«التعليم العالي» نصحت الطلاب بمراجعتها قبل التسجيل

إعلانات جامعات غير معتمدة على جدران مدارس ثانوية

الوزارة أكدت عدم اعتمادها أساليب التعليم غير التقليدية. الإمارات اليوم

رصدت «الإمارات اليوم» إعلانات عن جامعات غير معتمدة في الدولة، منشورة في صحف ووسائل إعلام، وعلى جدران مدارس ثانوية، وداخل مراكز تجارية، تدعو الطلبة للالتحاق بها، مؤكدة لهم أن برامجها معتمدة عالمياً، وأنها تتيح للدارسين استكمال دراساتهم في كبريات الجامعات الأميركية والأوروبية.

وفيما دافعت مسؤولتان في مركزين للتعلم عن طريق الانتساب، أو التعلم عن بُعد، عن طرق التعليم الحديثة، غير التقليدية، منوهتين بما تتسم به من جدية، حذرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الطلبة من الوقوع في «مصيدة هذه الإعلانات، والانسياق وراء مزاعمها بمنحها مؤهلات من جامعات معتمدة، مصدقة من جهات خارجية».

وطلبت مراجعتها للتأكد من أن الجامعة التي يرغبون الالتحاق بها مرخصة، ومعترف بها داخل الدولة، حرصاً على مصلحتهم ومستقبلهم.

وتفصيلاً، انتشرت إعلانات عبر وسائل إعلام مختلفة، بالتزامن مع قرب نهاية العام الدراسي، واستعداد طلبة الثانوية العامة للالتحاق بالتعليم الجامعي، تروج لبعض مؤسسات التعليم العالي في الداخل أو الخارج، وتدعو الطلاب المواطنين إلى الالتحاق ببرامج دراسية، والحصول على شهادات جامعية أو عليا، وذكرت بعض هذه المؤسسات في إعلاناتها أنها مرخصة من الدولة، أو أن الشهادات التي تمنحها معترف بها دولياً.

تراخيص اقتصادية

أكد مدير عام هيئة الاعتماد الأكاديمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور محمد بدر الدين أبوالعلا، أن البلديات هي المسؤولة عن انتشار مراكز التعليم العالي غير المعترف بها، والمراكز التي توفر الدراسة عبر الانترنت والانتساب، من خلال إعطائها تراخيص اقتصادية من دون الرجوع إلى وزارة التعليم العالي.

وشدد ابوالعلا على أن الهيئة تعلن بصفة دورية في الصحف مطالبة الطلاب وذويهم بالاسترشاد بقوائم الجامعات المرخصة من الوزارة، والبرامج المعتمدة التي تقدمها، قبل التقدم للالتحاق ببرامج التعليم العالي، لكيلا يقع الطلبة تحت خدعة أن شهاداتها معترف بها دولياً، ويفاجأوا بأن شهاداتهم غير معترف بها داخل الدولة، مشدداً على ضرورة تحقق هيئات الترخيص في البلديات ودوائر التنمية الاقتصادية من موافقة وزارة التعليم العالي قبل منح الترخيص لهذه المؤسسات.

وأشار إلى أن هيئة الاعتماد الأكاديمي هدفها ضمان التزام مؤسسات التعليم العالي والبرامج الأكاديمية بالمعايير الدولية، من خلال إعداد وتنفيذ مقاييس الجودة، التي يتم على أساسها تقييم مؤسسات التعليم العالي الخاصة والبرامج العلمية من أجل ترخيصها واعتمادها.

إعلان مضلل

وأكد طلبة مدارس لـ«الإمارات اليوم» تكرار ظاهرة، استقبالهم رسائل إعلانية على هواتفهم الشخصية، وبريدهم الإلكتروني، إضافة إلى توزيع أشخاص منشورات أمام المدارس أثناء خروج الطلبة منها، لتشجيعهم على استكمال تعليمهم العالي وما فوقه، بنظام الدراسة عبر الانترنت في جامعات تحمل أسماء لافتة، وتؤكد هذه المنشورات أنها تقبل الطلبة الحاصلين على مجموع أقل من 60٪. كما أنها تتيح لراسبي الثانوية العامة الالتحاق بها بشرط تقديم شهادة النجاح خلال مدة الدراسة، مؤكدة بذلك أنها تساعدهم على عدم ضياع سنة من عمرهم في الإعادة.

