مديرو مدارس: الخطر يكمن في مرحلة المراهقة.. والأسرة تتحمّل جانباً من المســـــؤولية.. وذوو طلبة يحذرون:

غياب المشرفين يؤجج عنف الطــلبة خلال «الفسحة»

وجود مشرفين يمنع المشكلات بين الطلبة في الفسحة. الإمارات اليوم

أبدى ذوو طلبة تخوّفهم على أبنائهم، بعد وقوع حادثي عنف طلابي داخل مدارس في أسبوع واحد، الأول «تعرّض الطالبة لجين حسين للضرب من قبل أربعة طلاب في الصف الرابع، ما أدى إلى إصابتها بنزيف في المخ»، والثاني «إصابة الطالب المواطن أحمد عبدالرحمن الصباغ، في الصف الثامن، بإغماء وتشنّجات، نُقل على إثرها إلى المستشفى، وتم احتجازه، نتيجة محاولة صديقه تنويمه مغناطيسياً»، مؤكدين أن ضعف الرقابة على الطلبة أثناء الفسحة وراء زيادة العنف الطلابي.

وحذّر آباء من تزايد ظاهرة العنف بين الطلاب، وارتفاع أعداد الطلبة المشاكسين، خلال الفسحة في ظل غياب الاشراف المدرسي، الذي يدفع طلاباً الى محاولة بسط سيطرتهم على زملائهم، سواء بالاعتداء اللفظي أو الجسدي، مؤكدين أن مدارس عدة شهدت حالات عنف طلابي خلال العام الدراسي الجاري، أغلبها حدث في أوقات دخول وخروج الطلاب وأثناء الفسحة، نظراً الى غياب الاشراف، وانشغال المناوبين بأعمال أخرى. مطالبين بضرورة وضع المدارس خططاً تنظيمية لادارة سلوك الطلاب ومراقبتهم أثناء فترة الفسحة المدرسية، وفي أوقات الدخول والخروج من المدرسة، لمنع أية مشاجرات أو احتكاكات بينهم، خصوصاً مع تكرار الحوادث الطلابية داخل المدارس، سواء كانت نتيجة مشاجرات أو مزاح.

وأكد طلاب في المرحلة الثانوية، أن «الشللية» هي أهم أسباب الشجار والعراك داخل المدرسة، خصوصاً في وقت الفسحة التي يتجمع فيها الطلبة ويدور بينهم مزاح قد ينتهي إلى شجار أو مشاحنات، قد تتطور إلى عراك في حالة غياب المعلمين والمشرفين.

فيما ذكرت إدارات مدارس ومعلمون أن المشكلة تحدث في لحظة، ومعظمها يتم احتواؤه بسرعة، مشيرين إلى أن العائلة تتحمل جزءاً من المسؤولية بسبب تشجيع أبنائها على رد العنف بالعنف، بدلاً من نصحهم باللجوء إلى المشرف.

معارك «الشللية»

تنافس الطلبة

قال الطالب إبراهيم البلوشي إن الفسحة مدتها نصف ساعة، 10 دقائق منها لتناول الطعام و20 دقيقة للمزاح واللعب، الذي يتطور احياناً إلى مشاجرات، ولكنها في اغلبها بسيطة تنتهي فور ظهور المشرف أو تدخّل الاصدقاء المشتركين، لتهدئة الموقف.

وذكر طالب في الصف الثاني عشر، بإحدى المدارس الخاصة، شريف محمود، أن معظم حالات الشجار تكون بسبب التنافس بين الطلبة، ودائماً الطالب المغرور هو من يسعى للاصطدام ببقية زملائه، لفرض سيطرته عليهم واثبات أنه زعيم «الشلّة».

واوضح شريف أن المدرسة لا يوجد فيها مشرفون بالمعنى الواضح، ولكن يتولى هذا الدور الاخصائي الاجتماعي، وبعض المعلمين المرهقين من التدريس منذ بداية اليوم الدراسي، فيكون أداؤهم وتركيزهم على الطلاب الموجودين في الساحة المدرسية ضعيفاً.

ووصف الطالب أحمد حمدان الرقابة المدرسية على الطلاب، اثناء الفسحة والدخول والخروج من المدرسة، بالضعيفة، مشيراً إلى أن المناوبين على الاشراف دائما يكونون مشغولين عن متابعة الطلاب، بالأحاديث الجانبية مع بعضهم.

