ماجستير إدارة الأعمال والإعلام والاتصال.. الأكثر انتشاراً

جامعات تطرح برامج متوافـرة وتستبعد تخصصــــات مطلـوبـة في سوق العمل

صورة

يعاني خريجو جامعات ندرة ما هو متوافر في الجامعات الخاصة من البرامج الأكاديمية العليا التي تلبي احتياجات سوق العمل، الأمر الذي يشكل حجر عثرة في طريق طموحاتهم المستقبلية، ويسهم في تفاقم ظاهرة طرح التخصصات الوفيرة «التقليدية» التي تشكل فائضاً يصعب استيعابه لاحقاً.

وأفاد عضو المجلس الوطني الاتحادي، سالم النار الشحي، بأن معظم الجامعات الخاصة في الدولة تعاني ندرة في البرامج الأكاديمية العليا المتخصصة، التي تحتاج إليها سوق العمل، منها الطب والهندسة والعلوم والزراعة والطاقة النووية والطاقة المتجددة والكيمياء والفيزياء وغيرها، مشيراً إلى أن «النقص يعيق عملية التطوير الشاملة للدولة، ويقف عائقاً أمام إكمال المواطنين رحلة دراساتهم العليا».

وقال الشحي إن هناك طلبة لجأوا الى دراسة تخصصات متوافرة بكثرة، مثل إدارة الأعمال، أو الإعلام والاتصال، التي تشبع السوق بها، على الرغم من أنها لا تتلاءم وطموحاتهم المستقبلية، فيما اضطر آخرون للسفر خارج الدولة، رافضين التنازل عن طموحاتهم، ومصرين على تحقيقها مهما تكن الظروف.

وأكد مدير مفوضية الاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي في وزارة التربية والتعليم، الدكتور محمد بدر الدين أبوالعلا، أن تخصصات الجامعات الخاصة لا تقتصر على الوفيرة منها، باستثناء برامج ماجستير إدارة الأعمال التي تعد أكثر البرامج انتشاراً.

وأوضح أن هذه ظاهرة عالمية، إذ تنتشر هذه النوعية من البرامج في كثير من الدول، لافتاً إلى أن الجامعات تحتاج الى مزيد من برامج الدراسات العليا في التخصصات الأخرى، خصوصاً في مجالات العلوم الهندسية والتطبيقية، التي تعد عاملاً أساسيا في تقدم البحث العلمي والابتكار.


عزا مديرو جامعات خاصة ندرة التخصصات العليا إلى عدم توافر الإمكانات اللازمة لإطلاق برامج جديدة، لافتين إلى أن وزارة التربية والتعليم حددت شروطاً عدة لإجازة إطلاق تخصص جديد، أبرزها توافر الإمكانات المالية اللازمة، وتمتع الجامعة بأعضاء هيئة تدريسية متخصصة، فضلاً عن وجود حاجة فعلية في سوق العمل للتخصص وتوافر المختبرات والأجهزة اللازمة.

وأكد مواطنون حاصلون على شهادات البكالوريوس أن البرامج الأكاديمية العليا (الماجستير والدكتوراه) التي تطرحها بعض الجامعات الخاصة في الدولة لا تتناسب مع سوق العمل، ولا تلبي طموحاتهم، لافتين إلى أن التخصصات التي تحتاجها الدولة لا تتوافر في الجامعات، ما يتسبب في عدم إكمالهم دراساتهم العليا أو اللجوء للسفر الى الخارج على حسابهم الشخصي.

أبرز التخصصات «المفقودة»: الطب، والهندسة، والعلوم، والزراعة، والطاقة النووية، والطاقة المتجددة، والكيمياء، والفيزياء.

دراسات عليا

كشف مدير مفوضية الاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي في وزارة التربية والتعليم، الدكتور محمد بدر الدين أبوالعلا، أن إجمالي التخصصات المعتمدة في الدولة للدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) يتوزع بين 310 برامج للماجستير و45 برنامجاً للدكتوراه، في حين أن 11 ألفاً و800 طالب يلتحقون بمرحلة الدراسات العليا يمثلون نحو 9% من إجمالي عدد الطلاب في مؤسسات التعليم العالي المرخصة من الوزارة.

وقال الطالب محمد الخاطري، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة، إنه تواصل مع عدد من الجامعات الخاصة لإكمال دراسة الماجستير في تخصص العلوم، إلا أنه فوجئ بعدم توافر هذا التخصص في جامعات خاصة في الدولة، في حين وضعت جامعات أخرى شروطاً تعجيزية للقبول، مضيفاً: «حاولت دراسة تخصص آخر في جامعة حكومية، إلا أن شروط القبول فيها حالت دون قبولي».