وقال الطالب إبراهيم الظاهري، إنه تلقى رسائل عدة تدعوه لدراسة الهندسة في جامعة برلين للتعلم عن بُعد، والجامعة الاميركية في لندن، ومعهد واشنطن للعلوم الفضائية، وكلها تؤكد أنها معتمدة في بلدها، ومن دول الاتحاد الأوروبي، وأن حامل شهادتها يستطيع استكمال دراسته العليا في أي جامعة أوروبية، عن طريق الحضور المباشر.

وأشار الطالب عبدالله عبدالمغني إلى أنه يتلقى يومياً نحو 10 رسائل على بريده الإلكتروني، من مراكز تعليمية تدعوه للانتساب إلى جامعات داخل الدولة وخارجها، دون أن توضح ما إذا كانت شهاداتها معترفاً بها أم لا، خصوصاً أنها تتيح نظام الدراسة التقليدية، بجانب نظام الانتساب.

وقال إن تخصصات هذه الجامعات مغرية جدا، وبعضها غير متوافر في الدولة، أو محاط بشروط تجعل الالتحاق به صعبا، مثل الهندسة النووية، وهندسة الطيران، والعلوم البيولوجية، ما يغري للتفكير في الامر وقبوله.

ورفض الطالب في كلية التقنية العليا يوسف حميد، فكرة انسياق الطلبة وراء إعلانات الجامعات الخاصة غير المعترف بها، مشيراً إلى أن فكرة دراسة الطالب في جامعة تحمل اسماً رناناً، هي أول أسباب لجوئه إلى هذه الجامعات، خصوصاً إذا حصل على مجموع ضعيف، لا يؤهله للدراسة في التخصص الذي حلم به، مشيراً إلى أن الطالب يكتشف زيف هذه الجامعات، عقب انخراطه في الدراسة، ويدرك أنه خسر ماله وعمره، وأن شهادته لا تمكنه من العمل، وغير معترف بها في أي جهة.

وطالب حميد بـ«التصدي لهذه المراكز، ومنع نشر الاعلانات المضللة، التي يقع ضحيتها كثير من الطلبة والمواطنين»، وشرح أنه «خلال أداء الامتحانات الإلكترونية on-line quizzes لا يضمن الأستاذ أن الطالب لا يحاول الغش، وأن من يؤدي الامتحان هو الطالب نفسه وليس شخصا آخر. وتاليا، فالاعتراف بهذه الشهادات، كما يطالب البعض، سيرفد سوق العمل بحملة شهادات مزورة، لن تفيد الدولة في شيء وستكون عبئا عليها».

الدراسة عن بعد

من جانبها، أكدت مسؤولة أحد مراكز التعليم عن طريق الانتساب والتعلم عن بُعد في جامعات تحمل أسماء لافتة، طلبت عدم ذكر اسمها، أن «التعليم عن بعد أصعب بكثير، خصوصاً مع بعض الجامعات البريطانية، لأن الطالب يقدم ما يعادل خمسة أبحاث اسبوعياً، إضافة إلى ملخص عن كل مادة، لا تقلّ مساحته عن 5000 كلمة. وهناك حضور يومي لقراءة ما يكتبه الزملاء والمشاركة في المناقشة بما لا يقلّ عن 21 إجابة بمعدل 24 ساعة اسبوعيا. وكثير من الطلبة يرسبون، ولو قارنا ما تقوم به بعض الجامعات التي تفرض الحضور في تلك الجامعات، فسنجد الفرق في مصلحتها في كثير من الجوانب، مع العلم أن كلفة الدراسة في بعض الجامعات الالكترونية عالية، والطالب يلجأ إليها لرغبته في تعليم جيد ومتطور».

وقالت إن «الاعتراض على التعليم عن بُعد أو بنظام الانتساب، أصبح غير مسوغ، خصوصا أن هذه الجامعات تتيح للطلبة السفر والامتحان داخل قاعات، لدحض فكرة عدم وجود رقابة على الممتحنين، إضافة إلى أن بعض الجامعات التقليدية تعاني انتشار الغش داخل قاعات الامتحانات».

أما ليزا باخوس، وهي مسؤولة مركز تعليميّ، فلفتت إلى أن الدراسة عن بعد موجودة في أكثر من 30 جامعة حول العالم. وتابعت أن التعليم عن بعد هو أن تجلس في بيتك أو في أي مكان في العالم، وتحضر المحاضرات «اونلاين» عن طريق الانترنت، ويجب ان تحضر عددا معينا من الساعات في كل فصل دراسي، لكي تتمكن من أداء الامتحان، الذي يكون عن طريق السفر إلى مقر الجامعة، أو أدائه في المركز، في حضور مراقبين من الجامعة نفسها، لافتة إلى أن الطالب يتخرج في جامعات عريقة وقوية ومعترف بها في التعليم العالي، في أميركا والدول الأوروبية، ولكنها غير معترف بها في التعليم العالي الاماراتي.

