طفل.. والأجهزة الرقــابية «غائبة»

صورة

بدرهم واحد فقط، يدخل الطفل (قد لا يتعدى عمره سبع سنوات)، إلى متجر التدخين، ويحصل على جرعة «دوخة على الطاير» كما يطلق عليها.. كان ذلك من أبرز ما رصدته جولة استقصائية لـ«الإمارات اليوم»، على متاجر المدواخ في دبي والشارقة وعجمان، خلال الأيام الثلاثة الماضية.

■ «مداويخ» مشتركة محمّلة بالأمراض، يتم تناقلها بين أفواه الزبائن.. وتجّار: «الدوخة الأولى» مجاناً.

■ متجر يرفع لافتة «ممنوع لمن أقل من 18 عاماً» يبيع تبغاً لطفل عمره 12 سنة.

■ السعر البسيط لتبغ «المدواخ» يشجع فئات كثيرة على تدخينه، خصوصاً المراهقين.


شاهد بالفيديو.. دوخة بدرهم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/04/8ae6c6c54aa0819a014ccdd793d07617.jpg

خاض محرر «الإمارات اليوم» تجربة تدخين المدواخ، بتشجيع من بائع من جنسية دولة آسيوية في متجر بعجمان، إذ عرض تقديم المدواخ هدية، مشيراً إلى أنه يقدمه إلى كل من يأتي إليه مقابل درهم. ويظهر فيه البائع وهو يجهز المدواخ المشترك الموجود في المحل، ويستخدمه كل الزبائن، ويتحدث عن أنه يقدم بدرهم واحد فقط.


أين قانون مكافحة التبغ

من جانبه، قال عضو في البرنامج الوطني لمكافحة التبغ، إن ما رصدته جولة «الإمارات اليوم»، يكشف أن أهم مواد قانون مكافحة التبغ «مجرد حبر على ورق».

وأضاف «القانون صدر ليطبق، لكن الواقع يكشف أن أهم مواد القانون مازالت حبيسة الأدراج، والبلديات والدوائر الاقتصادية لا تؤدي دورها الرقابي، ولا تحرر مخالفات للتجار المخالفين الذين يقدمون هذه السموم لأجساد أطفالنا، كما لا تقدمهم إلى الجهات القضائية وفق ما ينص القانون». وقال إنه أجرى، أخيراً، اختباراً عملياً يكشف انتهاك القانون، إذ وقف بسيارته أمام متجر للدخان في دبي، وطلب من ابنته التي لا يزيد عمرها على 15 عاماً شراء دوخة من المتجر، فما كان من البائع إلا أن سارع وقدم لها المطلوب مقابل مبلغ بسيط، دون النظر مطلقاً لعمرها.

وشدد على أن البرنامج الوطني لمكافحة التبغ نظم ورش عمل عدة، لممثلي الدوائر الاقتصادية وموظفي البلديات في مقر وزارة الصحة في دبي، لتعريفهم بالقانون ولائحته التنفيذية، والتي أكدت ضرورة تطبيق القانون بعد انتهاء المهلة الطويلة التي استمرت من عام 2009 حتى 2014، كما أكدت أن البلديات والدوائر الاقتصادية منوط بها ضبط المخالفين وتقديمهم للقضاء، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

مخالفة القانون

يعاقب قانون مكافحة التبغ، الصادر في عام 2009، كل من يبيع منتجات التبغ لمن هم أقل من 18 عاماً.

وتحظر اللائحة التنفيذية للقانون بيع منتجات التبغ بالقرب من المدارس أو المعاهد أو الكليات أو دور العبادة، أو بجوار المنشآت الرياضية، كما تحظر بيع مواد التبغ بجوار نقاط الدفع في المتاجر أو بيعها بجوار المواد الغذائية.

وتتمثل «الدوخة على الطاير» في أن يضع المتجر مدواخاً أو أكثر على كاونتر الاستقبال (جاهزة للاستعمال)، ليدخل الزبون ويتعاطى جرعة مقابل درهم، ثم ينصرف أو يكررها مرة أخرى، وبطبيعة الحال يتم تناقل «المدواخ» بين الشفاه من طفل إلى صبي إلى شاب، دون أن يدركوا أنهم يحصلون على جرعة محملة بأمراض قد تصل إلى درجة خطرة، تنتقل إليهم عبر هذه الأداة المشتركة.

وقد بدأت الجولة من مدينة عجمان، حيث تضم عدداً كبيراً من محال بيع الدخان، ويديرها تجار معظمهم إيرانيون، يعرضون أصنافاً عدة من التبغ، بين معسل الشيشة ومسلتزماته، إلى جانب السجائر، وأدوات التدخين الإلكترونية الحديثة، فيما يخصصون مساحات كبيرة لـ«المدواخ».

«مدواخ» مشترك

في أول متجر دخلناه كانت المفاجأة، صبي عمره 16 عاماً، يبدو أنه يتردد على المحل كثيراً، سلم للبائع درهماً، وقدم له الأخير «مدواخاً» كان يضعه على كاونتر البيع، وسحب الصبي نفساً منه في ثوانٍ قليلة، ونفث في الهواء دخاناً كثيفاً، مبدياً استمتاعاً بالغاً.