وعزت طالبة في الثاني عشر، ريم حمدي، مشكلات الطالبات أثناء الفسحة، وخلال فترة الدوام بشكل عام، إلى الغيرة والتنافس، سواء في الشياكة والمظهر أو الجمال، مشيرة إلى أن اهتمام المعلمات بطالبة معينة يدفع بعض الطالبات إلى الغيرة، مؤكدة أن مشاجرات الطالبات مع بعضهن، دائماً، تكون لفظية، ونادراً ما تتطور إلى تشابك بالأيدي، خصوصاً أن المشرفات والمعلمات يتدخلن لانهاء أي مشكلة فور حدوثها، وتحويل الطالبات إلى المديرة لاستطلاع الامر.

وأيدتها زميلتها حنان المسعود، لافتة إلى أن بعض المعلمات يذكين روح الخلافات بين الطالبات، خصوصاً إذا كانت المعلمة لا تحب طالبة، فتسعى دائماً للسخرية منها أمام زميلاتها، ما يشجعهن على تقليد المعلمة، مشيرة إلى أن الرقابة المدرسية ضعيفة، خصوصاً في المدارس الخاصة التي غالباً ما يكون عدد المشرفات فيها قليل، وتكون لهن مهام أخرى كثيرة غير التفرغ لمراقبة الطلبة داخل المدرسة، وضبط السلوك وحفظ النظام.

وتفصيلاً، أكدت والدة طالبين بالحلقتين الثانية والثالثة، (أم عبدالله)، أن مشكلات الطلاب في المدرسة لا تنتهي، خصوصاً في الاعوام الاولى من الدراسة، مطالبة بضرورة تشديد الرقابة المدرسية، ومراقبة أداء المشرفات في المدارس، والتأكد من قيامهن بحفظ الامن والنظام داخل المدرسة، وغير مكلفات بمهام أخرى تشغلهن عـن أداء مهامهن.

وأفاد والد خمسة طلبة، جمعة إبراهيم، بأن ظاهرة الطالب المشاكس انتشرت في الفترة الاخيرة، خصوصاً في بعض المدارس الخاصة، التي تخاف من اتخاذ أي قرار رادع ضد الطلبة المخالفين، مشيراً إلى تعرّض ابنائه لاكثر من حادث عنف داخل المدرسة.

وأضاف أن إدارة المدرسة في كل مرة تحاول تهوين المشكلة وتصفها بأنها «شقاوة» طلبة لا تستدعي القلق، وتكتفي بتنبيه والد الطالب المشاغب بعدم تكرار ذلك، دون أن تعترف بوجود تقصير من جانبها.

فيما أكدت والدة طالبة بالصف السابع، (أم محمد)، أن ابنتها أصبحت تخاف الذهاب إلى المدرسة، بعد أن تعرضت أكثر من مرة إلى مضايقات من زميلاتها، كونها تستخدم نظارة كبيرة لضعف بصرها، مشيرة إلى ان الطالبات يتعمدن مضايقتها وخطف النظارة.

وأشارت إلى أنها اشتكت الطالبات إلى إدارة المدرسة، ومعلمات الصف، دون أي نتيجة، ما أثر في نفسية ابنتها، خصوصاً بعد أن كسرت طالبة نظارتها، وظلت هي وصديقاتها يضحكن عليها، لافتة إلى أن تصرّف المدرسة كان سلبياً، ولم تتحرك وتتخذ قراراً عقابياً ضد هذه الطالبة، إلا بعد أن هددتهم باللجوء إلى الشرطة.

مشكلة سلوك

في المقابل، أكد مديرو مدارس ومعلمون أن المشكلة بين الطلاب تحدث في لحظة، ومعظمها يتم احتواؤه بسرعة، مشيرين إلى أن مشكلة السلوك الطلابي العنيف ناتجة في الاساس من المنزل، نتيجة خلل في التربية من البداية، أو تعرّض الطالب لظروف اسرية غير سليمة، خصوصاً أنهم يتعاملون مع طلبة ينتمون إلى بيئات مختلفة، ما يستدعي الحذر في التعامل معهم، لفرض النظام والانضباط السلوكي.

وقالت مشرفة في مدرسة خاصة، وفاء خيري، إن الاهل يلعبون دوراً رئيساً في تنامي العنف بين الطلاب، خصوصاً أن العديد منهم يحث ابناءه على ضرب من يضربه، بدلاً من أن ينصحه باللجوء إلى المعلم أو المشرف، وبالتالي ينشأ الطفل على العدوانية، ويكون سبّاقاً في الاعتداء على زملائه، بتشجيع من الأهل.