وأضاف أن «برامج الجامعات الخاصة تحتاج إلى إعادة نظر من وزارة التربية والتعليم، وإلى فرض شروط جديدة على الجامعات، تلزمها بتوفير التخصصات التي تحتاج إليها سوق العمل ليتم اعتمادها»، لافتاً إلى أن «عدد البرامج الدراسية المرغوب فيها قليل جداً مقارنة بالبرامج النظرية التي اكتفت بها سوق العمل».

وطالب الخاطري الوزارة والجامعات الخاصة بدعم الطلاب، وتشجيعهم على إكمال دراستهم العليا من خلال إطلاق تخصصات باللغة العربية تتوافق مع تطلعاتهم.

وأكد فيصل الأميري أنه «لا يوجد توازن بين التخصصات التي تطرحها الجامعات الخاصة، وتحديداً للتخصصات العليا (الماجستير والدكتوراه)»، موضحاً أنه يود دراسة تخصص هندسي إلا أن معظم الجامعات الخاصة لا توفره، بحجة أن الإقبال عليه ضعيف، وأن أكثر تخصصات الماجستير دراسةً هو إدارة الاعمال والقانون.

وأضاف أنه اضطر للتوقف عن الدراسة الى حين إطلاق تخصصات في الهندسة في بعض الجامعات الخاصة، «لأن الجامعات الحكومية لا توفر التسهيلات التي تقدمها الجامعات الخاصة، مثل الساعات المرنة، والدراسة الصيفية، وسلاسة الحضور، وغيرها».

وطالب الأميري الوزارة بإعادة النظر في موضوع التخصصات العليا التي تطرحها الجامعات، «على أن يتم اعتمادها وفق احتياجات سوق العمل، وليس وفق طلبات تلك الجامعات، إذ إن معظمها ينظر للجانب المادي قبل أي شيء آخر».

وقال الطالب عيسى أحمد إنه أنهى دراسة البكالوريوس في الآداب ويود إكمال دراسته العليا في تخصص العلوم السياسية، إلا أنه لا يتوافر في الجامعات الخاصة وبعض الجامعات الحكومية، لافتاً إلى أنه سيضطر للسفر الى الخارج لإكمال دراسته العليا فيه.

وتابع أن فتح الجامعات للتخصصات بصورة غير مدروسة وتكرار بعضها بشكل كبير يقف في وجه إكمال الطلبة لدراستهم العليا.

وأضاف أن عدم وجود خطة مدروسة من قبل الجامعات للتخصصات المطلوبة لسوق العمل سينتج نوعاً من البطالة، لأنها لا تلبي احتياجات السوق، فضلاً عن عدم توافر تخصصات الدراسات العليا.

وأوضح أحمد الصفار، خريج تخصص قانون، أن اقتصار بعض الجامعات الخاصة لتخصصات الدراسات العليا على إدارة الأعمال والقانون والآداب يقف حجر عثرة أمام إكمال الطلبة لدراستهم العليا، لافتاً إلى أنه قرر إكمال دراسته في الخارج بعد محاولات عدة مع الجامعات لفتح تخصصات أخرى تتناسب مع متطلبات سوق العمل، مشيراً إلى أن هناك طلبا كبيرا من الطلبة على دراسة الهندسة والعلوم السياسية والطاقة النووية والطاقة المتجددة وغيرها.

من جهته، قال مدير جامعة الفجيرة، الدكتور محمد غرس الدين، إن إطلاق برامج جديدة للدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) يعتمد على توافر إمكانات عدة، أبرزها القدرة المالية للجامعة، ووجود فريق أكاديمي متخصص، وإقبال من الطلبة، يرافقه وجود حاجة فعلية للتخصص في سوق العمل.

وأكد مدير جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بالإنابة، الدكتور خالد الخاجة، أن التخصصات العلمية مثل الطب والهندسة وغيرهما، تحتاج إلى مختبرات وبنية تحتية متكاملة لتدريسها وطرحها في الجامعات، ما يعني وجود ميزانية كبيرة، مؤكداً أن سبب عزوف الجامعات عن طرح تلك التخصصات هو صعوبة تحقق الاستفادة المالية، نظراً للعدد القليل الذي يلتحق بها.

وأضاف أن إطلاق التخصصات الجديدة يخضع لشروط عدة، أهمها الدراسة الميدانية لاحتياجات السوق والجدوى الاقتصادية منها المرتبطة بعدد الملتحقين بها.

وأفاد رئيس جامعة الغرير، الدكتور عبدالرحيم الأمين، بأن الجامعات الخاصة تطرح البرامج وفق احتياجات السوق، ورغبة الطلبة في دراسة التخصص، لافتاً إلى أن «الجامعة طرحت تخصصاً في التربية، إلا أن الإقبال من الطلبة كان قليلاً، مشيراً إلى أن الإقبال عامل أساسي للاستمرارية في طرح التخصص».