المشهد الذي أثار دهشتنا هو أمر معتاد في هذه المتاجر، كما يروي الصبي، فالبائعون يضعون «مدواخاً» للاستعمال المشترك، إذ يدخل الزبون إلى المتجر ويدفع درهماً، ويحصل على جرعة «دوخة»، أو كما يسمونها «نفس دوخة على الطاير»، وهي ظاهرة يقبل عليها الأطفال لأنها تتم بعيداً عن أعين الأهل، ويصعب اكتشافها كونها تتم في محل غالباً لا يقصده الآباء.

وينتقل «المدواخ» من شفاه إلى أخرى حاملاً أنواعاً من الفيروسات وأمراض اللعاب، دون أي مبالاة من أطراف العملية، سواء أصحاب المتاجر أو المدخنين، ودون أي خوف من الأجهزة الرقابية التي يفترض أنها تراقب تلك المتاجر وتتصدى لمخالفاتها.

وقال الصبي إنه «يحصل على هذه الجرعة بدرهم كل بضع ساعات، ولا يستطيع أن يدخن مرتين متتاليتين في الوقت نفسه، لأن المدواخ قوي، ويصل أثره إلى المخ في ثوانٍ قليلة، ليشعر في الحال بدوار شديد»، مشيراً إلى أنه في بعض الأحيان يحصل على جرعة الدخان مجاناً هدية من البائع.

وروى طفل آخر أن «هذه الدوخة تقدم للأطفال والشباب دون أي محاذير، وهي عليها طلب شديد، خصوصاً من طلاب المدارس، وهو ما تأكدت الصحيفة من صحته، إذ يقدم بائعون جرعة الدوخة لأطفال في أعمار سبعة أعوام وأعلى».

«دوخة» مجانية

وتكرر المشهد نفسه في متاجر عدة في دبي والشارقة، ويراوح ثمن الجرعة بين درهم ودرهمين، وكان لافتاً أن عدداً من البائعين (الذين يجهلون هوية محرر «الإمارات اليوم»)، قدموا «الدوخة» له مجاناً، نوعاً من التعريف بهذا النوع من التبغ، محاولين تحفيزه على تدخينه بصورة دائمة، وقال إنهم يقدمون الجرعة دون مقابل لأي شخص يدخل المتجر نوعاً من الترحيب وكرم الضيافة، حسب تعبيرهم.

وأثناء جولة الصحيفة في عجمان، توجه طفل عمره 10 سنوات إلى محل للدخان، واشترى بمنتهى اليسر عبوة مدواخ لتدخينها مع أصدقائه من طلاب المدارس، واكتشف والده الواقعة، وذهب للمتجر ودخل في عراك شديد مع البائع، الذي تعلل بأنه لا يعلم أن بيع التبغ محظور على الأطفال.

وفي متجر آخر، رفع البائع لافتة بخط اليد تفيد بأنه لا يبيع منتجات التبغ لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، لكن بالمصادفة دخل طفل لا يزيد عمره على 12 عاماً، وطلب تبغاً معسلاً وفحماً للشيشة وعلبة سجائر وحصل عليها دون اي اعتراض من البائع.

وعندما سألت المحرر البائع عن كيفية تقديمه المدواخ للصغار أجاب: «بعض الأطفال في عمر سبع سنوات يدخنون الدوخة، ويشترونها بكثافة، وهذا أمر معتاد هنا، والبائعون يبيعون لمن يريد الشراء».

«المدواخ» بدرهمين

رغم أن الشارقة تطبق قوانين صارمة للتصدي للتدخين، إلا أن متاجر التبغ تبيع المدواخ دون أي محاذير، والطلاب يدخنون عبر «المدواخ» المشترك مقابل درهمين، وبعضهم يشتري الدوخة لتدخينها مع أصدقائه في الشوارع.

واللافت أن السعر البسيط لتبغ «المدواخ» يشجع فئات كثيرة على تدخينه، خصوصاً من هم في عمر المراهقة، إذ يقل سعر عبوة «المدواخ» عن سعر أي نوع من السجائر.

«مدواخ تيك آواي»

السيناريو نفسه تكرر في دبي، وكانت بعض متاجر الدوخة تقدم للشباب التبغ (تيك آواي) في سياراتهم، فما أن يرى البائع سيارة فارهة تقف أمام المحل يسرع لمعرفة الطلب، ثم يأتي بتبغ «المدواخ» ويقدمه لركاب السيارة دون النظر لأعمارهم، وبعضهم في أعمار تقل عن 15 عاماً.

ويعلق رئيس لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي، سالم بالركاض العامري، على بيع المدواخ للاطفال بأنه انتهاك لقانون مكافحة التبغ، مضيفاً: «بيع الدوخة لأطفال أقل من 18 عاماً، يعد خرقاً لمواد القانون الذي صدر في عام 2009، وتم تطبيق لائحته التنفيذية مطلع العام الماضي».

وتابع: «على البلديات والدوائر الاقتصادية رصد هذه المتاجر التي تخالف قانون مكافحة التبغ، وتقديمها إلى الجهات القضائية ليتم تطبيق العقوبات المنصوص عليها قانوناً بالحبس أو الغرامة».

لقراءة المزيد عن مواد خاصة بالمدواخ اضغط هنا

تويتر