معلمون يعتبرونها مصدر دخل إضافياً.. و«التربية»: مخالفة تصل عقوبتها إلى الفصل

دروس خصوصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي

صورة

شهدت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» و«تويتر»، أخيراً، ظهور إعلانات لمعلمين يعرضون إعطاء دروس خصوصية عبر تطبيق «واتس آب»، من خلال توزيع الطلبة على مجموعات، وفقاً لمراحلهم الدراسية، ومستوياتهم العلمية.

وقد رصدت «الإمارات اليوم» عدداً من هذه الإعلانات، خلال جولة افتراضية لها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتواصلت مع «معلنين» لمعرفة دوافعهم، ومدى إدراكهم لما قد ينجم عن اتباع هذا الأسلوب «التدريسي» من مخاطر تؤثر سلباً في المستويات العلمية للطلبة.

واعتبر معلمون أن التعليم عبر «واتس آب» يؤمّن مصدر دخل إضافياً، في حين أن الطالب لا يشعر بالملل والرتابة في تلقي المعلومة عبر هاتفه. كما أن هذه الطريقة توفر على الطالب كثيراً من الجهد والوقت، وتعفيه من الحضور إلى بيت المعلم لتلقي الدرس.

حيلة جديدة

أفاد المرشد المهني الأكاديمي في مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية في دبي، ومستشار جوائز التميز التربوي في منطقة دبي التعليمية، معتز غباشي، بأن «وسيلة التواصل الاجتماعي (واتس آب) باتت حيلة جديدة تواكب عصر التقنيات الحديثة، يستخدمها فئة من ضعاف النفوس لكسب المال، والتحايل على ميثاق الأخلاق والشرف المهني الذي يحكم وظائفهم التعليمية في وزارة التربية والتعليم».

وأضاف أن «القيم والمبادئ والعرف المجتمعي تحارب الدروس الخصوصية، كونها خارج النطاق المهني، وتستنزف جيوب أولياء أمور الطلبة، وتسهم في تهميش عقول الأبناء، وجعلهم فريسة التلقين، فضلاً عن أنها تمنعهم من استخدام قدراتهم الذهنية في البحث عن المعلومات والاستفادة منها، ما يجعل قدراتهم معطلة وغير قادرة على الوصول إلى المعلومة»، مشدداً على أن «الطالب قادر على الاستفادة من قدراته وإمكاناته وتوظيفها في تفوقه الدراسي، من خلال توجيه المعلم له بأسلوب مهني وعلمي»، مؤكداً أن «المعلمين تدربوا على هذا الأمر من خلال الدورات التدريبية التي تنظمها لهم وزارة التربية والتعليم، وتنفق عليها ملايين الدراهم، بهدف إعداد معلم على مستوى فعال يخدم طلابه بضمير مهني راقٍ، إلا أن البعض مازالوا يعبثون بالمنظومة التعليمية في سبيل جمع المال». وتابع أن «التعليم عبر هذا التطبيق يعتبر وسيلة غير مجدية في توصيل المعلومة»، مشيراً إلى أن «الحجرة المغلقة في برنامج (سكايب) أكثر نفعاً، للتواصل بين المعلم وطلابه، أما الـ(واتس آب) فهو مستخدم بمدرسة عمر بن الخطاب النموذجية في دبي منذ أعوام لنقل المعلومات الدراسية والخطط الأسبوعية والاستفسارات من أولياء الأمور للمعلمين، والعكس، ويستفيد منها الطلاب، لكنه خدمة مجانية».

 

معتز غباشي. من المصدر


• أكاديمي: ظاهرة جديدة تعبث بمخرجات التعليم وتقضي على الإبداع وترهق وليّ أمر الطالب مالياً.


• «ميثاق وزارة التربية والتعليم للمعلمين يحظر عليهم إعطاء دروس خصوصية».

معلم معارض لدروس «واتس آب»


• «إقبال كبير على التطبيق من طلبة وأشخاص راغبين في تطوير لغتهم الإنجليزية».

معلمة مؤيدة لدروس «واتس آب»

في المقابل، أكدت وزارة التربية والتعليم أن مخالفة المعلم الذي يعطي دروساً خصوصية قد تصل إلى فصله من عمله، واعتبرها أكاديميون «ظاهرة لا أخلاقية»، موضحين أنها «تعبث بمخرجات التعليم، وتقضي على الإبداع، وترهق ولي أمر الطالب مالياً».

وتفاوتت آراء الطلبة حول «التدريس عبر الهاتف»، إذ رأى بعضهم أنه أقل كلفة من الطريقة التقليدية، التي تستدعي توجههم إلى بيوت المعلمين، فيما استنكرها طلبة آخرون، وأشاروا إلى وجود أمور متعلقة بالهاتف تشتت انتباههم أثناء وجودهم ضمن مجموعات التدريس عبر «واتس آب».

وتفصيلاً، قالت حصة قاسم، التي عملت معلمة لغة إنجليزية لمدة 10 أعوام، قبل أن تترك عملها وتتفرغ لتربية أطفالها، إن عملها في مجال التدريس مكّنها من اكتساب الخبرة اللازمة لمتابعة دروس أبنائها الثلاثة، الذين يدرسون في مدارس خاصة، الأمر الذي شجعها على التفكير في عمل مشروع خاص بها يمكنها من إعطاء دروس خصوصية في اللغة الإنجليزية.

وأضافت: «قبل تنفيذ المشروع، بدأت التفكير في طريقة سهلة وميسرة لإعطاء الدروس الخصوصية لمن يرغب فيها من الطلاب، من دون أن يكون حضورهم إلى منزلي ضرورياً، بسبب عدم توافر المساحة المطلوبة لذلك، علاوةً على أن هذه الطريقة لا تشعر الطالب بالملل، وتزيد من إقباله على الدروس الخصوصية، ما يزيد مستوى تفوقه الدراسي. لذا فضّلت أن أقدم دروسي الخصوصية بطريقة حديثة وسهلة من خلال تطبيق (واتس آب)».