وأشارت إلى أن هذه الطريقة ملائمة لكثير من الأشخاص الذين لم يحصلوا على فرصة التعليم، أو فاتهم القطار وأصبحوا مكبلين بالوظيفة والبيت والاولاد، ولا يملكون الوقت الكافي للالتزام بالمحاضرات، مطالبة وزارة التعليم العالي بمراجعة الامر مرة أخرى لأن هذا النظام يعتبر متنفس لشريحة كبيرة تحلم باستكمال تعليمها.

وعرض إعلان جامعة واشنطن للتعلم عن بعد، مزايا هذا النظام لكونه، ينقل العلم من مراكز تجمعه في عواصم الدول إلى المدن البعيدة، التي لا تتوفر فيها وسائل وسائط المعرفة الضخمة، المتخصصة. ويكون الاتصال بين الطالب والمحاضر تفاعلياً. ويتيح نظام التعليم عن بعد إمكان تلقي المحاضرات من مصدر بعيد عن مكان المحاضرة بالسرعة نفسها، ما يمكن من بث المحاضرات الحية والمسجلة بكفاءة عالية، إذ يمكن للطالب أو المستمع حضور محاضرة داخل حدود الدولة أو خارجها. وأكد الاعلان وجود مزايا عدة للتعلم عن بعد، منها الاستغلال الجغرافي، حيث لا يحتاج الطالب والاستاذ إلى أن يكونا موجودين في مكان واحد من أجل تبادل المعلومات والاستغلال الوقتي، لأنه من غير الضروري أن يكون كل من الطالب والأستاذ موجودين في زمن واحد لتبادل المعلومات، وأن استخدام الكمبيوتر كوسيط لنقل المعلومات يعني أيضا استغلال سرعة الكمبيوتر وإمكاناته في العملية التعليمية، وهو أمر يساعد على تطوير هذه العملية. كما أن التعلم عن بعد يوفر فرص التغلب على مشكلة الطاقة الاستيعابية للجامعات والهيئات التعليمية.

قوائم إرشادية

في المقابل، حذرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الطلبة المواطنين من الالتحاق بمؤسسات تعليمية اعتادت نشر إعلانات في وسائل الإعلام، خصوصاً المقروءة، تزعم فيها منح مؤهلات من جامعات معتمدة، مصدقة من جهات خارجية، وتتم الدراسة بها بالطرق غير التقليدية، كالتعليم عن بعد.

وأكدت الوزارة عدم اعتمادها أساليب التعليم غير التقليدية، مشترطة انتظام الطالب انتظاماً كلياً في الدراسة في مقر الجامعة في بلد الدراسة، وأن يحصل على موافقتها قبل التحاقه بأيّ مؤسسة تعليمية.

وقال وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور سعيد حمد الحساني، إن التحاق الطالب ببرنامج معتمد أكاديمياً من الوزارة، يضمن له التصديق على الشهادة التي سيحصل عليها بعد تخرجه، وهو أمر تطلبه المؤسسات الاتحادية، وكثير من جهات التوظيف المحلية من الخريج، للموافقة على تعيينه فيها، أو الاعتداد بالشهادة المصدق عليها كأساس للترقي والابتعاث خارج الدولة، للحصول على درجات علمية أعلى.

وأوضح الحساني أن الوزارة تنظم كل عام حملة على موقعها الإلكتروني، عقب نتائج الثانوية العامة، لحثّ الطلبة الراغبين استكمال دراساتهم الجامعية داخل الدولة أو خارجها، على مراجعتها، للتأكد من أن الجامعة التي يرغبون الالتحاق بها مرخصة، ومعترف بها داخل الدولة، حرصاً على مصلحتهم ومستقبلهم. وتابع «ليس مقبولا أن يدرس طالب أربع سنوات داخل مؤسسة جامعية ولا يعرف ما إذا كانت مرخصة أو لا». وأضاف: «يتعين على الطلبة الالتحاق بكليات معتمدة حتى يستطيعوا الالتحاق بعمل مناسب»، موضحاً أن «مؤسسات سوق العمل تفضل خريجي الجامعات المعتمدة على الخريجين الآخرين، لأن هذه الجامعات تضمن لهم حصولهم على العلم، وصقلهم بخبرات التدريب، خلال سنوات دراستهم».

تويتر