فحوص مجانية وبدائل للنيكوتين في حملة «لا للتبغ»

الإقـلاع عن التدخـين.. إرادة وعـــــــــلاج

حملة «لا للتبغ» تتيح الفحوص والعلاج في مختلف إمارات الدولة. تصوير: أسامة أبوغانم

تسعى حملات التوعية بأضرار التدخين، إلى تسليط الضوء على طرق الإقلاع عن تلك العادة التي تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أنها تقضي على حياة أكثر من خمسة ملايين نسمة حول العالم سنوياً، وهو رقم مرشح للزيادة في كل عام. وتمثل حملة «لا للتبغ» التي انطلقت أخيراً وتستمر حتى 11 من أغسطس المقبل في مراكز تسوق وأماكن مختلفة في الإمارات، فرصة للراغبين في الإقلاع عن التدخين الذي يتطلب إرادة وعلاجاً.

وتعمل الحملة على تقديم علاجات للمدمنين على التدخين، وتجري فحوصاً مجانية لمعرفة نسبة النيكوتين في الدم للحد من تلك الظاهرة، إلا أن قرار التوقف عن تلك العادة يحتاج إلى جانب العلاجات المساعدة، حسب مختصين ومدخنين التقتهم «الإمارات اليوم»، إلى إرادة قوية من المدخن نفسه.

قال اللبناني نادر سري الدين الذي أقلع عن التدخين، «كنت أدخن بصورة شرهة خصوصاً أيام العطلة، لنحو 13 عاماً، وكان قرار الإقلاع عن التدخين صعبا جدا، لأن معظم أصدقائي من المدخنين»، مشيراً إلى أن الإرادة هي المطلب الأول ليتمكن المرء من الإقلاع عن التدخين، لاسيما حين يسمع عن الأمراض التي تسببها هذا العادة.

ولفت سري الدين إلى أن تغيير أسلوب حياته هو الذي ساعده على التوقف عن التدخين، وذكر أن ممارسته الرياضة هي التي جعلته ينفر من الدخان، مشيراً إلى أن التوقف النهائي عن تلك العادة استغرق منه ما يقارب الشهرين بالاعتماد على بدائل النيكوتين، معتبراً أن القرار ليس سهلا على الإطلاق مع مشكلات العمل التي يمر بها المرء يومياً.

بينما ذكر رفعت أبوعساف الذي يدخن منذ تسع سنوات، أنه حاول التخلص من تلك العادة، خصوصاً أنه يدخن بشراهة، ومخاطر تلك العادة باتت تثير قلقه، لاسيما أنه يشعر بأنها تضعف صحته، ولكنه لم يستطع التمكن من ذلك، مشيراً إلى أن التدخين بالنسبة إليه بات مزعجاً في الأماكن العامة، فيشعر المرء بأنه غريب فيها لأن معظم تلك الأماكن يحظر فيها التدخين، لذا يشعر المدخن أحيانا بأن تلك العادة تسبب له الحرج.

أما السورية ريم الصغير التي تدخن الشيشة يومياً ولا ترغب في الإقلاع، فبرأيها «الشيشة لا تحمل الأضرار التي تحملها السيجارة»، معتبرة أنها مجرد تسلية، ولفتت إلى أنها تدخن رأس شيشة يومياً، ولكن في العطلة الأسبوعية أكثر من ذلك، مشيرة إلى أنها لا تعتبر الشيشة إدماناً على الإطلاق، بل هي للتسلية ليس أكثر.

جرعات محددة

قال مدير فرع الخليج العربي لشركة «نوفارتس» التي تنظم الحملة بالتعاون مع شركة «ايه اكس هيلث»، فايز عوادة، إن «الحملة ليست الأولى في الإمارات، إذ نظمنا حملات سابقة بالتعاون مع العديد من العيادات الخاصة التي أسهمت في مساعدة الناس على التخلص من التدخين، وستستمر «لا للتبغ» التي تهدف إلى تقديم الفحوص والعلاجات المجانية للمواطنين وكذلك بنسبة 50٪ للوافدين بتقبل تسجيل طلبات الإقلاع حتى نهاية الشهر في مراكز التسوق، ومتنقلة بين إمارات الدولة المختلفة»، مشيراً الى أن المدخن يتجه بعد التسجيل في المراكز إلى عيادات وزارة الصحة للإقلاع عن التدخين، وتجرى له الفحوصات هناك، وكذلك يتلقى العلاج اللازم لذلك.