وتابعت: «بدأت بنشر الإعلان عبر حسابات مختلفة في مواقع التواصل الاجتماعي، كـ(تويتر) و(إنستغرام)، بينت فيها أن الخدمات التعليمية التي أقدمها للراغبين في الحصول على دروس خصوصية في اللغة الإنجليزية تتضمن المحادثة، والاستماع، والكتابة والقواعد، إضافة إلى تمارين يومية، واستخدام أشكال رمزية للتعلم».

ولفتت إلى أن «هذه الإعلانات حققت نتائج مبهرة، إذ انضم إلى المجموعات المشاركة عدد كبير من طلبة المدارس، وأشخاص يرغبون في تطوير لغتهم الإنجليزية».

وتابعت قاسم: «وزعت الطلبة بحسب مراحلهم الدراسية إلى مستويات (أول وثاني وثالث)، وخصصت مجموعة لكل مستوى في تطبيق (واتس آب) ليسهل عليّ التعامل معهم، ثم بدأت إعطاء الدروس لهم عبر التطبيق».

وأكدت انخفاض قيمة الدروس، إذ لا تزيد في العموم على 1000 درهم شهرياً للطالب.

ووصف «أبوصلاح»، وهو معلم كيمياء للمرحلة الثانوية في إحدى مدارس الشارقة الخاصة، استخدام تطبيق «واتس آب» في الدروس الخصوصية بأنه نهج حديث يطبقه معلمون راغبون في إعطاء دروس خصوصية، معظمهم من المتقاعدين، مضيفاً أنه لا يجد فيه ما يثير المخاوف، كونه من التقنيات التكنولوجية الحديثة التي تسهل التواصل بين الطالب والمعلم، فضلاً عن أن شغف الطلبة بالتقنيات التكنولوجية التي تحويها الهواتف النقالة يسهل عليهم استيعاب المعلومات التي يعرضها المعلم عبر «واتس آب».

وقال معلم آخر (عبدالله) إن السبب في شيوع إعطاء دروس خصوصية عبر الهاتف هو رغبة المعلم في زيادة دخله الشهري.

وأكد أن كثيراً من المعلمين يلجأون إلى الـ«واتس آب» لإعطاء دروس خصوصية، لرغبتهم في عدم الكشف عن شخصياتهم، بسبب الميثاق الذي وضعته وزارة التربية والتعليم للمعلمين، إذ يحظر عليهم إعطاء دروس خصوصية.

وشدد المعلم «أبوعمر» على أن معظم المعلمين يسخّرون إمكاناتهم لإفادة الطلبة، من خلال إتاحة المجال أمامهم للتواصل معهم بعد ساعات الدوام، عبر الاتصال الهاتفي أو التواصل عبر تطبيق «واتس آب»، والرد على استفساراتهم الدراسية، بهدف تذليل الصعوبات التي تعترض طريقهم أثناء استذكارهم الدروس، وهو ما يقلل الحاجة إلى الدروس الخصوصية التي تكلف ذوي الطلبة مبالغ مالية كبيرة.

من جانبه، أيد الطالب في مدرسة حكومية بإمارة الشارقة، سعود محمود، الحصول على الدروس الخصوصية عبر التطبيقات الحديثة «كونها طريقة سهلة ومتاحة للجميع، فضلاً عن أن كلفتها أقل من الدروس الخصوصية التي يعطيها معلمون في بيوتهم».واستنكر الطالب بدر الكعبي، في الصف الثاني عشر، استخدام التكنولوجيا لإعطاء الطلبة دروساً خصوصية، مشيراً إلى أن هذه الطريقة «ذات نتائج غير مجدية»، شارحاً أن «الطلبة الذين يخضعون للتعليم عبر (واتس آب) قد تشتت انتباههم أمور أخرى أثناء وجودهم ضمن مجموعات التدريس فيه، كورود اتصالات أو رسائل نصية على هواتفهم النقالة، أو الانشغال بمحادثات مع أشخاص آخرين عبر حسابات التواصل الاجتماعي المختلفة المتوافرة في الهواتف، ما يحول بدوره دون الاستفادة من المعلومة، وتالياً عدم جدوى الدروس المقدمة».

وتابع أن «التركيز الذهني هو أحد العوامل المهمة التي يجب توافرها كي يستفيد الطالب من الدروس الخصوصية، فضلاً عن أن وجوده مع المعلم في مكان واحد أثناء إعطاء الدرس يتيح للمعلم قياس مدى استفادته من الشرح، عن طريق رصد ردود أفعاله، وتالياً اختيار الطريقة المناسبة لإيصال المعلومة إليه».

واعتبر الطالب في إحدى المدارس الخاصة في الشارقة، خالد سالم، أن «الطرق التي ينتهجها بعض المعلمين للكسب من خلال الدروس الخصوصية ما هي إلا وسائل للربح المالي السريع»، لافتاً إلى وجود أشخاص ينشرون إعلانات لإعطاء الطلبة الدروس الخصوصية «وهم غير مؤهلين، ولا يملكون شهادات علمية متخصصة، والطالب هو الضحية».

بدورها، أكدت وزارة التربية والتعليم أنها وضعت ميثاقاً للمعلم، يحظر عليه إعطاء الدروس الخصوصية، واعتبرت من يخالف قوانين الوزارة وشرف الميثاق مخالفاً، موضحةً أن المخالفة المفروضة على المعلم الذي يعطي دروساً خصوصية قد تصل إلى فصله من عمله في حال ثبت عليه هذا الأمر.

تويتر