وأفادت مشرفة أخرى، طلبت عدم ذكر اسمها، بأن البيئة المحيطة بالطالب تلعب دورا اساسياً في تكوين شخصيته، لافتة إلى أن التدليل المفرط لبعض الطلبة، يؤدي بهم إلى سلوكيات شاذة تظهر في استخدام العنف ضد زملائهم، وعدم احترام المعلم أو المدرسة.

وأشارت إلى أن إلقاء مسؤولية العنف المدرسي بين الطلاب على عاتق المشرف أو المعلم يعتبر نوعاً من الظلم، خصوصاً أن ذوي الطلاب أنفسهم دائماً يُبدون سعادة عندما يكون ابنهم هو المعتدي، ولا يشتكون إلا في حالات تعرّض أبنائهم للضرب.

إلى ذلك، أكد مساعد مدير مدرسة الرواد، سالم الكثيري، أن المدرسة تنظم أنشطة أثناء الفسحة، لصرف الطلاب عن المزاح والعراك، إذ يتولى مدرس التربية الرياضية تنظيم دوري لكرة القدم، وتقام كل يوم مباراة يلعب فيها فريقان، ويتابعها بقية طلبة المدرسة.

وأشار الكثيري إلى وجود 15 مناوباً في المدرسة، يتابعون ضبط النظام منذ فتح أبواب المدرسة وحتى إغلاقها، مشيراً إلى أن سبب المشكلات بين الطلاب ووصولها إلى مشاجرات في أي مدرسة، هو غياب المشرفين.

ضبط النظام

فيما أفاد مدير مدرسة خليفة بن زايد الثانوية، عبدالله العطاس، بأن ضبط النظام داخل المدرسة، وتنظيم حركة الطلاب في الفسحة، يعود إلى اجتهادات كل مدرسة، وكيفية متابعة ادارتها لسلوك الطلاب، مؤكداً أن الدور التربوي للادارة المدرسية لا يقل عن الدور التعليمي.

وأوضح العطاس أن مشاجرات الطلاب في المدارس لا تعتبر ظاهرة، وهي مازالت حالات فردية يجب العمل على القضاء عليها، مشيراً إلى أن مشاجرات الطلاب ومشاحناتهم لا تتم في وقت الفسحة فقط، ولكن من الممكن أن تحدث داخل الصف المدرسي، أو أثناء الخروج من المدرسة.

خطة واضحة

من جانبها، قالت مديرة مدرسة أشبال القدس الخاصة، أمية علوان، إن الإدارة المدرسية يجب أن تضع خطة واضحة لادارة وقت الفسحة، للسيطرة على أعداد الطلبة الكبيرة، ومنع أية مشاجرات بينهم، ومحاولة شغل أوقاتهم بأنشطة مفيدة.

وتابعت: «أقوم بتقسيم الطلاب من رياض الاطفال وحتى الصف الثالث، لهم فسحة خاصة، ومن الصف الرابع وحتى السادس، فسحة، ومن السابع إلى التاسع، فسحة، ومن العاشر وحتى الثاني عشر، فسحة، وذلك لتقارب الاعمار والهوايات، لمنع وقوع مشكلات»، مشيرةً إلى أن معظم المشكلات تقع بين الطلبة من الصف السادس وحتى العاشر، لأنها فترة المراهقة والانانية، وتكون الفسحة للعب أكثر منها للراحة. وأضافت «لا أحد يستطيع تحديد متى تحدث المشكلة، ولا توجد مدرسة تخلو من وقوع مشكلات بين الطلاب، لذلك يجب على الإدارات التيقظ، لمنع تفاقم أية مشكلة وحلّها بسرعة، وذلك عن طريق انصاف المظلوم، حتى لا يكرر الطرف الظالم فعلته، أو يفكر المظلوم في الانتقام».

وأشارت إلى ضرورة اختيار المدرسة المشرفات والمناوبات النشيطات، حتى يتمكنّ من المتابعة الدقيقة للطلبة، والوجود في الاماكن الاستراتيجية، التي تمكنها من متابعة الطلاب بصورة دقيقة، لافتة إلى ضرورة نزول المناوبات ووجودهن في الساحة المدرسية قبل نزول الطلاب، ليتمكنّ من تأدية عملهن بصورة جيدة.

تويتر