وأكد عوادة أن الفحوص التي يمكن ان يقوم بها المرء في العديد من العيادات وكذلك مراكز التسوق تساعده على التخلص من التدخين، لأنها ستكشف نسبة النيكوتين في الدم، ما يشعره بالخوف ويشجعه على التوقف عن تلك العادة السيئة، مضيفا أن «العلاجات التي تقدمها الحملة تعتمد على بدائل النيكوتين، وهي عبارة عن علاج يدوم لـ12 أسبوعاً، وتمد المعالج بجرعات محددة من النيكوتين التي تخف تدريجياً حتى يكره المرء التدخين ولا يشعر بحاجة إلى السيجارة».

وأكد عوادة أن تجاوب الناس مع الحملة كبير، مشيراً إلى وجوب حصول المرء على الدعم من المقربين كي يتمكن من التخلص من التدخين، لاسيما أن طريقة الإقلاع لا تعتمد على الأدوية التي قد يخاف البعض من آثارها الجانبية.

وأوضح أن الشيشة تعد من أساليب التدخين التي تحتاج إلى علاج أيضاً، لأن الدراسات أثبتت أن كل رأس شيشة يعادل 25 سيجارة. واعتبر ان الحملة التي تقام للمرة الأولى في مراكز التسوق ستكون أفضل من الأعوام السابقة كونها ستتجه لشريحة أكبر. وأفاد بأن العيادات استضافت في الحملات السابقة أكثر من 8000 شخص يرغبون في التوقف عن التدخين.

إدمان

ذكرت الاختصاصية في الطب الأسري، ومديرة مراكز الرعاية الصحية الأولية في دبي، ورئيسة فريق مكافحة التبغ في وزارة الصحة الدكتورة وداد الميدور، أن «استخدام التبغ بدأ يأخذ أكثر من شكل، كالشيشة والمدواخ، ولكنها في النهاية كلها إدمان على النيكوتين، التي تعتبر مادة شديد الإدمان تصل إلى الدماغ خلال سبع ثوان، وتبدأ بتنمية مستقبلات لها في الدماغ، ومع الوقت تزداد المستقبلات، وبالتالي تصبح الحاجة إلى النيكوتين مرتبطة بالفترة الزمنية التي اعتادها المرء»، مشيرة إلى أنه لذلك قد يتعصب المدخن أو يحكمه ألم في الرأس إن لم يأخذ السيجارة في الموعد الذي يعتاد فيه التدخين، وهذا يدل على إدمان تلك العــادة.

ونوهت الميدور بوجود درجات من الإدمان، وطالما أن المرء يستمر في عملية التدخين فهذا يعني أنه مدمن على تلك العادة، وإن كان يتناول كمية من السجائر أسبوعيا، مشددة على أن الإقلاع عن التدخين يجب أن يرافق الرغبة والإرادة.

وقالت ان «الفحص الذي يجرى للمدخنين في الحملة، يحدد نسبة أول أوكسيد الكربون في النفس، وبالتالي يحدد ما يقابله من نيكوتين في الدم، بالإضافة إلى فحص الرئة وعملها، وكذلك الوزن لمتابعة المرء كي نجنبه زيادة الوزن في أثناء الإقلاع عن التــدخين»، معتبرة أن العلاج بالبدائل يعد من أفضل طرق العلاج حالياً، لأنه يؤمن نتـــيجة مضمونة على المدى البعيد، ولاسيما أن هناك الكثير من الأدوية غير المأمون استخدامها.

وأفادت الميدور بأن التوقف نهائيا يحتاج إلى نحو ثلاثة أشهر، والأسابيع الستة الأولى تكون مع بدائل النيكوتين، فيما الأسابيع اللاحقة تكون من دونها، مشيرة إلى أن الدراسات التي أعدت حول العالم أكدت أن 70٪ من المدخنين كانت لهم على الأقل محاولة واحدة للتوقف عن التدخين، وأن نسبة العودة للتدخين مع عدم إكمال العلاج تراوح بين 60 و70٪، علماً أن الإحصاءات التي أجريت في الإمارات بينت أن نسبة الإقلاع تراوح بين 16 و20٪ تقريباً.

تويتر