من جهته، أكد عضو المجلس الوطني الاتحادي سالم النار الشحي، أن الجامعات الخاصة في الدولة تعاني ندرة في البرامج الأكاديمية العليا المتخصصة، لافتاً إلى أنه يتعين على الجامعات طرح تخصصات تتوافق مع طموحات الشباب المواطن، وتخدم سوق العمل، موضحاً أن هناك طلبة يفضلون التخصصات التي تكون فيها الدراسة أكثر عمومية للترقي الوظيفي، لكن هناك فئة أخرى تبحث عن التخصصات العلمية.

وأضاف أن هناك كثيراً من العقول الموهوبة في الدولة في جميع المجالات، إلا أن ندرة التخصصات تحول دون إكمالهم دراستهم، لافتاً إلى أن «معظم الطلبة يفضلون الجامعات الخاصة على الحكومية لمرونة الوقت، وساعات الدراسة والامتحانات، ومدتها الزمنية وغيرها»، مؤكداً أن «دراسة الطلبة في الخارج تكبد الدولة مبالغ مالية كبيرة، فضلاً عن أن هناك طلبة لا يجدون الفرصة لذلك لظروفٍ مختلفة».

وذكر الشحي أن «الاستثمار في الموارد البشرية المواطنة من أولويات قيادة الدولة، وإكمال الطالب لدراساته الجامعية والعليا سيسهم في بناء اقتصاد معرفي قوي، يسهم في تطور الدولة ووصولها الى مصاف الدول المتقدمة».

وقال المدير التنفيذي لبرنامج (كوادر)، عيسى الملا، إن البرنامج يعتزم توقيع اتفاقية تعاون مع إحدى الجامعات العالمية العريقة في بريطانيا لتقديم برامج الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) للطلبة في تخصصات مختلفة، مثل الهندسة والتخصصات الفنية وغيرهما، لافتاً إلى أن «توفير برامج عليا في الجامعات الخاصة أمر ضروري، لأنه يخدم الدولة في عملية التطوير الشامل التي تشهدها، إضافة إلى أن الطالب سيتمكن من إكمال دراسته فيها».

وأضاف أنه من الضروري عمل دراسة واضحة للتخصصات المطلوبة في سوق العمل، والنظر إلى رغبات الطلبة في التخصصات التي يريدون الانخراط فيها، وتحفيزهم للدخول في البرامج المتخصصة لحاجة الدولة إليها.

وأكد مدير مفوضية الاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي في وزارة التربية والتعليم، الدكتور محمد بدر الدين أبوالعلا، أن «التخصصات العليا في الجامعات لا تشهد تشبعاً، باستثناء برامج ماجستير إدارة الأعمال التي تعد أكثر البرامج انتشاراً، وهذه ظاهرة عالمية، إذ تنتشر هذه البرامج في كثير من الدول»، لافتاً إلى أن «الجامعات تحتاج الى المزيد من برامج الدراسات العليا في التخصصات الأخرى، خصوصاً في مجالات العلوم الهندسية والتطبيقية التي تعد عاملاً أساسياً في تقدم البحث العلمي والابتكار».

وأضاف أن لا ندرة في عدد برامج الدراسات العليا في الجامعات الخاصة، بل هي متزايدة، وإن كانت نسبة الزيادة تختلف من جامعة إلى أخرى وفقاً لنوعية البرامج المقدمة، وما تحتاجه من مصادر تعلم وتجهيزات للمختبرات البحثية لتناسب مستوى أبحاث الدراسات العليا.

وأوضح أبوالعلا أن «الوزارة لا تمنع الجامعات الخاصة من إطلاق تخصصات دراسات عليا باللغة العربية»، مؤكداً أن «هناك برامج للدراسات العليا تقدم باللغة العربية، وكثير منها يطرح باللغة الإنجليزية». وأوضح أن «الأمر يتوقف على مدى توافر مصادر التعلم التي يتحقق بها العمق الأكاديمي والحداثة في مصادر التعلم من المراجع والدوريات، باعتبارها أساس عملية التعلم في مرحلة الدراسات العليا لضمان جودة مخرجاتها، ومسايرتها المستجدات العلمية من معارف وتقنيات».

وأضاف أن اعتماد برامج الدراسات العليا في الجامعات الخاصة لا علاقه له بالأقدمية، فالأمر يعتمد على رسالة الجامعة وأهدافها، ومدى توافر العناصر والمدخلات اللازمة لضمان جودة البرنامج، ويشمل ذلك - بجانب الخطة الدراسية ذات العمق الأكاديمي المناسب - وجود أعضاء هيئة تدريس ذوي سجل بحثي متميز، وخبرات تدريسية على مستوى الدراسات العليا، وتجهيزات بحثية كافية.

تويتر